توجّه جديد تسير عليه فرق الدوري اللبناني لكرة القدم في الوقت الحالي، إذ أن تغيير الأجانب واختلاف الحسابات المالية فرضا تعاطياً مغايراً مع الواقع العام، فباتت فرق المقدّمة مثلاً تتطلع إلى كيفية تعويض النقص الفنيّ لديها من خلال استخدام إمكاناتها المادية المتاحة، بينما ذهبت فرقٌ أخرى إلى تسخير ما تملكه من مواهب وأسماء في خدمة النادي عبر محاولة الاستفادة من مردود بيعها بهدف تمويل موسمها المتوقّع أن يكون الأصعب بفعل الأزمة التي تضرب البلاد.من هنا، بادرت الأندية الميسورة رغم الأزمة إلى المسارعة لتعزيز صفوفها، عبر ملء الفراغ الذي خلّفه رحيل الأجانب عنها أو حتى انتقال لاعبيها المحليين إلى أندية في الخارج، أو فسخ البعض منهم لعقودهم ومغادرتهم لبنان إثر تفاقم أزمة سعر الصرف، ووصول بعض هؤلاء اللاعبين إلى حائطٍ مسدود مع الأندية التي يدافعون عن ألوانها لناحية التوصل إلى اتفاقات تقارب الأرقام المكتوبة في عقودهم بالعملة الصعبة.
لذا باتت الأمور واضحة أخيراً، إذ أن مجموعة من الأندية عانت كثيراً في المواسم القريبة الماضية للنهوض وتخطّي أزماتها المالية المتلاحقة، لكنها اليوم لم تعد تستطيع الاعتماد على هذا الداعم أو ذاك بفعل الأزمة التي أثّرت سلباً على الجميع، فساءت حالتها أكثر. أما الأندية التي لم ترزح تحت ثقل مشاكل فعليّة فهي لا يفترض أن تعاني مثل غيرها، وخصوصاً أنها عرفت تسيير أمورها وحلّ العقد لتُرسي هدوءاً واستقراراً في المرحلة المقبلة.
ويمكن لنا أن نأخذ العهد والأنصار مثالاً حصرياً على المقولة الأخيرة، إذ لا يخفى أن إدارة الناديين أرست حالة من الاستقرار المالي في المواسم الماضية، وهو أمر جعل اللاعبين يحصلون على حقوقهم من دون مشاكل تُذكر. وهذا العمل انعكس إيجاباً على توجّههما الجديد، فكانت المفاوضات سلسَة مع اللاعبين لتحويل رواتبهم إلى العملة المحلية أو القبول بتعديل عقودهم لتخفيض قيمتها. كما أن العمل الصحيح والواضح ساعد الناديين في مجال التفاوض مع لاعبين جدد بغية ضمّهم إلى تشكيلتيهما.
والأهم من كل هذا أن نادياً مثل العهد، يمكنه أن يكون مرتاح البال لمواسم عدة، بعدما كسب 1.6 مليون دولار من خلال فوزه بكأس الاتحاد الآسيوي، وبالتالي فإنه سيستفيد من هذا المبلغ كثيراً وفق أسعار الصرف الحالية التي أصابت أرقاماً جنونية، وذلك لكي يموّل صفقاته، تماماً مثلما فعل حين ضمّ الحارس الدولي مصطفى مطر من السلام زغرتا إلى تشكيلته مقابل 525 مليون ليرة، وهو مبلغ كان ليعتبر ضخماً قبل أشهر، لكنه اليوم يوازي مبلغاً مقبولاً جداً إذا كانت العملية الحسابية مستندة إلى سعر السوق السوداء.
وكذلك بالنسبة إلى الأنصار الذي يسير على خطى العهد من خلال تجميع أفضل اللاعبين المحليين في صفوفه، إذ سبق أن أنهى مع الإخاء الأهلي عاليه التفاوض حول المهاجم الموهوب كريم درويش، ويعمل حالياً على ضمّ أحمد حجازي المعار إليه من الفريق الجبلي، والحارس الدولي هادي مرتضى. أضف إلى ذلك أنه الوحيد من بين فرق الطليعة الذي سيكون تحت إشراف مدربٍ أجنبي وهو العراقي عبد الوهاب أبو الهيل.
نادٍ مثل العهد يمكنه أن يكون مرتاحاً بعدما كسب 1.6 مليون دولار من خلال فوزه بكأس الاتحاد الآسيوي


