تمارين في السرّ، وعدم انصياع للقرارات الحكومية، ومواجهات مع القوى الأمنية، وتنسيق ربما مع بعضها، واتصالات في اتجاهات مختلفة لتأمين الدعم اللازم للحصول على الضوء الأخضر. كل هذا حصل خلال الأسبوعين الماضيين، إذ هو مخطئ من يعتقد أن الجمود الذي أصاب قطاعات مختلفة في البلاد وصلت مفاعيله إلى كرة القدم لأن فرق دوري الدرجة الأولى ومن دون أن تضطر للاتفاق في ما بينها ذهبت إلى متابعة تمارينها وإلى خوض مباريات وديّة على ملاعبها وخارجها.هي مسألة مهمة جداً للحفاظ على جهوزية اللاعبين وعدم خسارة كل تلك التحضيرات التي قامت بها الفرق عشية انطلاق الموسم أو خلال المراحل الست التي سبقت التوقّف. هي أيضاً مرحلة مهمة بالنسبة إلى نصف الفرق تقريباً وتحديداً تلك التي لم ترتقِ إلى مستوى فرق المقدّمة بفعل عدم جهوزيتها أو إطلاق استعداداتها بشكلٍ متأخّر، ما يعني أنها استفادت من فترة الإقفال العام للعمل على تقليص مشاكلها الفنية ومحاولة تحسين ما يمكن تحسينه قبل العودة إلى المنافسات.
وبالطبع كانت الفرق التي تملك ملاعب خاصة مرتاحة أكثر من غيرها خلال هذه الفترة الحسّاسة، إذ امتلكت القدرة على التحكم بأوقات تمارينها وبأبواب ملاعبها، وخصوصاً أن الهدف المشترك بين كل الفرق كان إقامة التمارين خلال تواقيت مبكرة تفادياً لوقوع اللاعبين في مشاكل حظر التجوّل الذي تمّ إقراره ابتداءً من الساعة الخامسة من بعد ظهر كل يوم. أما في ما خصّ الشق الآخر المرتبط بأبواب الملاعب فهذه المسألة كانت دقيقة لعدم «تفتيح العيون» على نشاطٍ غير مسموح، وذلك في وقتٍ تشير فيه مصادر إلى أن بعض الفرق التي تستخدم ملاعب خاصة بالبلديات وجدت صعوبة بدايةً للشروع في تنظيم تمارين لأن البلديات نفسها تفادت إحراج نفسها بالسماح لها بالتدرّب، بينما كان «التطنيش» حاضراً في أماكن أخرى من باب الخدمة أو «الواسطة» التي لا يمكن إسقاطها أصلاً من الحياة اليومية في لبنان.

فرقٌ مرتاحة في ملاعبها
المهم أن الأندية استفادت ولم تخسر كل ما قامت ببنائه، فالأنصار متصدّر الترتيب مثلاً لم يتوقف عن التدرّب طوال أيام الأسبوع ما عدا السبت والأحد، فخاض بدايةً مباراتين ضد شباب الساحل والمبرة، ومن ثم لعب الأسبوع الماضي أمام الراسينغ، فائزاً في المباريات الثلاث.
وحدها مشكلة «كورونا» التي لم يشأ النادي التداول بها هي من عرقلت التدريبات، وخصوصاً بغياب أقلّه 4 لاعبين عن الفريق الأول بعد ظهور نتائج إيجابية لفحوصاتهم التي أجريت الإثنين الماضي، حيث تبيّنت إصابة الثلاثي بلال نجدي وعلاء البابا وغازي حنيني، إضافةً إلى الناشئ حسين شحادة، علماً أن حنيني كان قد أعلن إصابته بالفيروس في 8 تشرين الأول الماضي، ومن ثم عاد إلى الفريق الأخضر، لكن على ما يبدو أن نتيجة «المسحة» التي خضع لها سابقاً لم تكن دقيقة!
