ماذا يعيب الأرجنتيني أنخل دي ماريا لكي يتخذ ريال مدريد الإسباني ومدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي القرار بإبعاده عن صفوف الفريق؟ أحد أفضل لاعبي العالم في مركز الجناح والذي قدّم موسماً أخيراً خيالياً مع الملكي وأسهم، أكثر من غيره، في قيادته للقب دوري أبطال أوروبا، لكن كل هذا لم يشفع للاعب بنفيكا البرتغالي السابق حتى يضمن استمراره في النادي الأبيض. مجرد مطالبته بتحسين شروط عقده للتمديد (وهو يستحق ذلك)، كانت سبباً رأته إدارة ريال مدريد «مناسباً» لكي تضع رأسه على المقصلة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هذه العقلية التي تحكم إدارة النادي الملكي؟
إنها العقلية التي لا تعرف سوى لغة المصالح وتحسب اللاعب على مقاس الدولارات واليوروهات. من أجل مصلحته، فإن ريال مدريد مستعد لفعل أي شيء. ولكي لا نذهب بعيداً، هل القرار بإبقاء إيكر كاسياس وبيع دييغو لوبيز لميلان الإيطالي يخطر على بال عاقل؟ في ريال مدريد، يصبح هذا طبيعياً، إذ لا منطق يحكم عملية البيع والشراء.
عوّدنا النادي الملكي، الذي يفتخر بـ«لا ديسيما» أو اللقب العاشر في دوري أبطال أوروبا، على ذلك. في الموسم الماضي، صدم العالم عندما باع النجم الألماني مسعود أوزيل الى أرسنال الإنكليزي، ما أدى الى تراجع في نجومية اللاعب. بين ليلة وضحاها، فقد اللاعب سحره الذي كانت تتغنى به مدريد، وتحوّل صاحب القميص الرقم عشرة الى «صفر»، وكل ذلك بسبب قدوم الويلزي غاريث بايل مقابل مبلغ قياسي في تاريخ كرة القدم، وهذا ما حصل، بطريقة أو بأخرى، مع الأرجنتيني غونزالو هيغواين أيضاً.
في حقيقة الأمر، الأمثلة كثيرة على ظُلْم ريال مدريد للاعبين نجوم في صفوفه باعهم من دون سبب أو وجه حق، حصل ذلك مع البرازيلي روبينيو والهولنديين ويسلي سنايدر وأريين روبن، وتحديداً الفرنسي كلود ماكيليلي، فضلاً عن آخرين دمّر نجوميتهم كالإنكليزي مايكل أوين والبرازيلي كاكا، حتى سمّي «مقبرة النجوم»، إضافة الى مدربين استغنى عنهم رغم تحقيقهم الألقاب، لا لشيء، سوى من أجل التعاقد مع آخرين، كما الحال مع الإيطالي فابيو كابيللو.
قلنا ماكيليلي؟ دي ماريا هو «ماكيليلي أيامه». ريال مدريد الذي يبدو في حاجة إلى لاعب بمواصفات الأرجنتيني وسرعته، فإنه لم يبال بذلك مقرراً التخلص من اللاعب من أجل تعويض الملايين الكثيرة التي أنفقها مقابل التعاقد مع الكولومبي خيمس رودريغيز والألماني طوني كروس. ريال مدريد يتقن كسر أحلام اللاعبين وتحطيم معنوياتهم. يتعاقد معهم على أنهم الأفضل، ومن ثم يبيعهم عند أول مفترق عندما يرمي ملايينه لاصطياد نجوم جدد يتباهى بهم أمام العالم بأسره وبأنه النادي الأغنى في العالم والقادر على التعاقد مع أي نجم مهما بلغت نجوميته، وهذا ما حصل في سوق الانتقالات الصيفي الحالي مع كروس ورودريغيز.
لا يحق في ريال مدريد أن يطالب اللاعب بتحسين راتبه، أو في حقيقة الأمر يحق ذلك للبعض كأن يحزن ويغضب البرتغالي كريستيانو رونالدو على مرأى العالم من أجل أن يحسّن النادي الملكي شروط عقده، وينجح في ذلك... لكن هذا رونالدو!
يكفي دي ماريا أنه لقي تعاطف العالم ومحبته طيلة هذه الفترة، وأن نادياً كمانشستر يونايتد الإنكليزي اختاره لارتداء قميصه لإثبات قيمته الفنية وأن ريال مدريد أمعن في ظلمه، بأن النادي الملكي لا يتقن احتضان لاعبيه وإشعارهم بالانتماء إلى شعاره، بأنه حقاً صاحب الشعار: مصلحتي فوق أي اعتبار.



شكراً دي ماري

ودّع شابي ألونسو والبرازيلي مارسيلو زميلهما انخل دي ماريا. وكتب الاول على مدوّنة «تويتر»: «شكراً على كل شيء، أتمنى لك الخير، حتى لو كان في مانشستر يونايتد. لن ننسى ماذا فعلت في الوقت الإضافي في لشبونة»، والثاني على موقع «إينستاغرام»: «شكراً على كل ما أعطيته لريال، أنت لاعب كبير يا أخي، أحبك».