في السنوات الماضية، زاد تأثير تفاعل مشجعي كرة القدم عبر «السوشال ميديا»، وهو أمرٌ انسحب على فعاليات كأس العالم المقامة حالياً في قطر. يعكسُ ذلك تصدّر «المونديال» للمواضيع الأكثر تداولاً على منصات العالم الافتراضي حول العالم.قبل بداية العرس الكروي، هيمنت الوسوم المرحّبة على المواقع في مختلف بلدان العالم العربي، كما كثرت «الهاشتاغات» الأجنبية. ومع انطلاق المنافسات، بلغت «الضجة» أوجها.
تتميّز وسائل التواصل الاجتماعي عن البث التلفزيوني بكونها محادثة ثنائية الاتجاه، تتيح لعشاق الرياضة التفاعل والشعور بأنهم أكثر ارتباطاً بالفرق وباللاعبين.
في كأس العالم التي احتضنتها البرازيل عام 2014 مثلاً، غرّد مشجعو كرة القدم 672 مليون مرة على منصة تويتر، وهو رقم قياسي للشبكة الاجتماعية. كانت هزيمة «السليساو» المحرجة (7-1) أمام ألمانيا أكثر المباريات تغريداً، بمتوسط ​​618000 تغريدة في الدقيقة، وفقاً لبيانات صدرت عن المنصة.
وفي كأس العالم 2018، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي مرةً أخرى على خلفية العديد من المفاجآت. خرجت ألمانيا من الدور الأول، ثم صدمت كرواتيا الوسط الرياضي بالوصول إلى المباراة النهائية. أدّى استخدام حكم الفيديو المساعد (VAR) أيضاً للمرة الأولى إلى زيادة التفاعل، فيما كانت المباراة النهائية بين فرنسا وكرواتيا الأكثر تغريداً في تاريخ كأس العالم.
أرقامٌ قد تتحطم على العتبة القطرية لأسبابٍ مختلفة، بدءاً من التضييقات والاتهامات الحقوقية، وصولاً إلى توقيت الحدث الشتوي، مع ما رافقه من إصابات إثر زحمة المباريات. اشتعلت المواقع في حفل الافتتاح وكانت أغلب الأصداء إيجابيةً، ثم كثرت التغريدات بعد خسارة قطر للمباراة الأولى وهزيمة إيران بسداسية أمام إنكلترا، وما حصل بعدها من «حرب كلامية» بين مدرب إيران كارلوس كيروش من جهة، والاتحاد الأميركي ولاعب ألمانيا السابق يورغن كلينسمان من جهة أخرى. لا تزال البطولة في دورها الأول، ومن المرجح أن تشهد تفاعلات لم تشهدها من قبل على مواقع التواصل الاجتماعي.

اللاعبون في الواجهة
بمقارنةٍ مرتبطة بكأس العالم نشرتها صحيفة «ماركا» الإسبانية، يمتلك كريستيانو رونالدو أعلى شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي بواقع 747.1 مليون متابع. وبلغة الأرقام، يجب أن يمتلئ ملعب لوسيل (تبلغ سعته 80 ألفاً) أكثر من تسعة آلاف مرة، للاقتراب من عدد الأشخاص الذين يتابعون رونالدو على «السوشال ميديا». ثاني أكثر اللاعبين شعبيةً في كأس العالم هو الأرجنتيني ليونيل ميسي بواقع 476 مليون متابع، أي أكثر من سكان أميركا الجنوبية بأكملها.
يأتي نيمار (337.5 مليوناً) في المركز الثالث، وتفوق شعبية اللاعبين الثلاثة بعض المنتخبات الوطنية.
يحتل غاريث بيل وكيليان مبابي ولويس سواريز وباولو ديبالا وأنطوان غريزمان وروبرت ليفاندوفسكي، إضافة الى كريم بينزيما الذي أصيب قبيل المونديال، المراكز العشرة الأولى في البطولة، ويتجاوز مجموع متابعيهم عتبة الـ 2.1 مليار. رقمٌ يفوق متابعي باقي لاعبي مونديال قطر مجتمعين (1.7 مليار).
أجرت هذا البحث وكالة العلاقات العامة المتخصصة بكرة القدم «PMPR Excellence» لتحليل تأثير كأس العالم على وسائل التواصل الاجتماعي. تم تعقُّب جميع اللاعبين البالغ عددهم 831 لاعباً من المتأهلين للتصفيات النهائية (32 منتخباً)، عبر رسم جداول تقوم بتحليل مدى انتشار الأندية والمنتخبات الوطنية واللاعبين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه الدراسات تكون عادةً بطلب من وكالات الإعلان العالمية، إضافة الى الشركات الكبرى التي تستفيد من شعبية اللاعبين ونجوميتهم للترويج لنفسها وخدماتها ومنتجاتها. ولا يمكن في هذا الإطار سوى التوقف عند إعلان الشركة الفرنسية «لوي فيتون» التي طرحت إعلانها الذي يقدمه ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو تزامناً مع كأس العالم، والذي قدرت كلفته بمئات ملايين الدولارات.
وبحسب كل ما تقدم، فإن كأس العالم الحالية ستكسر كل الأرقام القياسية المتعلقة بالتغريد حول موضوع معين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً حول منافسات كرة القدم. وهذه التغريدات تساهم بالتالي في رفع قيمة اللاعبين السوقية، كما تدرّ عليهم أرباحاً هائلة مع منتخباتهم وأنديتهم نظراً إلى الإعلانات التي ترتبط بأسمائهم وخاصة عندما تكون متزامنة مع الأحداث الكروية الكبرى ككأس العالم ودوري أبطال أوروبا.