بين بطولة «هيرو إنتركونتينتال كاب» التي ستجمع منتخب لبنان مع منتخبات الهند وفانواتو ومنغوليا، وبطولة جنوب آسيا التي سيواجه في إحدى مجموعتيها: المالديف، بنغلادش وبوتان (تضم المجموعة الأخرى: الهند، الكويت، النيبال وباكستان)، سيقضي منتخبنا الوطني حوالي الشهر في الهند، منشغلاً في مبارياتٍ تحضيرية لكأس آسيا التي سيخوض غمارها في قطر مطلع السنة المقبلة.بمجرد تسمية الخصوم المقبلين للبنان، علت الأصوات المنقسمة بين متفاجئٍ ومنتقدٍ، وبين مترقّبٍ لما يمكن أن ينتج من هذه التجربة غير الاعتيادية.
وقد يكون منطقياً أن يذهب البعض الى التصويب على المشاركة المقبلة للبنان في الدورتين، وخصوصاً أن المنتخبات العربية، ومنها المتأهل الى كأس آسيا، نظّمت ولا تزال مبارياتٍ على أعلى مستوى، إذ بالعودة الى ما قبل نهائيات كأس العالم 2022، لعب منتخب سلطنة عُمان مع ألمانيا، وواجهت الأردن منتخب إسبانيا وتتهيأ للقاء صربيا في الوقفة الدولية في حزيران المقبل. أما العراق فقد واجه في فترة التحضيرات المونديالية منتخب الإكوادور قبل سفره الى قطر، ولعب قبل شهرين مع روسيا، ويستعد للقاء كولومبيا.
مواجهاتٌ بلا شك لها فوائد إيجابية قصوى للمنتخبات المذكورة، حتى ولو لم تخرج منتصرة منها، ففي نهاية المطاف لا يرفع من مستوى اللاعبين ويزيد من خبرتهم سوى اللعب أمام منتخباتٍ لها وزنها في عالم كرة القدم.

لبنان المأزوم
بالتأكيد، ليس بإمكان لبنان مواجهة أي منتخب من هذا النوع لأسبابٍ مختلفة، تبدأ طبعاً من واقع البلاد حيث لا يوجد أي ملعب بمعايير عالمية لاستضافة تمارين ومباريات دولية بهذا الحجم، ولا إمكانات مادية لتأمين أفضل ظروف الاستضافة للضيوف، والدليل أن معظم رحلات المنتخب اللبناني كانت عبر دعوات موجّهة، إذ إن القدرات المالية للاتحاد، الذي لا يتلقى أي مساعدة من الجهات الحكومية بسبب الأزمة الاقتصادية العامة، لا يمكن أن تغطي تنظيم لقاءاتٍ بهذا الحجم أو دفع المبالغ لمنتخباتٍ لقبول خوض مباريات وديّة مع منتخبها على غرار ما أمّنته دول عربية مختلفة في مناسباتٍ عدة، لتكون بالتالي استعداداتنا لآسيا على قاعدة المثل الشهير: «على قدّ بساطك مدّ اجريك».
واقع البلاد وغياب الملاعب وضعف الإمكانات المادية لا تسمح للبنان باستضافة منتخبات كبيرة


كما تضاف مسألة أساسية، وهي أن المنتخب اللبناني الحالي في طور إعادة البناء، وبالتالي ليس بإمكان اللاعبين الشبان مجاراة أصحاب الخبرات الطويلة على الساحة الدولية، ولا يحتاج المنتخب بالتالي الى هزائم وصدمات معنوية في هذه الفترة تحديداً، حيث يفترض أن يكون العمل على تعزيز إيمان اللاعبين بأنفسهم، وهو أمرٌ تجلبه الانتصارات حصراً.
لذا، ستكون النقطة الأكثر إيجابية في الدورتين الهنديتين هي في كسب اللاعبين الجدد الاحتكاك اللازم، وعيش أجواء المنتخب ومعسكراته ومبارياته الدولية، وهو ما يساعد في الإعداد الذهني لهم قبل الانغماس في الحدث الآسيوي الكبير، حيث سيواجهون في دور المجموعات قطر المضيفة، الصين وطاجيكستان.

العين على المونديال
وتبرز فائدة عامة أخرى، وهي ترتبط بقرعة التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2026، وتصفيات كأس آسيا 2027 التي ستجرى في ماليزيا في 27 تموز المقبل، حيث سيكون السباق عبر المباريات الدولية المقبلة نحو كسب معقدٍ في التصنيف الثاني للقرعة المونديالية، وهو أمرٌ مهم بعد رفع عدد المنتخبات المتأهلة الى النهائيات الى 48 منتخباً، وتخصيص 8 مقاعد مباشرة لقارة آسيا، إضافةً إلى مقعدٍ في الملحق القاري.
من هنا، ستكون العين على الهند، التي يقف منتخبها خلف لبنان في تصنيف «الفيفا» بفارقٍ لا يتعدّى 2.08 نقطة، حيث سيكون من المهم الفوز عليها لأن هذه المواجهة ستحدد بنسبةٍ كبيرة من سيكون في التصنيف الثاني في القرعة، علماً أن لبنان يحتل حالياً المركز الـ 18 آسيوياً (99 عالمياً) في التصنيف الدولي، في وقتٍ ستوضع فيه المنتخبات التي تحتل المراكز من 10 الى 18 بحسب تصنيف «الفيفا» لشهر تموز 2023 في التصنيف الثاني من قرعة الدور الثاني لتصفيات كأس العالم 2026.
هذه التصفيات التي تشكّل أملاً استثنائياً لكل منتخبٍ آسيوي بعيداً من منتخبات الصف الأول لتحقيق حلم التأهل الى المونديال، سيبدأها لبنان حتماً من الدور الثاني الذي سيضم 36 منتخباً، وهي المنتخبات المصنّفة من الأول إلى الـ 25 في التصنيف العالمي، إلى جانب المنتخبات الـ 11 الفائزة في الدور الأول، ليتمّ توزيعها على 9 مجموعات، بحيث تضم كل مجموعة 4 منتخبات تتنافس بنظام الدوري من مرحلتَي ذهاب وإياب، ويتأهل أول فريقين من كل مجموعة إلى الدور النهائي من التصفيات الآسيوية لكأس العالم، وتحصل أيضاً على بطاقات التأهل إلى كأس آسيا 2027.
بعدها يتم توزيع المنتخبات الـ 18 على ثلاث مجموعات، حيث تضم كل مجموعة 6 منتخبات، تتنافس بنظام الدوري من مرحلتَي ذهاب وإياب، ويتأهل أول فريقين من كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم 2026.