خلال السنوات الماضية، كَثُر الجِدال حول وقت اللعب الفعلي في كل مباراة، خاصةً مع توقف الكرة المستمر على خلفية تقنيات التحكيم الآلية، إضافة إلى إضاعة اللاعبين للوقت خلال فوزهم. خَلُصت العديد من الدراسات حينها إلى أن وقت اللعب الحقيقي لا يتعدى 60 دقيقة في أغلب المباريات، رغم أن الوقت الرسمي هو 90 دقيقة.يُهدر قسم كبير من الدقائق عند الاحتفال بتسجيل الأهداف والتغييرات، دون إغفال الإصابات وما يترتب عنها من وقت للمعالجة على أرض الملعب. لا يخفى أيضاً تعمُّد العديد من الأندية تقنية إهدار الوقت، من خلال ارتكاب المخالفات أو حتى ادّعاء الإصابة للحفاظ على النتيجة أمام الخصوم.
معادلة لم تعد موجودة في كأس العالم العربي، بفعل التقنيات الدقيقة لاحتساب الوقت بدل الضائع.
بدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم بمراقبة أوقات التوقّف بشكل مكثف منذ كأس العالم السابقة (روسيا 2018)، من خلال التدقيق على كافة الأحداث التي تُعيق مجريات اللعب. كان هناك تنسيق دائم بين غرفة التحكيم الإلكتروني «VAR» والحكم الرابع، لتعويض الوقت الذي لم يُلعب خلال المباراة.
تكرّر الأمر في النسخة القطرية ولكن بشكل أكثر صرامة، حيث منحت لجنة الحكام تعليمات واضحة بضرورة احتساب كل دقيقة وتعويض الوقت بدل الضائع بشكل مُتقن، لمواجهة ظاهرة إضاعة اللعب وزيادة المتعة الجماهيرية.
رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم، بييرلويجي كولينا، نبّه المشجعين قبل بدء انطلاق منافسات كأس العالم الحالية إلى ضرورة الاستعداد لحضور مباريات تتجاوز مدتها الـ100 دقيقة، وهو ما يحدث فعلاً.
شهدت مباراة إنكلترا ضد إيران في دور المجموعات رقماً قياسياً كأطول مباراة في مرحلة المجموعات للمونديال. لعب الفريقان 117 دقيقة، بواقع 27 دقيقة إضافية في كلا الشوطين الأصليين.
عرف الدور الأول من كأس العالم ما مجموعه 563 دقيقة إضافية من اللعب، أي أكثر من تسع ساعات


وبنظرةٍ أشمل، عرف الدور الأول ما مجموعه 563 دقيقة إضافية من اللعب، أي أكثر من تسع ساعات، أو ما يقارب ست مباريات بحسب قناة «Sky Sports». واحدة فقط من المباريات الثمانية الافتتاحية للبطولة انتهت في أقل من 100 دقيقة.
تُلعب البطولة خلال 28 يوماً، لكنها سوف تشهد أكبر عدد دقائق في تاريخ المونديال. هنا، ينقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض. البعض يرى بالدقائق الزائدة جرعة إضافية من المتعة، في حين يعترض آخرون حول التأثير السلبي للزيادة على تخفيض نسبة الفوز.
عدد من المشجعين ألقوا اللوم حول نتائج المباريات على أوقات التوقف. على سبيل المثال، أعاد جزء كبير من جمهور ويلز سبب خسارته أمام إيران (2-0) لتمديد الوقت المبالغ فيه، حيث جاء الهدفان في الدقيقتين 98 و101.

احتمالية أكبر للإصابة
خلال السنوات الماضية، زاد معدل مشاركة اللاعبين داخل المستطيل الأخضر. كثُرت البطولات الفرعية وتوسّعت المسابقات الكبرى، ما جعل اللاعبين يشاركون بأكثر من 60 مباراة في كل موسم، بعيداً عن جولات الصيف التحضيرية.
تعقدت الأمور أكثر جراء التوقّف القسري بفعل فيروس كورونا، وما تراكم بعده من مباريات لإنهاء الموسم بأفضل شكل ممكن. اشتكى العديد من اللاعبين حول قلة الراحة حينها، وهم اليوم يعانون من مجهودات مضاعفة في كأس العالم قد تسرّع وتيرة الإصابة، في وقتٍ يأتي به المونديال في منتصف الروزنامة الكروية للأندية.
الإصابات ظهرت في أكثر من حالة ضمن الدقائق الأخيرة من المباريات، حيث عدد كبير من اللاعبين بسبب إجهاد العضلات، خاصة خلال مباراة المغرب وإسبانيا أول من أمس، والتي شهدت شوطين إضافيَّين. وإضافة إلى الإصابات داخل الميدان، هناك العديد من الإصابات التي تُسجل خلال التدريبات المكثفة التي تجريها المنتخبات تحضيراً للمباريات الطويلة.
زيادة وقت اللعب الفعال بنسبة 10 إلى 15 في المئة، يستلزم جهداً مضاعفاً من اللاعبين والأجهزة الفنية، في فترةٍ تمتد بها المباريات إلى شوطين إضافيين في حال التعادل ضمن الوقت الأصلي، ما يجعل النسخة الحالية تشهد ربما على أطول مباراة في تاريخ اللعبة.
والأكيد انه خلال الفترة المقبلة سيجري تقييم دقيق لما حصل في كأس العالم، وربما يتم التراجع عن هذه الخطوة حماية للاعبين، أو بالحد الأدنى تقليصها، عبر زيادة وقت أكثر اعتدالاً وتوازناً للدقائق بدل عن الضائعة.