منتخب بشخصية البطل. هذه الصورة الأولى التي يمكن أن يخرج بها المتابع لألمانيا في مباراتها أمام الولايات المتحدة والتي حسمها «المانشافت» 1-0. كل شيء كان يوحي بذلك من وقفة اللاعبين في الملعب وتحركهم، من انضباطهم التكتيكي وتنظيمهم، من عطائهم وجديتهم، من تحكمهم بزمام الأمور واستحواذهم، من سيطرتهم واستعراضهم، من جماعيتهم وروحهم القتالية حتى الدقيقة الأخيرة رغم التقدم، وهذا ما تبرزه مثلاً الفرصة الوحيدة لأميركا في اللقاء في الوقت بدل الضائع عندما عاد الهداف التاريخي ميروسلاف كلوزه والقائد فيليب لام بسرعة إزاء الهجمة الأميركية المرتدة لينقض عليها الثاني في الوقت المناسب ويبعدها داخل منطقة الجزاء.
صحيح أننا أمس لم نشاهد كماً من الفرص من الألمان، لكننا رأينا منتخباً واثقاً، قوياً، معطاء. في ظرف 90 دقيقة أعاد الألمان التأكيد أنهم قوة عظمى في هذه البطولة بعد الشكوك التي رسمها البعض حول الأداء أمام غانا، علماً بأن الألمان في تلك المباراة أثبتوا أنهم «فريق بطولات»، إذ رغم التأخر في النتيجة 1-2 ووسط الفورة الغانية، فإنهم تمكنوا من تنظيم صفوفهم واستيعاب الضغط الغاني وعادلوا النتيجة وكانوا قريبين حتى من الفوز.
بدا منذ الدقيقة الأولى أن الألمان «يتربّصون شراً» بالأميركان، رغم ما تردد عن «مؤامرة» أو «صفقة» بين يواكيم لوف وصديقه «ابن بلده»، نجم «المانشافت» السابق، يورغن كلينسمان، يتأهل بموجبها الطرفان، سرعان ما بددها زملاء لام بانطلاقتهم الهجومية القوية وضغطهم العالي على الأميركيين الذي أربك هؤلاء، فكانت «ميزتهم» الوحيدة طيلة المباراة الخشونة الزائدة، وتحديداً على النجم المتألق باستيان شفاينشتايغر.
هكذا، كانت المباراة طيلة الدقائق التسعين في «قبضة» الألمان الذين سيطروا على مجرياتها تماماً وسيّروها كيفما شاؤوا، ويقيناً لولا ادخار المجهود منذ تسجيل الهدف الوحيد لكانوا خرجوا بغلة أوفر من التي تحققت، كما لفت النفحة الهجومية للظهيرين بينيديكت هوفيديس، وتحديداً جيروم بواتنغ، عبر كراته العرضية، وهذا ما عاب الألمان في المباراتين السابقتين.

ثمة نقطتان مهمتان يجدر الإشارة إليهما، أولاهما أن شفاينشتايغر أثبت أنه القلب النابض للمنتخب الألماني وصمام الأمان في وسطه وضابط إيقاعه، وأن شكل المنتخب بوجوده يختلف كلياً في غيابه، وثانيتها أن توماس مولر هداف بالفطرة وأثبت مرة جديدة براعته في مركز المهاجم الوهمي ليأتي هدفه أمام الولايات المتحدة في الدقيقة 55 كتثبيت لهذه الحقيقة عندما عادت إليه كرة رأسية من بير ميرتساكر التي أبعدها تيم هاورد، فسددها بذكاء من حافة منطقة الجزاء لتسكن الشباك.
ملاحظة أخيرة: كل هذا وأوزيل، رغم تحسنه الملحوظ، لم يقدم سوى 50% من أدائه في البطولة حتى الآن، كل هذا وماريو غوتزه، الذي بدأ احتياطياً، لم يُخرج كل ما في جعبته.

البرتغال × غانا

وداعاً كريستيانو رونالدو. خرجت البرتغال ومعها أفضل لاعب في العالم من الدور الأول، بخسارتين وفوز غير كاف على غانا 2-1 في الجولة الثالثة.
عزاء الجماهير البرتغالية أن رونالدو كان مصاباً. اللاعب العنيد جداً، الذي يرفض الراحة، تحامل على إصابته ولعب. في المباراة الأولى أمام ألمانيا التي خسروها (0-4) كان وجوده شكلياً. كذلك الأمر أمام الولايات المتحدة الأميركية (2-2)، ما عدا الكرة الحاسمة الأخيرة في الدقيقة 90، التي مررها الى سلفيستر فاريلا وسجلها.

أما في مباراة أمس، وبعد علاجه، فقد تحسن أداؤه, لكنه جاء متأخراً. لم يعد هناك وقت للتعويض. حاول البرتغاليون التعويض عما فاتهم، لكن في هذه البطولة تبين أن منتخب المدرب باولو بينتو بحاجة الى الكثير من العمل على التنسيق بين الصفوف وبين اللاعبين، في الدفاع والوسط والهجوم. بينتو لا ينوي الاستقالة، ويمتد عقده الى بطولة أوروبا 2016 في فرنسا.

أثبت شفاينشتايغر
أنه القلب النابض لألمانيا وأن مولر هداف بالفطرة


سجل كريستيانو رونالدو هدفاً وحيداً طيلة المونديال
صحيح أن هناك وقتاً كافياً لتحسين ما يمكن تحسينه، لكن الغريب أن الاتحاد البرتغالي جدد الثقة به، فبينتو ومنتخبه حالة ميؤوس منها. يعانون من غياب التركيز وعدم الجهوزية الذهنية. لا شيء مشجع في بقاء بينتو في مركزه الفني، وأيضاً لم يكن مفاجئاً أنهم خرجوا من الدور الأول، فلقد تأهلوا إلى المونديال في المباراة الحاسمة أمام السويد.
وفي تفاصيل المباراة، جاء هدف التقدم للبرتغال في الشوط الأول بعدما فشل الغاني جون بوي بتشتيت عرضية، لتسكن الكرة شباك منتخبه في الدقيقة 31. وهدأ نسق المباراة بعدها حتى نهاية الشوط. وفي الشوط الثاني، تحسن أداء المنتخب الغاني، ساعين إلى تحقيق التعادل. وبعد عدة فرص، سجّل أساموا جيان هدفاً في الدقيقة 57 برأسية بعد عرضية متقنة من الناحية اليسرى. لكن رونالدو كان له رأي آخر، ورغم اليأس الذي حل بهم، تمكنوا من العودة. ففي الدقيقة 80 سجّل «سي أر 7» الهدف الثاني للمنتخب، وهدفه الوحيد، بعد ارتداد الكرة إليه من حارس غانا فاتاو داودا، ليقضي على حلم غانا في التأهل إلى الدور الثاني، حيث كان يكفيها الفوز بفارق هدف على البرتغال في ظل خسارة أميركا من ألمانيا بهدف نظيف.
غانا، المنتخب الذي يعاني من مشاكل في الاتحاد، ومشاكل بين اللاعبين، ومع المدرب، كانت تستحق التأهل. أداؤها بمجمل المباريات كان جيداً، إلا أنها ودعت البطولة متذيلة الترتيب، فاشلة من الاقتراب لإنجازها في مونديال 2010 حين وصلت الى ربع النهائي.