يحلم الشعب الأرجنتيني كثيراً بتلك اللقطة الشهيرة التي حمل فيها دييغو أرماندو مارادونا كأس العالم واحتضنها وقبّلها عام 1986، لتُطبع في التاريخ إلى الأبد. هي لقطةٌ لم يحلم بها الأرجنتينيون قبلاً بنفس الحجم الذي يحلمون به الآن، والسبب بكل بساطة هو وجود نجمٍ في المنتخب الحالي يتشابه كثيراً مع «الولد الذهبي» الخالد. هو ليونيل ميسي الذي منذ المرة الأولى التي ارتدى فيها القميص الرقم 10 مع منتخب «التانغو» وسجل فيه واحداً من أهدافه الكثيرة، حتى أطلق الحلم الكبير. حلمٌ ينتظر الكل أن يترجمه في مونديال البرازيل كمسارٍ طبيعي لنجمٍ أبدع طوال الأعوام الأخيرة وحصد كل شيء ممكن في عالم الكرة ما عدا... كأس العالم.لكن مهلاً، كرة القدم اليوم هي غيرها سابقاً، إذ إن يداً واحدة لا تصفّق، فميسي لا يمكنه بأي شكلٍ من الأشكال فعلها وحده، تماماً كما مارادونا الذي صحيح أنه كانت له اليد الطولى في تسطير ذاك الإنجاز الثمانيني، وهذا ما يذكره الكل بكثير من أهدافه الرائعة، لكنه لقي مساندةً كبيرة من لاعبين كانوا حوله سنداً حقيقياً مثل دانيال باساريلا وخورخي بوروتشاغا وخورخي فالدانو وغيرهم...

إذاً، قد يسجل ميسي هدفاً خارقاً شبيهاً بذاك الذي سجله مارادونا ضد إنكلترا في مونديال المكسيك، لكن هذا الهدف قد يكون مصيره التبخّر في حال عدم العودة إلى بوينوس آيريس باللقب الغالي. وهذا اللقب قد يكون هذه المرة أقرب إلى ميسي من المرات الماضية، إذ إنه يعيش في مرحلة النضج نفسها التي وصل إليها مارادونا عام 1986 (كان عمره عامذاك 25 عاماً، بينما يبلغ ميسي 26 عاماً حالياً)، ولديه مجموعة حوله خَبِرها وخَبرته وعرف معها الألقاب.
وانطلاقاً من هذه النقطة، يمكن التأكيد أن استبعاد كارلوس تيفيز جاء في هذا الاتجاه، إذ إن المنتخب الحالي يمكن إطلاق عليه تسمية «عصابة أصدقاء ميسي» بوجود عناصر لعبت إلى جانب نجم برشلونة الإسباني وفازت معه بالبطولات الدولية، أمثال الحارس سيرجيو روميرو وخافيير ماسكيرانو وسيرجيو أغويرو وبابلو زاباليتا وإيزكيال غاراي وانخيل دي ماريا ولوكاس بيغليا.
هذه هي الأجواء التي يحتاج إليها المدرب اليخاندرو سابيلا، وهذه هي المجموعة التي يفضّل ميسي ان تلعب حوله، وهو الذي تعاظم نفوذه داخل أرض الملعب بحمله شارة الكابتن، وخارجه بالنظر إلى علاقته الوطيدة بسابيلا الذي يمكنه التأثير فيه تماماً كما فعل في «البرسا» مع المدرب جيراردو «تاتا» مارتينو.
«ليو» اليوم هو القائد، هو الملهم، وهو الحلم بالنسبة إلى الأرجنتينيين، لكن إذا لم ينظر اللاعبون الآخرون إليه بنفس الصورة، فإنه سيحصد الفشل المونديالي من جديد وسيعجز عن رسم صورة تاريخية في ملعب «ماراكانا» الشهير الذي سيحتضن النهائي تماماً كما رسم مارادونا تلك اللقطة التي لا تنسى قبل 28 عاماً.
أنظار الأرجنتينيين على ميسي، لكن آمالهم وأحلامهم بالتأكيد معلّقة في نفسية وأقدام لاعبين آخرين قد يرفعون النجم الرقم 10 والأمة إلى المجد الأزلي أو يأخذونهما إلى الحضيض.