وكغيره من الفرق البيروتية لم يتأثر الأنصار بقرار المفرد والمزدوج لأن اللاعبين الذين يستخدمون السيارات تشاركوا هذه الوسيلة للتنقل والحضور إلى الملعب بحسب ما يسمح به القرار الحكومي يومياً.
لكنّ فرقاً أخرى لم تواجه هذه العرقلة أصلاً على غرار وصيف الدوري الإخاء الأهلي عاليه الذي واظب على التدرّب، مستفيداً من سكن غالبية لاعبيه في بحمدون التي لم يغادروها سوى خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وعرف الفريق الجبلي فترتين مختلفتين أخيراً، أولاهما استفادته من التوقف للعمل على النواقص في ما خصّ الجانب الفني والاستراتيجي للاعبين، وخصوصاً تلك الجوانب التي لم يسمح الوقت لتلقينهم إياها. أما الفترة الثانية فهي تركزت على خوض المباريات التحضيرية، فلعب الإخاء مع فريقين مهمين هما شباب الساحل الذي تغلّب عليه 4-1، والعهد الذي سقط أمامه 1-2. لكن هذه الخسارة لا تعني شيئاً مقارنةً بخسارة عددٍ من اللاعبين بسبب الإصابة وهم دانيال أبو فخر، علي خروبي، علي مرقباوي ونادر مروش، علماً أن الأخيرين تصعب عودتهما مع استئناف البطولة بسبب معاناة كلٍّ منهم من إصابة عضلية.
استفادت فرق عدة من فترة الإقفال العام للعمل على تقليص مشاكلها الفنية ومحاولة تحسين مستواها


وعند الجانب البدني توقّف شباب الساحل خلال فترة الإقفال، مركّزاً على تمارين خاصة في صالات اللياقة البدنية مرة أسبوعياً، بينما عمل على كتمان مكان تدرّبه في أحد ملاعب بيروت خوفاً من إيقافه. لكن وفي خضم خوضه مباريات وديّة، فإن الساحل بدا خلال هذه الفترة وكأنه يملك مشروعاً لها، إذ شارك جزء كبير من اللاعبين الذين تمّ ترفيعهم من الفئات العمرية إلى الفريق الأول في فتراتٍ مهمة خلال هذه المباريات وتحديداً في الأشواط الثانية منها، لا بل إن مسجّل هدف الفوز في مرمى النجمة (2 – 1) في مباراة وديّة أقيمت يوم السبت كان علي فقيه الذي لا يتجاوز عمره الـ 15 سنة.
وإذ تبدو عودة الحارس الأول علي ضاهر متوقّعة في المباراة المقبلة أمام العهد في ظل توقّع شفائه من الإصابة، فإن الساحل قد يكون من دون حسين حيدر لإصابته أوّلاً، ولعدم قدرته عملياً على اللعب في مواجهة العهد الذي أعاره إلى الفريق الأزرق.
بدوره، كان النجمة مدركاً لأهمية جمع اللاعبين يومياً والإبقاء على شعور المباريات والاحتكاك، فأرفق تمارينه، وغالبيتها صباحية، بمجموعة مباريات ودية على ملعبه حيث تغلّب على الراسينغ 3-0، وعلى طرابلس بالنتيجة نفسها، إضافةً إلى خسارته أمام الساحل.
طبعاً خاف النجمة من تحديد موعدٍ مفاجئ لاستئناف البطولة، فنسّق حضور لاعبيه من مختلف المناطق بحسب ما تسمح به السبل المتاحة، فكان الغياب الأبرز أخيراً للاعبَين خالد تكه جي وعلي طنيش «سيسي» بعد إصابتهما بـ «كورونا» قبل أن يعود الأول إلى التمارين إثر انتهاء فترة الحجر الصحي.

توقفٌ مفيد
العهد أيضاً لم يوقف التمارين خلال أيام الأسبوع، وذلك في موازاة عدم غياب أيّ من لاعبيه عنها، فلعب الأربعاء الماضي مع التضامن صور (4-0)، ومن ثم الجمعة مع الإخاء (2-1)، وقبلها بأسبوع مع شباب البرج.
