تاريخ فوق تاريخ. تدرّبوا جيداً على تسطيره نصراً حتى أتقنوه تماماً. ريال مدريد أو «نادي القرن»، عاد «ملكاً» على أوروبا، وإن كان هناك من لا يزال يشك حتى الساعة، أو ساورته الشكوك سابقاً في عظمة ريال مدريد، يجب ألّا تعوزه الحجة وألّا يفوته دليل يستقيه من الاتحاد الدولي لكرة القدم. هكذا تشكّلت صورة «الملكي»، وهكذا بقيت، وقد وعد أخيراً: «هكذا ستبقى». وهنا يمتزج التاريخ السابق مع التاريخ الحالي: المؤسسة الإسبانية التي تخطت حدود ملعبها، بلدان الشرق والغرب، في فترة متأخرة، تحافظ على مكانتها الطبيعية: «على عرش أوروبا». منذ عهد ألفريدو دي ستيفانو في فترة الخمسينيات إلى التسعينيات ثم حقبة الـ«غالاكتيكوس» في الألفية الجديدة. التجارب السابقة، تدل على أن اللاعبين الحاليين لا يجدون مفراً إلا الاستجابة لهذا الإرث الثقيل جداً.

وإيكر كاسياس، الذي يعرف الكثير عن الجيل الحالي والذي مضى ليحمل الكأس التي طال انتظارها 12 عاماً، ذرف طويلاً دموع الفرح ولم يقوَ على منعها من التسلل إلى صرخة نفَّس فيها عن ثقل 12 عاماً. الصرخة والدمعة التي تشاطرها الكل، لاعبو ريال مدريد وإداريوه ومشجعوه في نفس اللحظة. في الدقيقة 93 الصرخة (هدف التعادل لسيرجيو راموس رداً على هدف الأوروغواياني دييغو غودين في الشوط الأول)، تلتها الدمعة في الدقيقة 110 (هدف غاريث بايل). «الحلم تحول إلى حقيقة».

حقق ريال
اللقب على
حساب 3 فرقٍ
أبطال دوري


جماهير ريال
مدريد تفكر
باللقب الحادي
عشر
انتزعوا اللقب، بدأها سيرجيو راموس وأكملها غاريث بايل ومارسيلو واختتمها كريستيانو رونالدو في مباراة دراماتيكية شهدت العديد من التقلبات، والأحداث المأسوية لخصوم ريال مدريد. تبيّن لاحقاً، في مراحل متعاقبة، كثرة كارهي هذا الفريق لشدة إنجازاته على حساب فرقهم، والذين شجعوا أتليتكو لا حباً به، بل كرهاً بريال مدريد، مع أن الـ«أتلتيتي» يستحق التشجيع.
في مسيرته الأخيرة في البطولة، ذهب ريال إلى تدمير خصوم لم يكن يتوقع أن تأتي في المراحل الحاسمة تلو بعضها: شالكه، بوروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ ثم أتلتيكو. نجح في العبور عبرها نحو العاشرة، وتسيّد أوروبا من جديد. تمّ تحقيق اللقب على حساب 3 أبطال دوري هم يوفنتوس بطل إيطاليا وبايرن بطل ألمانيا وأتلتيكو بطل إسبانيا. لقد كان واضحاً أنّ الهدف المنتظر تحقيقه منذ عام 2002 تحوّل من حلم إلى هوس. حمل الفريق الأمل معه عبر الأعوام، مسكوناً بخيبات كثيرة، وخصوصاً في المواسم الثلاثة الأخيرة، متجولاً من ملعب إلى آخر وخارجاً بالحزن نفسه. اللقب كان إنصافاً للنادي على العمل الكبير والضخم الذي قدّمه من أجل التتويج به. والنادي برئاسة فلورنتينو بيريز عمل على ضم لاعبين من طراز رونالدو، وبايل بمبالغ هائلة. وهكذا أتت الاستثمارات الضخمة بالمردود المطلوب مع وجود المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، فهو بدا الرجل المناسب لقيادة مشروع السيطرة على أوروبا. بتتويجه عام 2002، ظنّ الجميع أن النادي في طريقه نحو الهيمنة على «القارة العجوز» من جديد، لكن سوء الإدارة، وقتذاك، حال دون ذلك. اليوم تتجه الأمور نحو الهدف ذاته. ولا شك في أن الجماهير، كما قال بيريز، تفكر في اللقب الحادي عشر، «لهذا السبب فإن مدريد سيمضي إلى الأمام إلى الأبد».
إن أكثر ما يعبّر عن مشاعر المدريديين هو ما قاله راموس: «يمكنني الآن أن أموت في سلام... هو تعويض لكل ما تنازلت عنه طوال حياتي لرفع هذه الكأس». وحقيقةً، هذه الجملة تختصر الحكاية كلها. حكاية «عاشرة الحقبة» كما عنونت صحيفة «ماركا».
إنه ريال مدريد الذي وجدت ألقابه في التاريخ متسعاً وافراً، يتراكم بعضها فوق بعض، غير ملتصقة بأزمنة على حافة الحاضر. يحق له، بعد كل شيء، أن يكتب وحده التاريخ لكي يقرأه الباقون، ويدركوا أنه «الملك على عرش أوروبا».