عند الحديث عن مدربي أبرز الأندية الأوروبية هذا الموسم، وتحديداً في البطولات الخمس الكبرى، تبرز معايير معيّنة لتقويم هؤلاء بين ناجح وفاشل. وحتى في حال النجاح هناك من يعدّ نجاحه أكبر من أي أحدٍ آخر استناداً إلى الأوراق أو المعطيات التي كانت موجودة بين يديه. وهذه النقطة تنطبق أيضاً على «الفاشلين» الذين خيّب بعضهم الآمال أكثر من غيره بسبب حصوله على ما يريده من دون أن يحقق وعوده أو النجاح المطلوب والمتوقع منه.
ومن دون شك، سرق اسم الأرجنتيني دييغو سيميوني الأضواء أكثر من أي مدربٍ في «القارة العجوز»، وهو الذي حقق إنجازاً كان البعض سيعتبره مجرد نكتة قبل أشهرٍ معدودة، ويتمثل بقيادته أتلتيكو مدريد إلى لقب الدوري الإسباني. ومع وصوله أيضاً إلى المباراة النهائية للمسابقة الأوروبية الأم ليس هناك أي جدال في أحقية سيميوني بالحصول على وصف أفضل مدرب في العالم لسنة 2014.
ما فعله هذا الرجل له تأثير كبير بالتأكيد، إذ إن أتلتيكو لم يدخل الموسم وهو يحمل الملايين أو إذا صح القول لديه القدرة الشرائية لمزاحمة غريميه برشلونة وريال مدريد في سوق الانتقالات، وهما اللذان أبرما صفقتين ضخمتين بضمهما البرازيلي نيمار والويلزي غاريث بايل على التوالي.
سيميوني كان «يجود بالموجود» وبما تمكن من توظيفه في لاعبين لم يكن «البرسا» أو الريال ليفكرا بضم أحدهم. والأهم أن «إل تشولو» سار بفريقه في مستوى تصاعدي من الموسم الماضي، ولم يظهر ـ حتى ـ متأثراً بخسارته هدافه الأول الكولومبي راداميل فالكاو، حيث توقع كثيرون أن يصبح الفريق عادياً من دونه.
دائماً في إسبانيا مع نجاحٍ بدرجة أقل يُسجّل للإيطالي كارلو أنشيلوتي مع ريال مدريد. وهذا النجاح لا يرتبط تحديداً بوصوله إلى نهائي دوري الأبطال، وهو الذي خسر لقب «الليغا» بشكلٍ يتحمل مسؤوليته بطريقةٍ ما. نجاح أنشيلوتي يختصر هنا بالصورة التي ظهر عليها ريال مدريد وبالأداء الممتع والتنظيم الرائع للفريق، وخصوصاً في المحطات الكبيرة ومنها عندما سحق بايرن ميونيخ في عقر داره. صحيح أنه وفق الإمكانات التي وجدت بين يدي أنشيلوتي وتمكنه من الحصول على هدية كبيرة تمثلت بقدوم بايل، كان من المفترض عليه القبض على «الليغا»، فإن شكل الفريق معه هو أفضل بكثير مما كان عليه في الموسم الماضي مع البرتغالي جوزيه مورينيو.

حصل مورينيو
على كل طلباته ولم يحصد أي
لقب مع تشلسي

وبالحديث عن برشلونة، لا يمكن بمكان ظلم الأرجنتيني جيراردو مارتينو أو تقويم مستواه كمدرب بشكلٍ نهائي، فالحق يقال إن الرجل ذو حظ سيئ لأن ما مرّ به النادي داخل وخارج أرض الملعب من مشاكل هو أمر قد لا يحصل إلا نادراً، وهذا أثّر في مهمته ودفعه إلى الرحيل سريعاً بعد موسمٍ فاشل للفريق بشكلٍ عام لا لـ«تاتا» وحده.
واذا عرّجنا إلى إنكلترا، يكون الإيرلندي الشمالي براندن رودجرز هو الأنجح، لأن ما فعله مع ليفربول لا يقارن بأي احدٍ آخر، فالناجح الآخر هذا الموسم في بلاد الـ«بريميير ليغ» اي التشيلياني مانويل بيلليغريني تمتع بثروة كبيرة لتحسين فريقه وحمله الى منصة التتويج، وهي مسألة تشبه كثيراً ما حصل عليه لوران بلان مع باريس سان جيرمان بطل فرنسا، اذ ان المال كان القاسم المشترك بين الرجلين ومساهماً اساسياً في نجاحاتهما التي لا يمكن الاستهانة بها رغم كل شيء.
وقد لا يكون الحديث عن الفشل امراً ضرورياً إذا تطرقنا الى الاسكوتلندي ديفيد مويز مدرب مانشستر يونايتد لأن فريقه عانى انهياراً تاماً ومتوقعاً بعد رحيل مواطنه «الاسطورة» اليكس فيرغيسون، فإنه يمكن سرد كلامٍ كثير عن مورينيو الذي كان الاسوأ من دون منازع. وهذا الكلام يأتي هنا استناداً الى المعايير التي ذُكرت اعلاه، اذ كان متوقعاً من مورينيو اعادة تشلسي الى ساحة الالقاب الكبرى، الا انه فشل في حصد اي لقب بعكس الموسم الماضي عندما أرضى جمهوره بلقب «يوروبا ليغ». الفشل الكبير لمورينيو يأتي بعد تبذيره 120 مليون يورو وحصوله على كل لاعب طلبه، لكن «البلوز» انهى الدوري ثالثاً وخرج خالي الوفاض من كل البطولات التي لعبها.
وكالعادة عند ذكر مورينيو لا بدّ ان يقفز المرء الى الاسباني جوسيب غوارديولا، الذي في النهاية لا يسجل له الفشل في اول موسمٍ مع بايرن ميونيخ، وذلك باحتفاظ فريقه بـ«الدوبليه» المحلية واضافته الكأس السوبر الاوروبية على حساب مورينيو، وايضاً حصده مونديال الاندية. اما دوري الابطال فلم يكن بالامكان الكلام على ضرورة بقائه مع بايرن حتى لو اجتمع مدربو العالم، وذلك وسط المنافسة الضارية فيها. وهنا يطرح السؤال: كم هو عدد اولئك المدربين الذين ابقوا اللقب الاوروبي في حوزتهم لموسمين متتاليين؟ بالتأكيد هم قلائل جداً.



مظلومون في ايطاليا

ظلم الرأي العام الكثير من المدربين خلال الموسم المنتهي، ومنهم مدرب يوفنتوس انطونيو كونتي الذي عرف كيفية ابقاء يوفنتوس بطلاً في الدوري الايطالي. كذلك لا يمكن تجاهل العمل الكبير الذي قام به الفرنسي رودي غارسيا بتقديمه فريقاً ممتعاً في العاصمة روما، ومثله الاسباني رافايل بينيتيز الذي جعل الجنوب يفتخر مجدداً بفريقه نابولي.