منع محافظ بيروت القاضي مروان عبود انعقاد الجمعية العمومية لنادي الحكمة لانتخاب لجنة إدارية جديدة مؤلفة من 7 أعضاء، مستنداً الى قوانين الإجراءات الصحية المتبعة في ظل تفشي وباء «كورونا» في البلاد، حيث كان القرار برفض التجمّع الحكموي الانتخابي.قرارٌ استغربته إحدى الجهتين المتنافستين على الفوز بالانتخابات، ورأت جهة أخرى أنه عاديّ بالنظر الى المسار الذي اتخذته للحصول على الضوء الأخضر لانتخاب إدارة خليفة لإدارة الرئيس المستقيل إيلي يحشوشي.
الواقع أن اسم الأخير لا يزال حاضراً بقوة، فهو يدعم إحدى اللائحتين، واللائحة المدعومة منه تملك بحسب مصادر الجمعية العمومية الحظوظ الأعلى للفوز بالعملية الانتخابية التي كان يمكن أن تحسمها منذ الجلسة الثانية وفق قاعدة النصف زائداً واحداً. لكنّ إشكاليّة كانت قد طفت الى العلن تتمثّل بدخول 108 أعضاء جدد الى الجمعية العمومية، وهم أولئك الذين انتسبوا إليها العام الماضي وأصبح يحقّ لهم التصويت تحديداً في 5 آب الماضي. وهذه المسألة كانت قد واجهت طعناً من الجهة المنافسة للائحة يحشوشي، وذلك رغم أن الإدارة كانت قد أشارت علناً الى فتح باب الانتساب لتدخل الى الجمعية أسماء لها ثقلها في تاريخ النادي وفي مجلس الأمناء، أمثال روز وبيار شويري وميشال أبي رميا والوزير غسان حاصباني.
مصادر الجهة الداعية للانتخابات تقول إن الأعضاء الـ 108 يحق لهم التصويت ولا غبار على وجودهم ضمن الجمعية العمومية، وقد تمّ تسديد اشتراكاتهم بالفعل، أي أنهم استوفوا الشروط القانونية، مشيرةً في الوقت عينه الى أن اللائحة المنافسة لم تسدّد اشتراكات سوى المرشحين السبعة، ما يعني بحسب اعتبارها أن فوزها حتمي.
وبحسب «البوانتاج» والأرقام، فقد انتخب في المرة الماضية 398 عضواً منتسبين الى الجمعية العمومية، إذ كانت الإدارة السابقة قد سدّدت اشتراكات 173 شخصاً مقابل حوالى 75 اشتراكاً تمّ تسديدها من قبل الجهة التي خسرت الانتخابات وقتذاك. أما الأسماء الأخرى ضمن لائحة من يحقّ لهم الانتخاب فضمّت أشخاصاً غائبين أو متوفّين، على غرار الرئيسين السابقين للنادي أنطوان شويري وهنري شلهوب.
وهذه الأرقام تعني أن إدارة يحشوشي سدّدت اشتراكات 312 شخصاً، ما يعني بحسب مصادرها أنه حتى لو فازت الجهة المنافسة لها بالطعن، تشير العملية الحسابية البسيطة الى حصولها على 204 أصوات في الانتخابات المرتقبة.
لكن الانتخابات في هذا النادي الذي اعتاد المشكلات والمواجهات والتخوين بين أبنائه لن تحصل في وقتٍ قريب، فقرار وزارة الشباب والرياضة الذي كان قد دعا الى إجراء الانتخابات، فرض الحصول على إذنٍ من بلدية بيروت لإجرائها. وبعد العودة الى البلدية، تمّ الطلب للحصول على ورقة من وزارة الصحة تجيز العملية، فتمّ التواصل مع رئيسة قسم الطب الوقائي عاتكة بري التي سألت عن عدد أعضاء الجمعية العمومية، لتؤكد أن تجمّعاً كهذا هو مخالف للإجراءات الصحية كون القانون لا يسمح بتجمّعات تزيد عن 8 إلى 10 أشخاص في قاعة مقفلة. كذلك، أقرّ المحافظ منع الانتخابات بعد حصوله على نسخة عن أعضاء الجمعية العمومية والذين يصل عددهم الى 506 أشخاص.
المطلوب حكمويّاً هو تعزيز العلاقة مع المطرانيّة وإبعاد النادي عن الديون التي أرهقته


واللافت أن هذا القرار رآه الطرفان مضرّاً بحظوظهما، ليؤجّل قرار الجمعية العمومية بترك الثقة لاحدهما على الآخر مع تأكيد كل طرفٍ أنه سيخرج فائزاً. واللافت أن اللائحة المدعومة من يحشوشي تضم أسماء كان لها أدوار مختلفة في العائلة الحكموية أو الرياضة اللبنانية، فقد ترشّح المدرب التاريخي للنادي إميل رستم (المشرف حالياً على لعبة كرة القدم)، والزميل إيلي نصار (مسؤول إعلامي ولاعب سابق في الحكمة)، وجوزف مخايل (تسلّم رئاسة رابطة المشجعين)، وجورج مرهج (إداري في فريق كرة القدم)، وجان أبو حيدر (ألتراس الحكمة)، إضافةً الى فادي باسيل (إداري في فريق بنك بيروت للفوتسال سابقاً)، وجورج غريّب (رئيس اتحاد كشاف لبنان – صاحب شركة تدقيق ومحاسبة).
كما أن اللائحة الأخرى تضم أسماء عُرفت منذ زمن طويل بعملها الإداري في النادي واختبرت محطات عدة فيه وشغلت مناصب مختلفة، فقد ترشّح عنها: سامي برباري، روميو أبي طايع، باتريك عون، ميشال خوري، مارك بخعازي، سمير نجم وإيلي ماتوسيان.
لكن السؤال وبغض النظر عن اسم اللائحة الفائزة: من سيتمكن من الحفاظ على النادي ويبعده عن شرّ الزوال، ومن سيستطيع تأمين المال وتذويب الديون؟
الواقع أن العقبات أبعد بكثير أيضاً من هذا السؤال، فالمطلوب اليوم تعزيز العلاقة مع مطرانية بيروت للموارنة والأب الروحي للنادي لكي تبقيه على قيد الحياة، وإبعاده عن مشكلة تراكم الديون التي عرفها وأرهقته عبر السنوات. أضف الى مسألة أساسية وهي استكمال ما تمّ بدء العمل لتأمينه، وتحديداً لناحية فريق كرة القدم الذي كان يحشوشي قد تكفل بدفع مستحقاته (61 مليون ليرة) الشهر الماضي.
والحديث عن المال يوصل أصلاً الى خلاصة لا يبدو أن هناك مفرّاً منها في الفترة المقبلة، وهي تُختصر بإصرار المطرانيّة على الابتعاد عن كل المشاكل الحاصلة والديون مهما كان شكل الإدارة، إذ تفضّل بوضوح إعادة النادي الى أولاد المدرسة، وهو طلب المطران بولس عبد الساتر الذي لا يمكن تطبيقه بـ»كبسة زرّ» كون النادي ارتبط ولا يزال بعقود مع لاعبين لا يمكنه الخروج منها خلال فترةٍ زمنية قصيرة، وذلك في وقتٍ يفترض فيه القول إن طلب المطران قد يبدو واقعياً في ظلّ الأزمات المتلاحقة حكموياً ووطنيّاً حيث سيكون وقف المبالغة في دفع ملايين الليرات والدولارات حجراً أساسياً في العمل على الحفاظ على اسم النادي الذي وصل الى العالمية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا