لكن الأكيد ان ما حصل سيضرب الكرة الانكليزية ونظيرتها الاسبانية على المدى البعيد، اقله في الاعوام الاربعة المقبلة او اذا اردنا التخفيف من «المصيبة» لعامين آخرين اي حتى يحين موعد نهائيات كأس اوروبا 2016 حيث سيكون منتظراً من منتخب «الاسود الثلاثة» ومنتخب «لا فوريا روخا» اعادة تصويب الوضع.
الحديث هنا هو عن ان الانكليز والاسبان كانوا طوال الاعوام الاخيرة في سباقٍ عنوانه التنافس على صاحب البطولة المحلية الافضل.
وبين «البريميير ليغ» و«الليغا» كان هناك فارقاً شاسعاً، ففي الوقت الذي بدا فيه دوري الانكليز افضل بكثير على صعيد المنافسة الواسعة النطاق مقابل انحصار المنافسة بالثنائي ريال مدريد وبرشلونة (قبل دخول اتلتيكو مدريد اخيراً على الخط) في بلاد الاسبان، كانت الاندية الاسبانية افضل في مكانٍ ما. وهنا الكلام عن بروز اندية اسبانيا بشكلٍ افضل على الصعيد القاري في مسابقتي دوري ابطال اوروبا و«يوروبا ليغ»، والدليل فوز الريال بدوري الابطال هذا الموسم في نهائي مدريدي صرف، بينما ذهب لقب البطولة الرديفة الى اشبيلية. كذلك، يضاف الى نجاح الاندية الاسبانية نجاحاً آخر للمنتخب الذي سيطر على الكرة العالمية منذ 2008.
لذا وانطلاقاً من هذه النقاط كان ينتظر من المنتخب الاسباني ان يقدّم شيئاً كبيراً في هذا المونديال، بينما لم ينتظر احد معجزات من الانكليز الذين جدّدوا كثيراً في منتخبهم، الذي قدّم وجوداً جديداً لكنه على مشارف الخروج بنتيجة اسوأ من تلك التي اصابتها انكلترا في مونديال 2006 عندما صُنّفت في المركز الثالث عشر في نهايته لتكون النتيجة الاكثر سلبية لها منذ مونديال 1958 وفي المونديالات كلها ايضاً.
مستثمرو الإعلانات سيعيدون حساباتهم بشأن إنكلترا وإسبانيا
واللاعبون الوطنيون الذين يدافعون عن الوان انكلترا واسبانيا في المونديال الحالي عكسوا قناعةً وحيدة وهي ان الاجانب الذين ينشطون في «البريميير ليغ» و»الليغا» هم بيضة القبان وهم محور الثقل الذي اعطى في الفترة الاخيرة صورة طيّبة عن هاتين البطولتين، فأعطى انديتها قوة واضعف منتخبها بطريقة غير مباشرة.
واذا تكلمنا عن انكلترا فإن هذه المسألة باتت ملموسة منذ اعوامٍ عدة، اذ ان توافد الاجانب بشكلٍ هائل واجتياحهم للاندية المحلية ترك اثره على خيارات مدرب المنتخب، وخصوصاً ان اللاعبين الآتين من الخارج اخذوا مكان المواهب الشابة التي لم تكن قادرة على تأمين الاحتكاك الذي يخوّلها اكتساب الخبرة وحمل منتخبها الى منصات التتويج.
واذ ان هذا الامر يختلف نسبياً في حالة اسبانيا التي لمعت على صعيد الفئات العمرية، ويأخذ اللاعبون المحليون فيها مكاناً لهم في صفوف فرقها، فإن مشكلتها تبدو مشابهة لناحية اعتبار اللاعبين الاجانب في صفوف انديتها الحلقة الاقوى. وهذا الكلام يناقض تماماً ما قيل قبل 4 اعوام حول ان قوة اسبانيا كانت في خوضها المونديال بتشكيلة اساسية محلية مئة في المئة، اذ حالياً تغيّر الوضع وبات الوافدون من الخارج الحلقة الاقوى. وهنا يمكن الحديث عن ان تراجع مستوى لاعبي برشلونة أثّر في المنتخب الاسباني كثيراً، ولم يكن الفريق الكبير الآخر في الكرة الاسبانية اي ريال مدريد قادراً على تعويض هذه النقطة، اذ بطبيعة الحال تتمحور قوته بنجومٍ آتين من الخارج مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والارجنتيني انخيل دي ماريا والفرنسي كريم بنزيما والويلزي غاريث بايل والكرواتي لوكا مودريتش، بينما اهدى المنتخب الاحمر الحارس ايكر كاسياس والمدافع سيرجيو راموس المهزوزين ولاعب الوسط الاسباني شابي ألونسو المرهق بعد موسمٍ طويل.
خسرت صورة «البريميير ليغ» و»الليغا» كثيراً، اقله في السوق الاعلانية التي تبحث دائماً عن الدوري الافضل للاستثمار فيه، وما فشل منتخبي انكلترا واسبانيا سوى دليل على تراجعٍ سيصيب البطولتين بشكلٍ او بآخر الا اذا هبّ القادمون من خارج الحدود لنجدتهما مجدداً.