بعد مرور أسبوع على بدء فترة المراحل الأربع لعودة الحياة إلى لبنان والتي أقرتها الحكومة اللبنانية. ما زالت الرياضة غائبة عن الصورة بشكل شبه كلّي. بعض النشاط في هذه اللعبة، وبعض النشاط في لعبة أخرى. لكن ذلك يبقى ضمن إطار المنتخبات وفي لعبتين أو ثلاث على الأكثر. لكن معظم الرياضات الأخرى في حالة جمود بسبب ترحيل نشاطها إلى المرحلتين الثالثة والرابعة أي بدءاً من الثامن من الشهر المقبل والثاني والعشرين منه.
تسعى الوزراة للحصول على أذونات للأندية لخوض التمارين على أن تعود المنافسات في المرحلة الثالثة (أرشيف)

لا شك أنه في دولة تنظر إلى الرياضة على أنها هواية تشبه مزاولة المشي على كورنيش بحري أو ركوب دراجة هوائية، لا يمكن توقّع أفضل من ذلك. في دولة يتم تقليص موازنة الرياضة إلى ما يشبه الصفر والتي هي في الأساس متواضعة، لا يمكن توقّع أفضل من ذلك.
لكن الاستسلام لهذا الواقع المرّ ليس خياراً لدى أهل اللعبة. هم لا يطلبون الدعم بل عدم العرقلة. هم لا يطلبون المال، بل السماح لهم بتأمينه لتسديد المصاريف وإعانة العائلات التي تعيش من وراء هذا القطاع. عشرات بل مئات العائلات تعتاش من الرياضة. إذا هي أكثر من مجرّد مزاولة هواية.
المهم أنه بعد صدور تعميم الدولة اللبنانية والمتضمّن عودة مراحل استعادة النشاط في القطاعات اللبنانية، وجدت الرياضة اللبنانية أنها في آخر الحسابات، أو أنها متساوية مع المقاهي وغيرها من القطاعات التي تعتبر أنها تساعد على نشر فيروس كورونا.
هنا تحركت الاتحادات رافعة صوت الألم والتحذير من تداعيات قرار كهذا. تحرّكٌ حوّل مبنى وزارة الشباب والرياضة وتحديداً مكتب الوزيرة فارتينيه أوهانيان إلى محجّة وفي بعض الأحيان «حائط مبكى». ثلاثة عشر اتحاداً حضروا على مدى ثلاثة أيام في مكتب الوزيرة رافعين الصوت ومطالبين إياها بالتحرك لإنقاذ الرياضة من حالة الشلل الحاصلة.
قبلَهم بأسبوع تحرّك اتحاد كرة القدم نحو الوزارة عبر كتاب من خمس صفحات تضمن جميع تفاصيل عودة النشاط من عدد المباريات والأندية المعنيّة والملاعب التي تُقام عليها المنافسات من جهة، وتمارين الأندية من جهة أخرى، إضافة إلى أعداد الأشخاص الذين سيحضرون في كلّ مباراة أو تمرين سواء للأندية أو للمنتخبات. كتاب مفصّل يأتي بعد البروتوكول الصحي الشامل الذي تمّ وضعه في أيلول قبل انطلاق موسم 2020-2021.

طلبات ناقصة!
أمس انتهت سلسلة الاجتماعات بين الوزيرة أوهانيان ووفود الاتحادات الرياضية اللبنانية والتي استمرت على مدى ثلاثة أيام، فما هي خلاصة الموضوع؟
البعض ممن شاركوا في الاجتماعات يعتبرون أنها «طبخة بحص». إذ يرى أحد الأشخاص الذي حضروا أن المشكلة ليست في رؤية الوزيرة بل في الارتجالية وغياب الدراسات العلمية والعملية الصحيحة، إضافة إلى أن الرياضة في آخر اهتمامات المسؤولين. «لا يمكن أن تكون المطالبات محصورة بالكلام فقط من دون تقديم أوراق ودراسات وبرامج تدعم هذه المطالب. هل هناك من اتحاد وضع دراسة عن حجم انتشار كورونا في القطاع الرياضي ليظهر إلى المعنيين بأن الرياضة لا تشكّل بيئة خصبة لنشر الفيروس؟»، يسأل أحد رؤساء الاتحادات الذين حضروا إلى الوزارة في اتصال مع «الأخبار».
ستكون الدراسة مفصّلة وتقارب كلّ لعبة على حدة من ناحية المتطلّبات وطريقة مزاولتها


