لولا الفترة الزمنية بين الدقيقتين 58 و80، لالتبس علينا أن منتخب هولندا الذي ألحق هزيمة مزلزلة بإسبانيا في الجولة الأولى هو الذي يلعب أمام أوستراليا في الجولة الثانية. بالتأكيد، إن ارتداء لاعبي منتخب «الطواحين» القميص الكحلي بدلاً من البرتقالي التقليدي الشهير، لم يكن السبب بتغير المشهد عمّا كانت عليه الحال في الانطلاق، إذ بدا أن الإطراءات الكبيرة التي تلقوها والترشيحات التي وضعتهم فجأة كمرشحين أوائل للقب، قد انعكست ثقة مفرطة واستسهال للمهمة بديا واضحين منذ صفارة البداية.
اعتقد الهولنديون، لوهلة، أن الامور حسمت، وما هي إلا نزهة أمام الأوستراليين، متناسين أن قاموس المونديال لا يعرف إلا كلمات العطاء والتركيز، ولا يخلو من المفاجآت.
كانت أوستراليا - بلا شك - أمس، المفاجأة، فقد تمكنت من الوقوف بوجه هولندا وقارعتها مقارعة الند للند في أغلب فترات اللقاء، لا بل استطاعت أن تقلب تأخرها في الشوط الأول بهدف أريين روبن من انطلاقة سريعة، مستفيداً من سوء التغطية الدفاعية ليتابع الكرة في الشباك (20) إلى تقدم عبر هدف في منتهى الروعة «على طريقة فان باستن» من تسديدة «طائرة» من داخل المنطقة لتيم كاهيل (21)، ومن ثم عبر ركلة جزاء ترجمها مايل جيديناك بنجاح (54).
كان الأوستراليون، دون مبالغة، قريبين من تحقيق الفوز. الوعد الذي أطلقه اللاعب ماتيو ليكي عشية اللقاء بقوله: «نريد حقاً أن نحقق هذه النتيجة، سنبحث عن كل الفراغات كي نؤلم المنتخب الهولندي»، لم يكن من فراغ أو رمياً في الهواء، إذ ظهر لاعبو «سوكروز» كمجموعة منظمة ومنضبطة تكتيكياً لم تكتف بالدفاع، بل باغتت الهولنديين بهجمات خطيرة، غير مبالية بهالة الخصم، وخصوصاً بعد فوزه الأول وبالحضور الطاغي لجماهيره التي زيّنت مدرجات ملعب «بيرا-ريو» في بورتو الليغري باللون البرتقالي.
يمكن القول إن القدر ابتسم للهولنديين أمس، إذ إن خروج برونو مارتينس اندي مصاباً واستبداله بالشاب، ديباي ممفيس، في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول، كان نقطة التحول في اللقاء، اذ إن هذا الأخير أظهر مقدرات عالية تبشّر بمستقبل واعد على الرواق الأيسر، حيث تمكن من خلخلة الدفاع الأوسترالي ومرر كرة هدف التعادل لروبن فان بيرسي (سيغيب عن مباراة تشيلي لتلقيه إنذارين) الذي اطلقها صاروخية في الشباك (58)، ومن ثم منح الفوز لـ«الطواحين» من تسديدة قوية من خارج المنطقة، رغم أن الحارس الأوسترالي ماتي ريان لم يحسن التعامل معها (68)، بعد ثوان من فرصة خطيرة جداً لأوستراليا.
إذاً، أبناء لويس فان غال باتوا في الدور الثاني، فيما خرج الأوستراليون، مرفوعي الرأس. لكن يجدر أن يتنبه الهولنديون جيداً، فـ«ليس في كل مرة تسلم الجرّة»!
(الأخبار)