معيب ما يحصل على صعيد منتخب لبنان لكرة القدم. معيب بكل معنى الكلمة. أمس، خسر المنتخب اللبناني 0 - 5 أمام مضيفه القطري ودياً في الدوحة، حيث من المفترض أن يستعد لبنان لتصفيات أولمبياد ريو دي جانيرو، في حين يستعد المنتخب القطري لكأس الخليج.أمس، تلقت كرة القدم اللبنانية صفعة مهينة، لا بسبب الأهداف الخمسة التي تلقتها الشباك اللبنانية. فهذا ممكن أن يحصل مع أي منتخب، لكن بسبب الصورة المؤلمة التي ظهر عليها المنتخب اللبناني والخسارة القاسية من منتخب لا يتفوّق فنياً، وكان حتى الأمس القريب يتمنى مجرد معادلة النتيجة، وفي حال فاز يكون بهدف أو هدفين مع «بذل» الغالي والنفيس لتسجيل هذا الهدف.
أمس، شعر كل محب للمنتخب اللبناني بأنه تلقى طعنة في الصميم حين شاهد منتخبه منهاراً بهذا الشكل. هذا المنتخب الذي وصل كي يكون أحد أفضل عشرة منتخبات آسيوية وصرفت عليه ملايين الدولارات وبذلت له جهود جبارة وعاش معه الجمهور اللبناني أجمل اللحظات، تحوّل أمس الى نسخة مشوهة أطاحت كل ما تم تحقيقه.

ما حصل أمس يتخطى المدير الفني جوسيبي جيانيني، فهذه خياراته وهذه قدراته. صحيح أنك تستذكر مقولة الفنان زياد الرحباني في إحدى مسرحياته «ما بدنا نفهم قده، بدنا نفهم عليه»، لكن القصة أصبحت أكبر من جيانيني كلياً. المسألة أصبحت تتعلق بسمعة الوطن الكروية. الموضوع تخطى الخلاف حول المدرب وما إذا كان يجب أن يبقى في منصبه أو لا. القصة وصلت الى حدود واقع المنتخبات اللبنانية وطريقة عمل المسؤولين عنها. واقع لم يعد ممكناً السكوت عنه، وتحديداً من قبل رئيس الاتحاد هاشم حيدر الذي هو رأس الهرم الكروي، ومطلوب منه قبل أي شخص آخر في الاتحاد وقفة جريئة لوضع حد لهذه المهزلة التي تحصل على صعيد المنتخبات. أمس، ذكر معلّق قناة الكأس التي كانت تنقل المباراة اسم حيدر تحديداً، متحدثاً عن ضرورة التحرك لإعادة الصورة السابقة للمنتخب اللبناني. قد يكون هناك اعتبارات كثيرة داخل الاتحاد اللبناني، لكن حين تصل المسألة الى قضية على مستوى وطن وكرة القدم فيه، فحينها يصبح الحفاظ على اللحمة الاتحادية جريمة إذا كانت على حساب المنتخبات. وحينها يكون السكوت على واقع غير صحي وغير سليم، وهو أمر مؤمن به حيدر الى أبعد الحدود، خطيئة لا تغتفر. إذ لا يمكن تقبّل فكرة عدم وجود لجنة منتخبات تتألف من خبراء في كرة القدم اللبنانية تسأل القيمين الفنيين على المنتخبات ماذا يفعلون وإلى ماذا يهدفون. صحيح أن عضو الاتحاد أحمد قمر الدين هو رئيس لجنة المنتخبات، وله تجربته الكبيرة كلاعب سابق، لكن في النهاية هو رئيس على لجنة غير قائمة. ولا يمكن بناء منتخبات صحيحة سوى بالعمل الجماعي عبر مجموعة من الأشخاص لهم خبرتهم في كرة القدم يكون الى جانب أي مدرب، سواء جيانيني يسألونه ويسائلونه ويناقشون معه خياراته.
واقع المنتخبات اللبنانية وصل الى مرحلة مزرية تتطلب موقفاً جريئاً للمحافظة على بعض ما تم تحقيقه في السنتين الماضيتين.