ويرى مسؤول اتحادي آخر أن أساس العمل لرفع الحظر عن الرياضة هو تقديم بروتوكولات وورش عمل وأرقام للمعنيين كي يقتنعوا بأن الرياضة لا تشكل خطراً على المجتمع. قد يكون المسؤولون محقّين في مسألة النوادي المغلقة (GYM)، لكن في الملاعب المفتوحة لا خطر منها في نشر الفيروس بشكل كبير، يقول المسؤول الاتحادي.
في المقابل، يسود الارتياح في أروقة الوزارة بعد الأيام الثلاثة. ويرى أحد المعنيين بالملف في الوزارة أن الاجتماعات كانت مثمرة، رافضاً اعتبارها «حركة بلا بركة». بل على العكس هناك اتحادات قدمت دراسات كاملة عن طريقة العودة كالتايكواندو وكرة السلة والتزلّج على الثلج، وخصوصاً التايكواندو الذي قدّم دراسة علمية شاملة ولافتة بمضمونها ودقة تفاصيلها.

تقييم وزاري
خلاصة هذه الاجتماعات سينتج عنها دراسة شاملة يتم تحضيرها اليوم وغداً من قِبل رئيس مصلحة الرياضة في الوزارة محمد عويدات، على أن تقوم الوزيرة أوهانيان بدراستها مع مدير عام الوزارة زيد خيامي قبل إقرارها والذهاب بها من قبل الوزيرة إلى اللجنة العلمية لمتابعة شؤون كورونا للحصول على استثناء للقطاع الرياضي.

ستبحث أوهانيان مع خيامي الاثنين الدراسة التي ستُرفع إلى اللجنة

ويؤكّد المصدر الوزاري لـ«الأخبار» أن البوادر الإيجابية بدأت بالظهور حتى قبل الجلوس مع اللجنة العلمية. فعلى منصة (IMPACT) المعنية بمنح أذونات للخروج وممارسة النشاط، أصبحت هناك خانة خاصة بالرياضة يتم تقديم الطلبات عبرها. المريح في الموضوع أن هذه الطلبات يتم تحويلها إلى الوزيرة أوهانيان التي تقوم بدراستها ومنح الإذن لأصحابها. وهذا ما حصل مع اتحادات كرة السلة والتزلج على الثلج والركبي يونيون. فمنتخب السلة يتدرب على ملعب الرياضي، وكذلك الأمر لمنتخب الركبي يونيو قبل توجهه إلى مصر للمشاركة في البطولة العربية. والأمر عينه ينسحب على اتحاد التزلج.
وسيتركّز سعي الوزيرة بدءاً من مطلع هذا الأسبوع للحصول على التغطية القانونية للعاملين في القطاع الرياضي لمزاولة نشاطهم لكن ضمن معايير وشروط صحية واضحة ترضي المسؤولين في اللجنة العلمية لمتابعة شؤون كورونا.
وعلمت «الأخبار» أن الدراسة التي ستتقدّم بها الوزيرة أوهانيان إلى اللجنة العلمية ستكون مفصّلة وتقارب كل لعبة على حدة من ناحية المتطلبات وطريقة مزاولتها. فلعبة ككرة القدم وألعاب القوى والتزلج على الثلج وغيرها من الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق لا يمكن اعتبارها مسرحاً لنشر فيروس كورونا بشكل كبير وبالتالي تستحقّ أن تحصل على استثناء مبكّر.
وتحت شعار إن أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع، سيكون الهدف هو إبقاء عودة النشاط في الملاعب المفتوحة إلى المرحلة الثالثة، لكن مع السماح للأندية بالتدرّب خلال هذه الفترة كي يكون تاريخ 8 آذار موعداً لبدء المنافسات وليس لبدء التمارين كسباً للوقت.
وعليه، فإن الأسبوع الحالي قد يكون حاسماً حيث ستطلب الوزيرة أوهانيان موعداً عاجلاً من رئيس مجلس الوزراء حسان دياب واللجنة العلمية، مع توقعات بأن يكون هناك تجاوب خصوصاً أن دياب يبدو متعاوناً من خلال إدراج الرياضة في منصة منح الأذونات، يختم المصدر الوزاري حديثه إلى «الأخبار».