والأكيد أن العهد احتاج هذه الفترة واستفاد منها للراحة من الضغوط التي طاردته إثر تحقيقه بعض النتائج السلبية، لكنّ فرقاً أخرى استفادت أكثر لناحية الاستعداد بشكلٍ أنسب والعمل على معالجة مشاكلها الكثيرة على أرض الملعب.
أحد هذه الفرق هو بلا شك الصفاء الذي كان قد تسلّم قيادته المدرب محمد الدقة، وقد خدمه الإقفال العام لأن فريقه لم يكن أصلاً تحضّر بشكلٍ مقبول قبل تسلّمه له، وكان التوقف فرصةً له لالتقاط أنفاسه بعكس الفرق التي انطلقت بشكلٍ جيّد، والتي رأت أن الفترة التي ابتعدت فيها عن الملاعب أضرّتها.
من هنا عمل الصفاء على تعويض ما فاته في صالات اللياقة البدنية وعلى الملعب، ولو جزئياً، وتحديداً لناحية خوض المباريات الإعدادية، فتغلب على سبورتينغ 2-1، وعلى منتخب لبنان الأولمبي 4-2 يوم السبت.
أما فريقا برج البراجنة (البرج وشباب البرج) ورغم تشدّد البلدية سابقاً في تطبيق الإجراءات، فقد تمكنا من التدرّب على الملعب نفسه من خلال تمارين مبكرة ومن دون السماح لأحدٍ بدخول الملعب إذا لم يكن لديه أي عمل في داخله.

ضجّة جنوباً وهدوء شمالاً
هو الأمر نفسه الذي حضر جنوباً وتحديداً في صور حيث دخل لاعبو التضامن من باب الطوارئ وبعيداً عن الأنظار المسلّطة على الباب الرئيسي. والأكيد أن أمين السرّ سمير بواب المسؤول عن الملعب من جهة البلدية وعضو بلدية صور، لعب دوره في تسهيل الأمور لكي لا يقع فريقه في فخّ مشكلة كبيرة وهو الذي كان أحد الفرق التي سجّلت انطلاقة بطيئة خلال الموسم.
ولن يكتفي التضامن باللعب في الجنوب بل يُنتظر أن ينتقل غداً الأربعاء إلى بيروت للعب مع شباب الساحل وديّاً على ملعب بئر حسن، وهو الذي اختبر نفسه أمام فريقٍ آخر من الدرجة الأولى وكان الشباب الغازية فائزاً عليه 2-1 في صور.
الأخير واجه مشكلة جديّة في الأسبوع الأول من الإقفال حيث سطّرت القوى الأمنية محضر ضبط بحقه وأوقفت إحدى الحصص التدريبية، لكنّ الفريق الجنوبي ما لبث أن عاود التمارين على ملعبه في البلدة، وذلك رغم قدوم رجال الأمن مجدداً في مناسبة أخرى. كما حصر الغازية مبارياته في الجنوب، إذ إضافةً إلى لقائه التضامن صور، فقد واجه الأهلي صيدا وتعادل معه 2-2 في عنقون، والأهلي النبطية متصدر الدرجة الثانية الذي تعادل معه أيضاً 1-1 في كفرجوز.
مشكلة فرق الأطراف كانت حاضرة فعلاً ومنعتها من الابتعاد غالباً عن خوض المباريات في بيروت بالنظر إلى توقيت حظر التجوّل اليومي، ما دفع طرابلس والسلام زغرتا للعب سويّاً، وكانت الغلبة للأول 2-1، وهو الذي ذهب إلى التدرّب بهدوء على ملاعب صغيرة في عاصمة الشمال ونادراً ما تمكن من شقّ طريقه إلى أحد ملاعب البلدية. هذا وقد استفاد الزغرتاويون أكثر من التوقف لمنح الشبان المزيد من الاحتكاك في المباريات وآخرها خسروها أمام شباب البرج 1-3 يوم السبت.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا