بطبيعة الحال لم يكن ريال مدريد ولا برشلونة مسرورين أول من أمس عندما أكد الأرجنتيني سيرجيو أغويرو استمراره في صفوف مانشستر سيتي الإنكليزي. حُكي الكثير في الآونة الأخيرة عن اهتمام قطبي الكرة الاسبانية بـ «كون أغويرو»، الا أن كل ما قيل وأُثير ذهب أدراج الرياح بكلمة واحدة من الأرجنتيني.في حقيقة الأمر، لا يبدو مستغرباً أن يكون قرار أغويرو حاسماً بالبقاء في مدينة مانشستر، ولو كان الاهتمام به من قِبَل النادي الملكي أو «البرسا»، لا بل حتى يمكن القول إن الأرجنتيني اتخذ الخيار الصائب، اذ من غير المعقول أن يفرّط أغويرو بكل هذا النجاح الذي حصده في الدوري الانكليزي ومع «السيتيزنس» بسرعة قياسية، هو الذي دخل قلوب جماهير الأخير منذ موسمه الأول في «البريميير ليغ»، وكان قدومه «فأل خير» على سيتي، حيث أعاده الى منصة التتويج للمرة الاولى منذ 44 عاماً بهدفه التاريخي و«الهيتشكوكي» في الوقت بدل الضائع في مرمى كوينز بارك رينجرز في المباراة الختامية لموسم 2011-2012، وأن يعود أدراجه الى الدوري الاسباني في مغامرة غير محسومة النجاح في ريال او برشلونة، تحديداً لناحية وجود العديد من النجوم في الاول، واعادة البناء في الثاني، فيما لا ينازع أغويرو أحد على النجومية المطلقة في فريقه، الذي يعيش مشروعاً واعداً.

ولعل اللافت في تجربة أغويرو الانكليزية هو نجاحه المنقطع النظير في ملاعبها، حيث قدّم الأرجنتيني نموذجاً للمهاجم الذي لا يتمتع ببنية جسدية هائلة (على عكس ما يشتهر مهاجمو الكرة الانكليزية)، لكنه تمكن من مقارعة مدافعيها الأشداء، وحتى اطاحتهم يمنة ويسرة. ما يحسب لأغويرو هو تأقلمه مع الحياة في انكلترا، على عكس مثلاً ما حصل هذا الموسم مع مواطنه إيريك لاميلا، القادم من روما الايطالي إلى توتنهام، وقُربه من جماهير سيتي، حيث قام على سبيل المثال قبل أيام بزيارة مفاجئة لأحد المشجعين المولعين بفريقه في منزله، وهذا ما ساعد على وجود حالة من الاستقرار خارج الملعب انعكست ايجاباً على «كون أغويرو» داخله، وهو ما حصل بالعكس مع مواطنه الآخر كارلوس تيفيز تحديداً مع مانشستر سيتي، حتى بات منبوذاً من قِبل جماهير الأخير.
لكن اللافت أكثر هو النجاح المدهش لـ «كون أغويرو» في هذا الموسم. صحيح أن الأرجنتيني لم يسجل في المباراة الأخيرة الحاسمة أمام وست هام (2-0)، وصحيح أن العاجي يايا توريه كان مذهلاً، كالعادة، وصحيح أن سيتي تميز بلعبه الجماعي، إلا أنه لا يمكن الا التوقف عند الإضافة الكبيرة لأغويرو، التي لولاه لما كانت كأس البطولة، ربما، في خزائن سيتي، اذ إن الأرجنتيني تمكن من تسجيل 17 هدفاً في 23 مباراة فقط، حيث غاب عن 14 مباراة في «البرمييرليغ» هذا الموسم للإصابة، إضافة الى 28 هدفاً في 34 مباراة في كافة المسابقات، وهو أعلى معدل له بقميص سيتي مقارنة بعدد المباريات.
يبقى أن السبب الأهم لاستمرار أغويرو مع سيتي هو مشروعه الناجح، وتحديداً طموح الفريق إلى التتويج الأوروبي، الذي بدأت بذوره في هذا الموسم. لكن أيضاً، وفي المقابل، فإن طموح سيتي من الصعب أن يصل الى خاتمته السعيدة من دون أن يكون أغويرو، تحديداً، ركيزته الأساسية.




الثبات في المستوى


عرف أغويرو كيف يُبعد مشاكله الشخصية عن مزاولته الكرة، وتحديداً مسألة انفصاله عن زوجته جيانينا، نجلة مواطنه «الأسطورة» دييغو مارادونا (وصل بالأخير إلى مهاجمته في الاعلام ونعته بالـ«جبان»)، ما أدى دوراً مهماً في محافظته على الثبات في مستواه، على عكس كثير من النجوم الذين يتأثرون بما يحصل معهم خارج الملعب.