كم كان جميلاً ملعب «أولد ترافورد» السبت! أو بالأحرى كم كان يضج هذا الملعب بالحياة في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على نوريتش سيتي برباعية نظيفة، بعد أن غرق في ثبات عميق في الفترة التي كان فيها «الشياطين الحمر» تحت قيادة المدرب الاسكوتلندي ديفيد مويز. بسحر ساحر هو، طبعاً، نجم الفريق المخضرم وأسطورته، الويلزي راين غيغز، انقلب المشهد تماماً في «مسرح الأحلام»، وبدا كأن هؤلاء اللاعبين الذين يرتدون القميص الأحمر هم غيرهم قبل أسبوع، إذ نجح الويلزي في مدى 90 دقيقة فقط في تحقيق ما فشل فيه الاسكوتلندي في أشهر، وعند صافرة نهاية المباراة السبت كان غيغز يدق المسمار الأخير في نعش مويز ويقطع الشك باليقين ويؤكد لمن ظل على حيرة من أمره أن الاسكوتلندي كان السبب الرئيسي في الدمار والخراب اللذين لحقا بزعيم الكرة الإنكليزية بألقابه العشرين. في حقيقة الأمر، دخل الويلزي، في مباراة واحدة، القلوب سريعاً. هذا، لا شك، هو الانطباع الأول الذي شعر به كل من تابع المباراة.
المسألة لا تتوقف عند النجاح المنقطع النظير لغيغز في محطته الأولى كمدرب ليونايتد، حيث أعاد الأخير إلى فورمته، وقاده إلى أكبر فوز هذا الموسم على ملعبه، وزرع فرحة حقيقية في أرجاء «أولد ترافورد»، بل تتعدى ذلك إلى ما أظهره الويلزي من مؤهلات قيادية تعد بالكثير مستقبلاً، وهذا ما أكده النجم السابق والمحلل الكروي حالياً، جيمي ريدناب، عقب المباراة، في حين أن نجم يونايتد واين روني، الذي تألق في اللقاء بتسجيله هدفين، سارع إلى القول: «غيغز ولد ليكون مدرباً».
طبعاً، إن ظهور غيغز بالبذلة الرسمية وهو يجلس على المقعد الذي لازمه أستاذه «السير» الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون في «اولد ترافورد» ردحاً من الزمن كان له وقع السحر على القلوب. ولعل القدر ابتسم للويلزي في ظهوره التدريبي الأول في ملعب فريقه، وهذا بحد ذاته كان كفيلاً بزيادة المشهد جمالاً ورونقاً وإضفاء مشاعر خاصة عليه أحس بها، لا شك، الويلزي كما أنصار يونايتد. ما لفت الأنظار أولاً في غيغز السبت هي شخصيته الكاريزماتية وحضوره القوي، الأمر الذي ذهب بالأذهان سريعاً إلى الإسباني جوسيب غوارديولا الذي سبق الويلزي إلى هذه التجربة مع فريقه الذي عاش في ربوعه أجمل الايام، ألا وهو برشلونة.
قطع غيغز الشك باليقين
تماماً بأن مويز كان السبب الرئيسي في خراب يونايتد

كذلك ظهرت بصمات غيغز سريعاً على الفريق، وبالدرجة الاولى من خلال زرعه الحماسة في نفوس اللاعبين، وهو ما كان متوقعاً من خلال علاقته الوطيدة بهم، أضف الى شكل يونايتد في الملعب وادائه تحديداً في الشوط الثاني من خلال التنويع في اللعب والجمل التكتيكية والخيارات الصائبة للويلزي كإدخاله الاسباني خوان ماتا في الدقيقة 60 حيث سجل الأخير هدفين من هجمتين منظمتين، وهذا ما يُحسب لغيغز بالتأكيد.
البكاء على الاطلال، طبعاً، لا يجدي نفعاً، لكن لا ضير من القول ان المباراة الاولى لغيغز أكدت ان ادارة مانشستر ارتكبت خطأً كبيراً بعدم تنحية مويز منذ أشهر وإسناد المهمة إلى الويلزي، وهذا ما كان كفيلاً بأن يجعل يونايتد، على الأقل، لا يزال في دائرة المنافسة على بطاقة التأهل الى دوري ابطال أوروبا.
على كل الأحوال، يبدو غيغز، وفقاً لما أظهره من مؤهلات قيادية بسرعة قياسية، وباعتباره ابن يونايتد وملماً بكل خباياه، الرجل المناسب لقيادة «الشياطين الحمر» إن لم يكن في الموسم المقبل (إن صحّت التقارير بأن الهولندي لويس فان غال سيتسلم الفريق عقب المونديال)، فبالتأكيد في يوم من الأيام. ما أظهرته المباراة الأولى لغيغز أنه «الاكتشاف» الكبير القادم إلى عالم التدريب.