تعود المباريات الدولية بين المنتخبات لتخلق مواجهة بين زملاء الفريق الواحد. يلعب كل لاعب لوطنه، دون إعارة زميله أي اهتمام، إن كانت الخسارة ستكون من نصيبه. أساساً، هذه هي كرة القدم، اللعبة التي لا مكان فيها للعواطف ضمن التسعين دقيقة. أصدقاء اليوم خصوم الساعة. وشرف الخصومة الذي عرِّف بـ «أخلاق الخصومة» أو قواعدها يمنعها من الوصول الى مرحلة العداوة. في معظم الأوقات تبقى الخصومة راقية، ولا تتعدى حدودها التي دائماً ما يتغنى بها «رؤساء الفيفا».
يحصل ذلك في المباريات الودية، لكن في المباريات الرسمية، الخصومة تحمل وجهين: البقاء على حالها، أو التحول الى عداوة، وخصوصاً إذا ما كانت مباراة حاسمة، تؤهل أو تتوج من جهة، أو يخرج على أثرها الخاسر من جهة أخرى.
تصل الأمور أحياناً الى الشتائم والعنف الجسدي. لا يرى اللاعب زميله زميلاً، بل عدواً. هذه الصورة الأوضح لها، وإن كان هذا القول غير مستساغ من قبل محبي الكرة، لكن كثُر من متتبعي أخبار الملاعب رأوا ذلك غير مرة. يبرز ذلك بوضوح في كأس العالم أو في الـ «يورو». في المونديال الأخير، لعب صاحب الأرض ضد ألمانيا، وفيهما لاعبون أصدقاء تبادلوا الود نهاية المباراة، رغم خسارة الـ «سليساو» ٧-١. نفس الود حصل سابقاً بين البرازيلي روبرتو كارلوس والفرنسي زين الدين زيدان حين فاز الأخير 1-0 في الدور ربع النهائي لمونديال 2006. أيضاً بين الانكليزي ديفيد بيكام وزيدان في المباراة النارية التي جمعت بين «الأسود الثلاثة» و«الديوك» في «يورو 2004».
عكس ذلك، حصل بين نجم البرتغال كريستيانو رونالدو وزميله الإنكليزي واين روني في مواجهة المنتخبين في ربع نهائي كأس العالم 2006. ارتكب روني خطأً، وشجع رونالدو على طرد زميله في «الشياطين الحمر». استجاب الحكم وطرد اللاعب، ليتواجه بعدها اللاعبان لحظة فقد روني أعصابه. تلاسنا ووجّه الأخير كلاماً نابياً لرونالدو ثم حصل تدافع انتهى سريعاً.
هنا طغت روح الخصومة ووصلت الى حد العداوة. غداً لن يتكرر هذا المشهد أبداً حين يتلاقى رونالدو مع زميله في ريال مدريد الفرنسي كريم بنزيما إذ إنَّها مباراةً ودية مبدئياً، ولأن الثنائي متفقان هذا الموسم بصورة مميزة. أيضاً، لن يتكرر هذا المشهد حين يتلاقى نجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي وزميله في برشلونة البرازيلي نيمار في «الكلاسيكو» الأهم على صعيد المنتخبات. حدث له تاريخ وله أهمية بالنسبة إلى اللاعبين. صحيح أن حدة المنافسة بين اللاتينيين عبر التاريخ أكبر منهما، لكن ما يقدماه معاً في «الليغا»، لن يوقعهما في فخ الثأر. لا شك أنهما سيلعبان للفوز والتغلب على الآخر، لكن كما يقول الشاعر المصري حافظ ابراهيم: يتنازعون الفوز فيما بينهم/ وقلوبهم خلوٌ من الأضغانِ.