كل هذا يعني أمراً واحداً بالنسبة إلى الفريقين وهو أنهما لا يزالان يعملان لتكوين فريقين قادرين على المنافسة، انطلاقاً من قدرتهما المالية التي وجدا التوازن لها، تماماً كما سيفعل البرج المستقرّ بدوره في هذا الإطار، وربما شباب الساحل الذي وضع موازنة واضحة، ويفترض أن يعرف استقراراً في حال تمّ تنفيذها وفق الرؤية التي وضعتها الإدارة الحالية، والتي يرى رئيسها الحالي سمير دبوق أن المبلغ المرصود لن يكون مشكلةً في حال التوقّف عند سعر الصرف.
ومن هذا المشهد العام، تحرّكت سوق العرض والطلب، إذ أن الفرق التي تعاني مادياً تبحث عن السبل الكفيلة لتأمين حاجاتها وموازنتها من خلال السوق نفسها، لكن لا من خانة الشراء بل من خانة البيع حصراً في الوقت الحالي.
هو أمر تترجمه ربما خطوة السلام زغرتا باستغنائه عن مطر الذي كان قد اشترى نادي العمال طرابلس عام 2015 (تمّ تغيير اسمه إلى أمل السلام زغرتا في عام 2016) لكي يحصل على توقيعه، وهي صفقة قيل عامذاك إنها كلّفت النادي الزغرتاوي حوالى 220 ألف دولار، أي أن ما حصل عليه حالياً هو أقل بكثير مما دفعه. هي الخطوة نفسها التي لجأ إليها الإخاء أيضاً عبر الإعلان المسبق بأنه سيعتمد على جيل الشباب والاهتمام بفئات أخرى في النادي، ومن ثم ذهب إلى إبداء استعداده للتفاوض حول نجومه مع الأندية التي بادرت إلى سؤاله عنهم.
ومما لا شك فيه أن الأمر لن يطول حتى يصل إلى أندية أخرى، إذ هناك كلام واضح حول اتّخاذ الصفاء هذا التوجّه عبر بيع لاعبين مثل عمر الكردي (اتفق مع نادي النجمة أخيراً) وزين طحان لسدّ العجز المالي، الذي يعاني منه النادي أصلاً بعد انسحاب رئيسه غازي الشعار من المشهد، وعدم دخول متموّل جديد أو تشكيل إدارة جديدة يمكنها أخذ الأمور على عاتقها.
بطبيعة الحال، لا يمكن لوم أيّ نادٍ حول أي خطوة يتخذها، إذ على الأقل تسعى الأندية التي تبيع لاعبيها حالياً إلى محاولة البقاء على قيد الحياة عبر مقاومتها الصعاب، فهي لم تلجأ إلى الانسحاب أو ترك الساحة نهائياً. لكن ما يمكن أن يثير القلق هو الفارق في المستوى الذي يمكن أن يظهر بين نادٍ وآخر، ما سيؤثر على المنافسة العامة، ويجعل بعض المباريات محسومة النتائج حتى قبل بدايتها.



الصفاء ينتظر إميل رستم


تواصل نادي الصفاء مع مدرّبه السابق إميل رستم للإشراف على فريقه في الموسم الجديد، وهو الذي حقّق معه آخر لقبٍ للنادي في موسم 2015-2016. المدرب الوطني كان قد غاب عن أندية الدرجة الأولى في الموسم الماضي، وإذا ما عاد إلى الصفاء فهو سيجتمع مجدّداً بالمدرب غسان أبو دياب الذي كان قد أشرف على تمارين الفريق أمس على ملعب بئر حسن.
وبحسب معلومات خاصة لـ «الأخبار»، فإن رستم لن يعطي أي جواب للصفاء قبل أن يستطلع الوضع في نادي الحكمة الذي يشرف على مشروع كرة القدم فيه، وخصوصاً أنه كان وراء ضمّ مجموعة كبيرة من اللاعبين الذين وافقوا على الارتباط بالنادي الأخضر بناءً على طلبٍ منه.