وقف الويلزي راين غيغز في منتصف ملعب «أولد ترافورد»، الثلاثاء الماضي، وانهمرت الدموع من مقلتيه. لا شك، كانت صور مسيرة «غيغزي» في حقبات عديدة بقميص مانشستر يونايتد تقطع في ذهنه بلمح البصر في تلك اللحظة. ها هو الآن لتوه قد خاض آخر مباراة مع فريقه الأزلي في ملعبه التاريخي أمام هال سيتي، هو الذي تسلّم تدريبه مؤقتاً حتى نهاية الموسم، لكن الوداع قد حان موعده، ولا مكان، هنا، إلا لفائض من المشاعر والأحاسيس واستعادة الذكريات.
قبل غيغز، وفي نهاية الأسبوع الماضي، كان المشهد مشابهاً مع الإنكليزي اشلي كول في ملعب فريقه تشلسي «ستامفورد بريدج» ومع البولوني روبرت ليفاندوفسكي في ملعب فريقه بوروسيا دورتموند «سيغنال ايدونا بارك» ومع الحارس الألماني مارك - أندريه تير شتيغن في ملعب فريقه بوروسيا مونشنغلادباخ «بوروسيا بارك»، لكن لسبب مختلف وهو الانتقال الى فريق آخر: الأول الى جهة لم تتحدد بعد، والثاني الى بايرن ميونيخ، والثالث الى برشلونة الإسباني، وهنا، كذلك، لا مكان في تلك اللحظات إلا لفائض من المشاعر والأحاسيس والذكريات.
دموع ومشاعر صادقة هي أبلغ تعبير عن جمال الساحرة المستديرة

غير أن دموع الأوروغوياني لويس سواريز، مهاجم ليفربول الإنكليزي، في هذا الأسبوع، كانت الأكثر مفاجأة ووقعاً على النفوس لأكثر من سبب. فبمجرد أن أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة بين «الريدز» وكريستال بالاس والتي قلب فيها الأخير تأخره 3-0 في الدقائق الأخيرة الى تعادل 3-3، مسدداً ضربة قوية لآمال «الحمر» بارتقاء منصة التتويج للمرة الأولى منذ 24 عاماً، حتى سقط سواريز أرضاً ولم يتمالك نفسه وراح يشيح بوجهه عن الحضور وهو يذرف الدموع. في لحظة واحدة، تحوّل سواريز من نجم النجوم ونجم الملايين والذي تتهافت الأندية الكبرى لنيل توقيعه على كشوفاتها والذي احتكر لتوه الجوائز في إنكلترا لأفضل لاعب في الموسم الحالي والذي يتصدر لائحة ترتيب الهدافين، الى رجل بقلب طفل.
سواريز لم يولد في ليفربول، ولم يقض في صفوفه ربع ما قضاه غيغز مع فريقه أو نصف ما قضاه كول وليفاندوفسكي وتير شتيغن كل في فريقه، ولم يحن اعتزاله ولم يتأكد بعد رحيله عن ليفربول، إلا أن مجرد اقتراب حلم فريقه من الضياع كان كفيلاً بأن يُنسيه، في لحظة، كل الأضواء المسلطة عليه، لا بل الدنيا وما فيها، كرمى لفريقه.
سواريز الذي وُصف باللاعب المشاغب والعديم المسؤولية وحتى بصاحب القلب القاسي تحديداً حين قضم كتف الصربي برانيسلاف إيفانوفيتش لاعب تشلسي وأُوقف على أثر ذلك 10 مباريات، أسقط كل ذلك بلحظة واحدة مظهراً الجانب الجميل في شخصيته. هذا الوجه الذي كان يحتفظ به سواريز لنفسه ويخفيه عن الجميع، انكشف أمام الملأ في لحظات مؤثرة وصادقة المعاني وعميقة العبر.
في حقيقة الأمر، تأخذنا كرة القدم غالباً بحماوة منافساتها والتعصب لفرقها ونجومها وأضوائها (هذا من دون التطرق الى الجانب المظلم في الساحرة المستديرة: من العنصرية الى الفساد والشغب بين الجماهير وسيطرة عنصر المال)، ما يحجب الأنظار عن كنه هذه اللعبة. لكن تبقى تلك الدموع كالتي ذرفها غيغز وكول وليفاندوفسكي وتير شتيغن، وتحديداً وقبل كل هؤلاء سواريز، هي التي تذكّرنا بأن ثمة أشياء جميلة في كرة القدم تتخطى فرحة الفوز والمنافسة والمظاهر التي تغلّف غالباً هذه اللعبة، الى الأعماق، أن ثمة مشاعر تتجلى فيها روعة هذه الكرة.




الحسم في إنكلترا الأحد

يتحدد الأحد بطل إنكلترا، حيث تقام المباريات جميعها الساعة 17,00 بتوقيت بيروت. وهنا البرنامج: فولام - كريستال بالاس، ليفربول - نيوكاسل يونايتد، مانشستر سيتي - وست هام، ساوثمبتون - مانشستر يونايتد، سندرلاند - سوانسي سيتي، توتنهام - أستون فيلا، وست بروميتش ألبيون - ستوك سيتي، نوريتش سيتي - أرسنال، هال سيتي - إفرتون، كارديف سيتي - تشلسي.