ظهر في الفترة الأخيرة توجّه لافت ضمن فعاليات كرة القدم الأوروبية يهدف إلى تأمين بيئة أفضل للاعبين المسلمين خلال شهر رمضان. بعيداً عن تقديم المختصّين نصائح عن تأثير الصيام على لياقة الرياضيين ومستواهم، كان لزاماً على الاتحادات إيجاد تدابير مسهّلة للصيام خلال شهر رمضان مع ارتفاع عدد لاعبي كرة القدم المسلمين في الدوريات الأوروبية على اختلافها، وهو ما ظهر بشكل أوضح في إنكلترا.تمثّلت أولى مبادرات الإنكليز عام 2021، عندما سُمح للاعبين المسلمين بالإفطار خلال مباريات الدوري الممتاز. قرّرت رابطة الأندية المحترفة حينها إيقاف مباراة ليستر سيتي وكريستال بالاس لإفطار الفرنسي ويسلي فوفانا (انتقل إلى تشيلسي أخيراً) والسنغالي شيخو كوياتي. أمرٌ سوف يتكرر هذا الموسم بصورة رسمية، حيث أصدرت لجنة الحكام التابعة للاتحاد الإنكليزي لكرة القدم تعليماتها للحكام في كل درجات الدوري، مشددةً على ضرورة التعامل بطريقة خاصة مع اللاعبين المسلمين خلال شهر رمضان المبارك عبر إيقاف المباريات لبعض الوقت حتى يتمكن الصائمون من الإفطار خلال المباريات التي تتزامن مع أذان المغرب.
وبحسب شبكة سكاي سبورتس البريطانية، سيتوجّب على كل فريق إنكليزي إبلاغ طاقم التحكيم بوجود لاعبين صائمين يحتاجون إلى وقت من أجل تناول السوائل أو المكملات الغذائية أو المواد الهلامية خلال فترة التوقف، على أن تستأنف المباراة بعد ذلك مباشرةً.
على صعيد الأندية، برز تشيلسي من خلال إقامة إفطار جماعي للمسلمين على أرض ملعب ستامفورد بريدج في خطوةٍ فريدة من نوعها، مع الإشارة إلى سير ملعب ويمبلي على المنوال نفسه يوم السبت 15 أبريل/نيسان المقبل. وانسحبت التسهيلات والتفاعلات إلى خارج المستطيل الأخضر أيضاً، حيث نشر بعض الرياضيين المسلمين دليل توجيهات يتضمّن معلومات حول كيفية تأثير الصيام وغيره من التغييرات في نمط حياة لاعبي كرة القدم، مع نصائح حول التمارين والتغذية للمسلمين الممارسين. دليلٌ يعزّز سعي الدوري الإنكليزي بكلّ درجاته للاهتمام بصحة لاعبيه الصائمين، توازياً مع حصوله بانتظام على إرشادات إسلامية من منظمة «Muslim Chaplains in Sport (MCS)» المعتمدة والمموّلة من قبل رابطة الدوري الإنكليزي لكرة القدم.

تحدّيات مرتقبة
تعدّ كرة القدم من أكثر الرياضات إجهاداً، نظراً إلى الحركة المستمرة طوال تسعين دقيقة. يتطلّب ذلك طاقة مضاعفة ونظاماً غذائياً صارماً، ما يجعل اللاعبين الصائمين يعانون الأمرّين.
في هذا الإطار، سلّط تقرير لصحيفة ميرور الإنكليزية الضوء على التحدّيات التي يواجهها اللاعبون المسلمون خلال شهر رمضان، من خلال مقابلة أجرتها مع رئيس الطب الرياضي في نادي كريستال بالاس، الدكتور ظفر إقبال.
أوضح إقبال أنّ بعض اللاعبين يضيفون أيام صيام إلى جدولهم قبل رمضان حتى تتأقلم أجسامهم. عندما يفطرون، يجب أن يكون الجهاز الطبي حريصاً على عدم إعطائهم أطعمة مقليّة أو عالية السكر، خوفاً من تخزين الطعام الزائد في الجسم، الذي لا يتم حرقه، على شكل دهون. لذا، يتمّ التأكد من تناول اللاعبين الكربوهيدرات سريعة التحرر مثل الفواكه أو التمر وبعض الماء للترطيب، لأنّ ذلك يمنحهم طاقة سريعة، ثم الانتظار قليلاً قبل تناول المزيد من الطعام.
ستوقف المباريات لبعض الوقت في الدوري الإنكليزي خلال شهر رمضان لكي يتمكّن اللاعبون الصائمون من الإفطار


ولفت الطبيب إقبال إلى قلق بعض الرياضيين المسلمين في رمضان من عدم الحصول على دعم مدربيهم أو الفريق الطبي، ما يدفعهم إلى إخفاء حقيقة صومهم للحؤول دون معاقبتهم أو عدم اختيارهم للعب. ثم شدّد على ضرورة حصول اللاعبين على قسط كافٍ من الراحة من خلال العمل مع فريق مخصّص بعلوم الرياضة لمعرفة الوقت المناسب للقيلولة، بحيث يُعدّ النوم أكبر وأفضل استراتيجية للتعافي لأنه «يساعد على نموّ العضلات وإصلاحها».
هناك عوامل أخرى مساعدة بحسب إقبال، مثل استخدام المناشف الباردة وأحواض الغطس للمساعدة في تقليل فقد السوائل، غير أن الجدول الزمني المنظّم للنوم، بالإضافة إلى الطعام والمكملات الغذائية المناسبة مع وضع خطة دقيقة للتدريب، هي الأساليب الأفضل لتقليل الضغط على الصائمين.