«لقد كان الفوز على يوفنتوس طلباً أكثر مما يمكن تحقيقه على أرض الواقع». هذا ما قاله مدرب ميلان فيليبو إينزاغي بعد خسارته أمام يوفنتوس ٠-١ في الدوري المحلي. كلامه هذا لا يعكس هدفه الحقيقي، إذ بدا لحظة خروجه من الملعب غاضباً جداً لعدم حصوله على ما أعد له.
رغم ذلك، أبدى إينزاغي رضاه عن أداء لاعبيه، وهذا أقل ما يمكن قوله بعد جولتين جيدتين نسبياً في الدوري المحلي لمدربٍ جديد مع فريق يخرج من دوامة الخفقان التي أوقعه بها مدربه السابق، ومدرب «اليوفي» الحالي ماسيمليانو أليغري.
الأخير بدا في مظهر الواثق بالنفس والساعي بالدرجة الأولى إلى حصوله على ثقة مشجعي فريقه بعد رحيل أنطونيو كونتي. وبفوزه على ميلان، ثأر - وإن كان قد رفض هذا الوصف - من إقالته الموسم قبل الماضي. نجح بذلك، كما نجح بحصوله على رضا جماهير «البيانكونيري» التي ظلت مترددة حول دعم مدربها الجديد أو لا، ليتخلص من حملات الهجوم التي شُنّت عليه من قبل 80% منهم، بحسب صحيفة «توتوسبورت» الإيطالية، أبرزها تجلت على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بالـ«هاشتاغ»: « لا لأليغري». بناءً عليه، فشلت توقعات جمهور «اليوفي» بأن الفريق ستسوء حاله، على الأقل ليس محلياً، والمباراة الأخيرة كانت التحدي الأمثل.
في الجانب الآخر، كان ميلان، بقيادة إينزاغي، واقعياً جداً في التعاطي مع المباراة. صحيح أنه خسر، لكنه على الأقل تخلى عن النفسية الانهزامية التي لحقت بالفريق أخيراً.
الثبات في المستوى، والتكتيك المتبع من قبل اللاعبين أمر ممتاز في فريق يُبنى من جديد. ويبدو حقيقةً أنه إذا ما بقي إينزاغي، في الموسم المقبل والذي يليه، فسيكون فريقاً ينافس في شتى البطولات. يرتبط ذلك بالحفاظ على اللاعبين الذين يقدّمون مستوى و«غرينتا» منقطعة النظير على أرض الملعب. الهولندي نايجل دي يونغ، أحد هؤلاء الذين برزوا أول من أمس، وهو الذي كان في انتظار صاحب الهدف الأرجنتيني كارلوس تيفيز كلما تسلّم الكرة، ما قلّل من خطورته. كان اللاعب الأكثر عطاءً ومدير إيقاع لعب ميلان. صفّق الجمهور طويلاً له، آملين أن يفي رئيس النادي سيلفيو برلسكوني بوعوده بإعادة بناء الفريق، عبر تعاقدات جديدة، لا بالتخلي عن أمثالهم.
في كل مباراة يدرك إينزاغي القدرات البشرية التي يمتلكها، وعلى هذا الأساس يلعب مهاجماً أو مدافعاً. الفريق غير جاهز بعد لمقارعة الجميع، وخصوصاً إذا ما كان خصمه أقوى منه بالشق الهجومي والوسط. يعاني، حتى الآن، من صعوبة في بناء الهجمة من الخطوط الخلفية، والسيطرة على الكرة في ملعب خصمه، إذ إن الكرة ظلّت وقتاً لا بأس فيه، في ملعبه. وأليغري الذي يعرف ميلان جيداً يدرك ذلك، ولعب على هذا الوتر طوال المباراة.
إضف الى ذلك، لا يزال إينزاغي يعتمد على المهارات الفردية من دون اللعب الجماعي، ما سبب مشاكل، لأن ما يملكه ميلان من موارد بشرية لا يساعده في ذلك. المرتدات كانت ملاذه لخلق فرص خطيرة. والدفاع كان ما جعله يخسر 0-1 فقط.
عاب عليه البعض كيف يلعب مدافعاً في ملعب «سان سيرو»، وخصوصاً في رحلة استعادته لهيبة اللومباردي. إينزاغي لم يخاطر، لأنه يعلم ما لديه، وإن كان الفريق يحتاج إلى انتصار، فمن المبكر أن يكون ذلك أمام يوفنتوس الذي أنهى الموسم الماضي متقدّماً بما يزيد على 50 نقطة عن ميلان، فضلاً عن أن آخر فوز حققه ميلان على «اليوفي» يرجع إلى شهر تشرين الثاني عام 2012.
يوفنتوس تفوق بمعظم الأشياء، من ناحية الاستحواذ، والفرص الخطيرة، ودقة التمرير والفوز بالالتحامات الهوائية. تبيّن هذه النتائج أن العامل البشري هو سبب التفوق.
المدرب جيد جداً، ولا يحتاج إلا الى الوقت، ليحمل «السكوديتو». طبعاً، هذا الإنجاز لا بدّ أن يكون مقروناً بدعم نائب رئيس النادي أدريانو غالياني وابنة الرئيس باربرا برلسكوني من ناحية التعاقدات، وبمعالجة إينزاغي لمشكلة رئيسية: «الدفاع العار» الذي يتلقى الكثير من الأهداف.
لقد كان اختباراً صعباً، في وقت مبكر من الموسم. المباراة لم تكن مهمة، لكنها جوهرية. الآن هدف ميلان تضييق المسافة مع يوفنتوس وروما المنافسان على اللقب. أما الموسم المقبل والذي يليه، سيكون على غير حالة، إذ من شبه المؤكد عودتهم إلى دوري الأبطال، وإرواء جماهيرهم المتعطشة للوقوف على منصة التتويج باللقب المحلي بعد طول انتظار. ولبرلسكوني الأب، الكلمة الفصل بهذا الشأن: «في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام سيكون ميلان زعيماً للعالم، عندما تُعزَّز الصفوف. سنعود إلى المكانة التي نستحقها، نتزعم إيطاليا، أوروبا والعالم».




جائعون للانتصارات