هناك اقتناع عند العديد من نقاد كرة القدم حول العالم بأن أي منتخبٍ أو فريق يريد الفوز ببطولة، عليه أن يتسلّح بمفتاحين أساسيين: الحظ أولاً ووجود حارس مرمى على مستوى عالٍ ثانياً. هذا الاقتناع ذهب كثيرون الى تفسيره فنياً باعتبار أن حارس المرمى يمثّل نصف قوة أي فريقٍ طامحٍ الى إحراز لقب، وهو أمر ثَبت في العديد من المونديالات السابقة، إذ رجّح حراس المرمى كفة منتخبات بلدانهم في طريقها الى حصد اللقب.
الكل لا يزال يذكر دور الحارس الإنكليزي غوردون بانكس في منح إنكلترا لقبها الوحيد في المونديال الذي استضافته عام 1966. كذلك، لا يمكن نسيان إنجازات الألماني سيب ماير بين الخشبات الثلاث في مونديال 1974، حيث لم يقتصر منتخب ألمانيا على «القيصر» فرانتس بكنباور وبول برايتنر وغيرد مولر وبيرتي فوغتس. أما إذا ذكرنا الإيطالي دينو زوف فلا يمكن سوى استذكار أن هذا الحارس العملاق وفي سن الأربعين حمل شارة قيادة إيطاليا وقادها الى المجد. الحضور القوي أيضاً سُجّل لبودو إيلغنر بطل مونديال 1990 مع ألمانيا، مروراً بكلاوديو تافاريل أحد أعمدة «السيليساو» في مونديال 1994، وفابيان بارتيز صاحب «صلعة» الحظ بالنسبة الى فرنسا في نسخة 1998، وصولاً الى الإيطالي جانلويجي بوفون في 2006، والإسباني إيكر كاسياس في المونديال الماضي.

«ماريا مرسيدس» عرضت على
أوتشوا الزواج
بسبب تألقه
طبعاً، تضاف الى هؤلاء لائحة حراس كبار لمعوا في كأس العالم من دون أن يحملوا تلك الكأس الذهبية الغالية، لعل أبرزهم في العصر الحديث للعبة «الوحش» الألماني أوليفر كان الذي قد اختير أفضل لاعب في مونديال 2002، ليكون الحارس الأول الذي يحصد هذه الجائزة. وكما نذكر كان هذا الحارس السبب الأساسي في بلوغ ألمانيا المباراة النهائية التي خسرتها أمام البرازيل، حيث قهر «الظاهرة» رونالدو ذاك العملاق الأشقر المتألق بهدفين وضعا نجمة خامسة على قميص «السيليساو».
اليوم، في مونديال البرازيل، قد يكون لحراس المرمى الكلمة العليا مجدداً، إذ في الوقت الذي انفضح فيه كاسياس في المباراة التي خسرها منتخب بلاده أمام هولندا (1-5)، تشكّل البطولة الحالية ساحةً لتألق حراسٍ جدد، لا بل لاكتشاف العالم أسماء قد تكون غابت عنها في بطولات الأندية. ولعل المفاجأة السارة الأولى في هذا المونديال كانت للإيطاليين، إذ رغم القلق الكبير الذي انتابهم بعد إصابة الحارس الأساسي بوفون عشية المباراة الأولى أمام إنكلترا (2-1)، فإن بديله سالفاتوري سيريغو لم يشعر مدربه تشيزاري برانديللي بهذا الغياب أبداً، بتحوّل بين ليلة وضحاها الى بطلٍ بالنسبة الى الطليان بعد إنقاذه كراتٍ خطرة عدة. وربما لم يستغرب المتابعون ما قدّمه سيريغو، وهو الحارس الأساسي لباريس سان جيرمان، إذ كان عنصراً أساسياً في تتويج فريق العاصمة الفرنسية بلقب الدوري للموسم الثاني على التوالي، ليخرج مسؤولو الفريق ويأكدوا أنهم لن يضموا حارس مرمى آخر صاحب اسم بثقل تلك الأسماء الموجودة في تشكيلة المدرب لوران بلان.
وفي الوقت الذي لم يكن فيه تألق سيريغو مفاجئاً على الإطلاق، فإن ما قام به الحارس المكسيكي غييرمو أوتشوا في مواجهة البرازيل (0-0) يُعدّ تعملقاً بكل ما للكلمة من معنى. أوتشوا صاحب الاسم المغمور دخل التاريخ من دون شك، لا بسبب تصديه للعديد من الكرات الخطرة التي كان يمكن أن تهزّ شباك أي حارسٍ آخر، بل لأنه أعاد الى الذاكرة تلك الصدّة الشهيرة التي قام بها بانكس لكرة «الملك» البرازيلي بيليه في مونديال 1970، وذلك عندما طار لرأسية نيمار بنفس الطريقة وأبعد الكرة قبل أن تخترق زاويته اليمنى.
الآن في المكسيك، أصبح أوتشوا حديث الجميع إلى درجةٍ أن المغنية تاليا (اشتهرت بدورها في مسلسل ماريا مرسيدس) عرضت عليه الزواج بسبب تألقه اللافت، وهو الذي ينتظر عرضاً كروياً لا عرض زواج كونه لا ينتمي الى أي نادٍ حالياً بعد انتهاء عقده مع أجاكسيو الفرنسي الذي لعب معه في الدرجة الثانية في الموسم الماضي.
لا يمكن الكلام كثيراً على أوتشوا الذي تحدث عن نفسه بصوتٍ عالٍ، لكن ما يمكن اختصاره أنه لا يفترض بالمكسيكيين أن يبحثوا عن خليفة للحارس الاستعراضي خورخي كامبوس (لعب في مونديالي 1994 و1998)، الذي اشتهر بملابس «التهريج» التي كان يرتديها وبحبّه لتسجيل الأهداف لا أكثر.