الدوحة | «مجنونة» كانت الأجواء مساء أمس في العاصمة القطريّة الدوحة. منذ فترة قبل الظهر كان لمباراة إيران وأميركا حضورٌ واسع في شارع سوق واقف الشهير. الألوان الزرقاء والبيضاء والحمراء الخاصة بالمنتخب الأميركي، قابلها الأخضر والأحمر والأبيض الإيراني، سيطرت على الساحات. سيّاح ومشجعون من البلدين حاضرون قبل ساعات طويلة من موعد المباراة الأشهر في المونديال. ولكن ما كان لافتاً هو أن الأجواء المحمومة في السياسة بين البلدين والكلام الكثير الذي كتب وقيل عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونشرات الأخبار حول المباراة وأبعادها السياسية لم يكن حاضراً بين المشجعين من الطرفين.
قدم الإيرانيون شوطاً ثانياً جيداً (الدوحة ـ طلال سلمان)

حتى قبل ساعة من انطلاق المباراة وفي ظل أجواء حماسية بامتياز كان مشجعو منتخبي إيران وأميركا يحتفلون سوياً بعيداً من أي حساسيات سياسية. الأميركيّون حين نسألهم عن اللقاء، يؤكدون أنهم سيفوزون بالنقاط الثلاث، ويبدأون في توقع النتيجة: «2-1، 3-1، 3-2، سنفوز حتماً» تقول مجموعة من المشجعين الأميركيين.
في المقابل بدت الحماسة عالية لدى الإيرانيين الذين حضروا بأعداد كبيرة سواء داخل الملعب أو خارجه. تشجيع بدأ قبل الوصول إلى الداخل واستمر من على المدرجات. لم يهدأ الإيرانيون إلا حين جرى عزف النشيد الوطني الإيراني. كذلك فعلوا لدى عزف النشيد الأميركي.
قبيل صافرة البداية بدأ الإيرانيون يتمنّون فوز منتخبهم. بعضهم كان واقعياً وأبدى تخوّفه من المنتخب الأميركي، لكن في الوقت عينه أبدى ثقته باللاعبين. هذه كانت حال مهدي وصديقته هزاندا.
الأمنيات بالفوز اختلف شكلها لدى حميد. هو إيرانيٌ حضر مع زوجته إلى الدوحة لمشاهدة مباريات منتخب إيران. حضرت أيضاً شقيقته وزوجها الأميركي. هي أيضاً أميركية هاجرت إلى الولايات المتحدة قبل عشرين سنة. بدا مشهد المجموعة غريباً. مشجعان إيرانيان، ومشجعان أميركيان أحدهما بملامح ولهجة إيرانية.
نسأل حميد عن هذا التناقض فيجيب أنه أمرٌ عادي. «هما مع أميركا ونحن مع إيران» يقول لـ«الأخبار». إذاً تتمنى فوز إيران؟
جوابه يكون مفاجئاً بعض الشيء. «ليس تماماً، الأمر مربك. فأنا أريد أن يفوز منتخب إيران وفي الوقت عينه لا أريد. في حال فوز المنتخب الإيراني سيتم استغلاله سياسياً من قبل المسؤولين» بحسب تعبير حميد. نسأله مجدداً لكن المنتخب للبلد وليس للمسؤولين، ما رأيك؟
«هذا غير صحيح. هو منتخب من المحسوبيات. هناك لاعبون أفضل من هؤلاء بكثير لكنهم مستبعدون»، يجيب المشجع الإيراني.
يبدو كلامه غير منطقي، خصوصاً أن لاعبي المنتخب الإيراني لم ينشدوا النشيد الوطني في المباراة الأولى مع إنكلترا اعتراضاً على ما يحصل في إيران من تظاهرات، بحسب ما نقل عنهم. كما أن المنتخب يضم أبرز اللاعبين المحليين والمحترفين بالخارج، وعلى رأسهم لاعب بورتو البرتغالي مهدي طارمي.
قد تكون المحاججة مع المشجع الإيراني غير مفيدة. فهو يعود إلى تمني فوز إيران رغم أنه مربك.
موقف حميد لا يمكن تعميمه. فالمشجع علي ريزا له رأي مختلف. «نريد أن نفوز ونتأهّل لأجل بلدنا لأجل إيران والشعب الإيراني. لا دخل للسياسة في الرياضة. منتخب إيران هو لكل إيران»، يجيب ومن ثم ينطلق إلى مدخل المدرج مطلقاً بوقه الملون بالأبيض والأخضر والأحمر.
هي مشاعر ومواقف متناقضة لكنها لا تفسد الأجواء في ملعب الثمامة حيث أقيمت المباراة. يكفي أن تكون حاضراً في الملعب وتسمع تشجيع المتفرجين من الطرفين من دون التعرض لبعضهما، حتى تشعر أن الرياضة قادرة على أن تتفوق على السياسة وتضع حداً لها ولو بشكل يسير.

تفاصيل اللقاء
فازت أميركا بهدف من دون رد، مستفيدة من تألّق جميع لاعبي المنتخب في الشوط الأول، خاصة أنتوني روبينسون وسيرجينيو ديست على الأطراف، إضافة إلى بوليسيتش وتيموتي وياه في العمق. واستغل بوليسيتش كرة متقنة من دست حولها إلى هدف عند الدقيقة (38) ليمنح منتخب بلاده بطاقة العبور إلى دور الـ16. قدّم المنتخب الأميركي شوطاً أول من دون أي أخطاء، مقابل تحفظ دفاعي مبالغ به من جانب الإيرانيين. في الشوط الثاني غير مدرب إيران كارلوس كيروش الخطة، فأخرج سارادار آزمون، وطالب لاعبيه الاندفاع من أجل التعديل إلا أن هذا الأمر لم يحصل. تقدم لاعبو إيران وخلقوا عدداً كبيراً من الفرص، ولكن افتقدوا إلى اللمسة الأخيرة، لتنتهي المباراة بفوز أميركي وتأهل إلى دور الـ16.
أما اللقاء الثاني فقد كان سهلاً على الإنكليز، الذي سجلوا ثلاثة أهداف في الشوط الثاني عبر ماركوس راشفورد (50 و68) وفيل فودين (52).