لا يمكن التشكيك في إمكانية عدم نجاح أنطونيو كونتي مع منتخب إيطاليا. سواء أحببت صاحب العينين الزرقاويين لاعباً، أو أعجبت به مدرباً، فلا بدّ من الاعتراف بأنه يملك أفكاراً فنية مهمة ستفيد «الآزوري» على المدى البعيد.إذاً، يبدأ كونتي من مدخلٍ مليء بالأشواك عندما يقابل هولندا ثالثة كأس العالم 2014، لكنه ينظر إلى ما بعد هذه الموقعة، للتأكيد أنه لا يعرف الفشل إثر فوزه بثلاثة ألقاب متتالية في الدوري الإيطالي مع يوفنتوس، ولإثبات تلك النظرية القائلة بأنه لا يوجد هناك من هو أفضل منه في إيطاليا أو إذا صح التعبير بأنه الشخص الأفضل لهذه المهمة الوطنية.

وفي الحقيقة، كان وصول كونتي إلى المنتخب الأزرق منطقياً، ولو أن هناك بعض الملاحظات التي يتركها البعض حول قدرته على الارتقاء بالمنتخب إلى مصاف الكبار بسرعة قياسية. فمنذ اللحظة التي ترك فيها يوفنتوس، ذهب كثيرون إلى ترشيحه لتسلّم المقعد الفارغ الذي خلّفه رحيل تشيزاري برانديللي بعد استقالته عقب الفشل الذريع لمنتخبه في مونديال 2014.
والواقعية تقول بأنه يفترض استقدام أفضل مدرب وطني للمنتخب الوطني. وبما أن هناك استحالة لاستقطاب كارلو أنشيلوتي صاحب الإنجاز الكبير مع ريال مدريد الإسباني في الموسم الماضي، كان كونتي الأفضل بين المتاحين، بانتظار ما يتنبأ به كثيرون في إيطاليا بأن الأول سيرتدي يوماً تلك السترة التي كتب عليها إيطاليا بالخط العريض ليتوّج إنجازاته مع الأندية التي درّبها بلقبٍ كبير مع «الآزوري».

ليس هناك أفضل من كونتي سوى أنشيلوتي على الساحة الإيطالية


ومما لا شك فيه، أن إيطاليا تحتاج كونتي أكثر مما يحتاج هو لتحدٍّ جديد في مسيرته التدريبية، فهذا المدرب متخصّص في رفع الفرق من الأنقاض، إذ يذكر الكل أنه عند وصوله إلى يوفنتوس، كان الفريق قد احتل المركز السابع على لائحة الترتيب، وقدّم أداءً رهيباً من حيث النوعية السيئة، لكن مع المدرب الجديد عادة الثقة واستعادت «السيدة العجوز» شبابها حاصدةً البطولات المحلية المختلفة.
وهنا قد نجد أوجه التشابه بين ما أسلفنا وبين الوضع الحالي لمنتخب إيطاليا، الذي يحتاج من دون شك إلى الترميم بعد نكسة المونديال. والأهم أنه يحتاج إلى مدربٍ بعقلية كونتي يجعل اللاعبين أكثر إيماناً بالقميص الذي يرتدونه، فهم ظهروا حتى في المباريات الودية استعداداً للمونديال وكأنهم لا يكترثون، والدليل اللقاء أمام لوكسمبور المتواضعة الذي انتهى بتعادلٍ مخجل 1-1...
ببساطة، ما سيشجع الجمهور الإيطالي للذهاب إلى الملعب ومتابعة منتخب بلاده في مواحهة منتخبات مثل النروج وأذربيجان في التصفيات المؤهلة إلى كأس أوروبا 2016، هو كونتي دون أي أحدٍ آخر. والسبب هو أن هذا المدرب، بإصراره الكبير على تطبيق ما يجول في رأسه، يمكن أن يفاجئ أيّاً كان، وهذا ما ظهر مثلاً من خلال إبعاده نجم الهجوم ماريو بالوتيللي واستبداله بلاعبٍ مغمور من فريق ساسوولو الذي كاد يهبط إلى الدرجة الثانية في نهاية الموسم الماضي، وهو سيموني تزاتزا!
وفي موازاة هذا الأمر، قد يكون هناك قلقٌ كبير ومبرر بأن كونتي لن يحقق شيئاً مع المنتخب، استناداً إلى نتائجه الخجولة مع يوفنتوس على الصعيد القاري. وفي هذه النقطة شيء يمكن التوقف عنده، لكن عناد الرجل بأفكاره وفلسفته الفنية قد يفرز شيئاً مغايراً، إذ ما لم يقدر على فعله في «اليوفي» قد يُقدم عليه مع المنتخب، حيث الضوء الأخضر أُعطي له للتصرف كما يشاء على اعتبار أنه ليس هناك أي شيء ليخسره الطليان بعد تكرار الخروج المبكر من كأس العالم المفترض أن يلعبوا الأدوار الأولى فيها.
مواجهات كونتي لن تكون مع المنتخبات المنافسة فقط، بل مع الصحافة والجماهير الذين يخرجون كلٌّ بتشكيلة بحسب انطباعاته، وبفلسفة مختلفة تماماً. وهنا يمكن إعطاء مثل عن حقبة برانديللي الذي أخرج إيطاليا من الثوب الدفاعي البشع وألبسها حلّة هجومية جميلة أثارت إعجاب كل المتابعين، لكن رغم ذلك وُجّهت أسهم الانتقادات إليه حتى قبل أن يسقط في الامتحان الكبير.
كونتي يعمل اليوم في منصبٍ قد لا يحب كثيرون تسلّمه، فأعصابه الثلجية عادةً قد تصبح أكثر برودة، فهناك على مقعد تدريب المنتخب الإيطالي ينتظره في كل ليلة «دلو مثلّج» ليسكب على رأسه ويشعر بتصلّب عضلاته وسط الضغوط التي تفرزها مباريات «الآزوري» إعلامياً وجماهيرياً.




محفّز اللاعبين

لطالما عُرف عن أنطونيو كونتي أنه يملك سحراً في تحفيزه اللاعبين لتقديم كل عطاءاتهم على أرض الملعب، وهذا السبب يكمن بالتأكيد وراء عدم اعتزال أندريا بيرلو دولياً، بعد محادثة بين الطرفين أكد الأخير فيها استعداده للبقاء مع المنتخب.