ثلاث نزالات ستكون محطّ اهتمام الإعلام والجمهور خلال بطاقة «UFC 274» فجر الغد، أولها سيجمع بين الأميركيين توني فيرغوسن ومايكل تشاندلر، اللذان يبحثان عن إعادة الاعتبار إلى اسميهما، بعد مراكمتهما لهزائم متتالية. النزال الثاني سيكون من أجل لقب فئة وزن القشة، وسيجمع بين الأميركيّتَين، البطلة روز نامايوناس، ومنافستها كارلا إسبارزا. فيما ستتّجه الأنظار نحو المواجهة المرتقبة بين بطل فئة الوزن الخفيف، البرازيلي تشارلز أوليفيرا، ومنافسه الأميركي جاستن غايتشي.
الجدير بالذكر هو أن أوليفيرا، وبشكل دراميتيكيّ وغير متوقع بالمرة، سُحب منه لقبه ليل أمس، وقبل دخوله الحلبة حتى، عندما فشل في إنقاص وزنه إلى الحدّ المطلوب، وهو 155 رطل (71 كلغ)، في حادثة أثارت البلبلة خلف الكواليس، نظراً لورود عدة شكاوى من مقاتلين آخرين وقفوا على الميزان، وتحدثوا عن خلل في عملية قياس الوزن. وكنتيجة، جُرّد أوليفيرا من لقبه، وبالتالي لن يستعيد لقبه غداً حتى ولو فاز بالنزال. أما غايتشي، وفي حال فوزه، فسيتمكّن من الظفر باللقب كونه قد حقق الوزن المطلوب.

وفي ما يلي بعض ما يجب معرفته قبل المواجهة المرتقبة:

أوليفرا: الطفل (غير) المدلّل للإعلام
منذ أن تزّعم أوليفيرا فئة الوزن الخفيف في «UFC»، وهو عاجز إلى حدّ بعيد عن فرض هيبته أمام الجمهور بشكل عام والإعلام بشكل خاص. سلسلة انتصاراته التي بلغت 10 انتصارات متتالية، في أصعب فئة وزن في «UFC»، لم تشفع له أمام الإعلام، ففي نزالاته الثلاث الأخيرة، هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها كمفضّل للفوز (بنسبة طفيفة بحسب شركات المراهنة) على خصمه، فيما كان قد دخل كمصنّف أقل حظاً في نزالَيه الأخيرَين أمام الأميركيَّين، داستن بوريه ومايكل تشاندلر.
قد تكون بنيته الجسدية غير المصقولة بالعضلات هي السبب، أو عدم إتقانه اللغة الإنكليزية، أو حتى نظاراته التي تجعله يبدو كالشاب الذي يتعرّض للمضايقة في الأفلام الأميركية، الأكيد هو أن تشارلز أوليفيرا، بعد تغلّبه بشكل لا يدع مجالاً للشك، على خصمَين من الطراز الرفيع أمثال تشاندلر وبوريه، يستحق احتراماً أكبر بكثير من الذي يحصل عليه من الإعلام والجمهور على حد سواء.

فرصة ثانية... وأخيرة؟
أثبت الأميركي جاستن غايتشي، في عدة مناسبات، أنه من أخطر المقاتلين في فئة الوزن الخفيف. القوة الهائلة التي تختزنها لكماته قادرة على القضاء على أي منافس بلمح البصر، كما أن تعاونه مع مدرب الملاكمة، تريفور ويتمان، ساهم في نضوجه وتحوّله إلى مقاتل تكتيكيّ صبور وغير متهوّر. ولكن، وعلى الرغم من ثقته بقدرته على إنهاء النزال لصالحه، يشعر غايتشي بالضغط، فهو يدرك أن هذه قد تكون فرصته الأخيرة من أجل الظفر باللقب، فهو قد خاض نزالاً من أجل زعامة فئة الوزن الخفيف منذ عام ونصف العام، إلا أن مسعاه ذاك اصطدم حينها بعائق كبير، الذي هو البطل الروسي السابق حبيب نورماغوميدوف.



«سوبرمان»
للوهلة الأولى، يستحيل أن تحزر أن تشارلز أوليفيرا بطلاً عالمياً في رياضة الفنون القتالية المختلطة، بل ربما لن تصدق أنه مقاتل محترف أساساً. ليس لديه عضلات مفتولة، جسده نحيل نوعاً ما، كما أنه يلبس النظارات بسبب ضعف شديد في النظر (كشف أوليفيرا سابقاً أنه يخسر 50% من قدرته على الرؤية عند خلعه النظارات، ويمزح قائلاً إنه يرى ثلاثة خصوم داخل «الأوكتاغون»، ويحاول ضرب الذي في الوسط). ولكن في اللحظة التي يُغلَق فيها باب «الأوكتاغون»، ويصبح وحده مع خصمه في وسط الحلبة، يتحوّل بسرعة إلى ذلك المقاتل خفيف الحركة على رجليه، الذي يجيد القتال وقوفاً وهو قادر على توجيه الضربات القاضية إلى خصمه، أو اللعب على الأرض (يحمل الحزام الأسود بالجوجيتسو) وخنق منافسه عند أول فرصة. مظهر أوليفيرا الودود والمسالم خدّاع بدون شك، فالشاب الآتي من الفافيلا البرازيلية الفقيرة، والذي لا تفارق الابتسامة وجهه، هو أحد أشرس المقاتلين داخل أسوار «UFC»، وكما سوبرمان بالضبط، هو قادر على التحوّل في لحظة، إلى بطل خارق عند خلعه النظارات.

دروس النزالات الماضية
الخطأ ممنوع في هذا النزال، وعلى كل مقاتل تجنّب الأخطاء التي عادةً ما يرتكبها. على سبيل المثال، أوليفيرا معروف ببداياته البطيئة للنزال، أي أنه يبدأ بنمط هادىء نوعاً ما قبل أن يدخل تدريجياً جوّ النزال بالشكل المطلوب. رأينا هذا الأمر يحصل في نزاله مع تشاندلر وبوريه، عندما خسر البرازيلي الجولة الافتتاحية، متلقّياً خلالها لكمات قاسية كادت أن تُنهي النزال في المناسبتَين، قبل أن يعود ليفوز في الجولات اللاحقة. وأمام جاستن غايتشي بالتحديد، يدرك أوليفيرا أن هذا الخطأ ممنوع، فإن تلقّى إحدى لكمات الأميركي الشهيرة، فعلى الأرجح لن يكون هناك من جولة ثانية ليعوّض فيها.

أما غايتشي، فعليه ألا يرضخ للضغط كونه يقاتل للمرة الثانية من أجل الحزام، وأن يحافظ على الهدوء الذي اكتسبه منذ أن بدأ بالتدرب مع ويتمان، وأظهره في نزاَليه الأخيرّين ضد كل من مايكل تشاندلر وتوني فيرغوسن. الخطأ والاستعجال في البحث عن ضربة قاضية، قد يكون مكلف جداً أمام مقاتل هادىء للغاية كأوليفيرا، الذي لن يفوّت فرصة من أجل إسقاط غايتشي أرضاً والعمل على إخضاعه بسرعة. لهذا، فهذا النزال بين الرجلَين ستكون عبارة عن مواجهة كلاسيكية في فنون القتال المختلطة، بين مقاتل يلعب وقوفاً على رجليه، وآخر سيسعى لأخذ القتال إلى أرض الحلبة.