مخطئ من يذهب إلى التصويب على بطولة لبنان لكرة السلة من منحى سلبي، إذ إن الأهم حالياً هو عودة الحياة إلى اللعبة الوطنيّة بعد توقفٍ لحوالى سنة ونصف.في هذه الفترة تغيّر الكثير، هاجر لاعبون، واحترف آخرون، وحتى اعتزل البعض الآخر. كل هذا بدّل من صورة كل الفرق، وحوّل بعضها ممن كان منافساً على المراكز المتقدّمة الى فرقٍ عادية بالكاد تستطيع الفوز في مبارياتها مع الفرق التي تتساوى معها في المستوى.
كما ترافق الأمر مع دخول لاعبين جدد الى الدرجة الأولى، وعناصر تحوّلت أساسية في فرقها بعد الاستغناء عن الأجانب الثلاثة الذين نشطوا مع الفرق في الموسم الأخير قبل التوقف.
من هنا، بدا المشهد مغايراً مع انطلاق البطولة في موسمها الجديد، فكانت مجموعة من اللقطات المتشابهة بين مباراةٍ وأخرى، منها أثار انتقادات الجمهور، ومنها ما أثار الإعجاب بفعل عدم افتقاد كرة السلة ولاعبيها وجمهورها الى الحماسة والشغف اللذين كانا حاضرين دائماً في المدرجات، وأرض الملاعب، وغرف ملابس اللاعبين، وامتداداً الى المناطق التي تمثّلها الفرق.
لذا لا ضير من القول بأنه من الظلم التعرّض لمستوى بعض المباريات أو اللاعبين من خلال أي تقييم سلبي، إذ إن تقييم البطولة لا يتمّ بعد هذه الفترة القصيرة على انطلاقها. كما أن غالبية الفرق لديها ما تقدّمه هذا الموسم، إن لم يكن على الصعيد الجماعي، فبالتأكيد على الصعيد الفردي.
وهنا الحديث عن ظهور مجموعة من اللاعبين بمستوى واعد، يمكن أن يكونوا نواة لأبرز الفرق والمنتخبات في المستقبل القريب. ولعل المثال الأبرز على هذه المقولة هو المستوى الذي يقدّمه بعض الأسماء الجديدة على ساحة النجومية، أمثال لاعب الحكمة كريستوفر خليل، لاعب الرياضي مارك خوري، ولاعب أطلس مارك أبي خرس، وغيرهم من أولئك الذين أكدوا حضورهم القوي سريعاً، ووضعوا أنفسهم في دائرة النجومية، مؤكدين مباراةً بعد أخرى بأنه لا يزال هناك الكثير في جعبتهم لتقديمه على مدار موسم مختلف.
هذا الاختلاف يأتي من خلال مقاربة الفرق لعملها، إذ إنها لا تمانع الدفع بلاعبين صغار السن (على سبيل المثال هومنتمن وبيبلوس والمتحد طرابلس)، ما أجّل منحهم الخبرة المطلوبة ومعرفة مدى إمكانية نجاحهم على المدى الطويل، ومدى قدرتهم على تحمّل الضغوط في مواجهة فرقٍ أقوى من فريقهم أو لاعبين أصحاب خبرة أكبر.
من الظلم التعرّض لمستوى بعض المباريات أو اللاعبين بعد هذه الفترة القصيرة على انطلاق البطولة


وهذه المسألة أفرزت العديد من العناصر التي تمتّعت بالشجاعة لتقديم كل ما لديها في المواجهات الصعبة، ولعل ما فعله لاعبو هومنتمن أمام الحكمة خير دليل على هذا الكلام، إذ بعدما دخلوا اللقاء وهم غير مرشّحين للفوز تمكنوا من تحقيق مفاجأة مدوية بفضل لاعبين متحمسين لإثبات أنفسهم أمام عدسات النقل التلفزيوني، فقدّموا أنفسهم كمجموعة قادرة على التطوّر وإبعاد بطل لبنان السابق عن مراكز القاع التي قيل إنه سيتنافس عليها مع أبناء انيبال زحلة وبيبلوس وبدرجةٍ أقل المتحد.
الواقع أن ما قدّمته الفرق حتى الآن تخطى التوقعات استناداً إلى الوضع العام الذي عاشته اللعبة قبل انطلاقها، وإلى واقع الفرق التي بدأت في الاستعداد للبطولة متأخرة، وهي بشكلٍ طبيعي تحتاج الى الوقت للارتقاء نحو مستوى أفضل بدنياً وفنياً، وذلك في موازاة اكتساب قسم كبير من اللاعبين أيضاً الخبرة المطلوبة لتحمل الضغوط في المباريات الحاسمة والحساسة.
وهذه المهمة حالياً يتحمل ثقلها المدربون، إذ إن الفوارق قد تلعب دورها في المباريات من خلال خبرة هذا المدرب أو ذاك، والتي بإمكانها ترجيح كفة فريقٍ على آخر، وخصوصاً في ظل وجود مجموعة جديدة أيضاً من الوجوه التدريبية التي تشرف للمرة الأولى على فرقٍ في دوري الأضواء.
هذا الدوري الذي لا تزال أهميته حاضرة عند جمهوره المتفاعل بقوة مع انطلاقته، ومن خلال الصراع الكبير على حقوق النقل التلفزيوني والإلكتروني، ما يعني أن اللعبة لا تزال مهمة بنظر الرأي العام اللبناني، وهي مسألة مهمة جداً يمكن العمل من حولها من باب تسويق كرة السلة بشكلٍ مدروس من أجل إبقاء قيمتها ريثما تعود الحياة إلى طبيعتها في لبنان، وتعود الدورة الاقتصادية السلوية لتجذب المموّلين وتالياً اللاعبين الأجانب، ويعود المستوى ليكون على صورة كل تلك المواسم التي كانت فيها بطولة لبنان الأفضل على الإطلاق في الشرق الأوسط وحتى في العالم العربي أجمع.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا