لا يختلف اثنان على أن الجزائر ولادة للمواهب. كثير من اللاعبين مروا على الكرة الجزائرية، ومثّلوا علامة فارقة في تاريخ الكرة العربية والأفريقية، ووصل بعضهم إلى العالمية، كمحمود قندوز ورشيد مخلوفي ولخضر بلومي وكريم زياني ورفيق صيفي، وتحديداً الكبير رابح ماجر، الذي لمع في سماء الكرة الأوروبية مع فريق بورتو البرتغالي، فضلاً عن ان العديد من اللاعبين من أصل جزائري وصلوا بقمصان منتخبات أخرى إلى أعلى المراتب في عالم اللعبة، تحديدا «الأسطورة» الفرنسي زين الدين زيدان.الجزائر لا تبخل كعادتها، وها هي تقدم جيلاً جديداً من المواهب استطاع المتابعون التعرف عليه في مونديال البرازيل الصيف الماضي. غير أن ثمة لاعبا تحديداً بدا من مجرد لمسته للكرة حينها أنه من فئة السحرة في الكرة، ومن فئة اللاعبين الذين تطرب الأعين لمشاهدتهم. بدا أنه «قصة كبيرة» آتية إلى عالم اللعبة، وسيتخطى حتماً الإطار المحلي والقاري الى العالمية. ياسين براهيمي لم يخالف هذه النظرة وتلك التوقعات، اذ إنه ماض بسرعة قياسية نحو هذا الهدف، وللمصادفة في فريق ماجر التاريخي بورتو.

في الحقيقة، ما يصنعه براهيمي حالياً مع بورتو لا يمكن أن يوصف بكلمات. اللاعب البالغ 24 عاماً فقط يكتب قصة تألق جميلة في ملاعب البرتغال بات صداها يتردد في كبرى عواصم الكرة الأوروبية، التي نال بعضها نصيبه من إبداعات براهيمي في مشاركته مع بورتو في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، حيث تمكن حتى الآن من تسجيل 4 أهداف بواقع ثلاثية في مرمى باتي بوريسوف البيلاروسي، وهدف في مرمى أتلتيك بلباو الاسباني، وقد كافأه الإتحاد الأوروبي لكرة القدم باختياره ضمن التشكيلة المثالية للجولة الأولى في «التشامبيونز ليغ» إلى جانب أسماء كالويلزي غاريث بايل والأرجنتيني كارلوس تيفيز.
براهيمي أول
جزائري يُرشّح لجائزة أفضل لاعب أفريقي من الـ «بي بي سي»



أما في الدوري البرتغالي، فتلك قصة أخرى، حيث يواصل براهيمي زرع سحره أينما تنقّل في ملاعبها، برغم أنه لا يزال وافداً جديداً عليها. هدفان أقل ما يقال فيها إنهما من قدم لاعب «حريف» ويحملان نكهة «مارادونية» سجلهما اللاعب حتى الآن في مرمى كل من ناسيونال وإيستوريل، فضلاً عن مراوغات لا تعد ولا تحصى للخصوم.
ويبدو واضحاً أن أنظار الأندية الكبرى بدأت تراقب عن كثب ما يصنعه هذا النجم الجزائري مع بورتو، حتى إن الأوروغوياني جوناثان أوريتا، لاعب بنفيكا السابق، وباكوس دو فيريرا حالياً، قال لصحيفة «أو جوغو» البرتغالية إنه فوجئ بقدوم براهيمي إلى بورتو، مشيراً إلى أنه «يمتلك الإمكانات اللازمة ليلعب مع ريال مدريد أو برشلونة»، فيما أكد مواطن براهيمي، الدولي حسن يبدة، لصحيفة «فرانس فوتبول» أن لاعب بورتو «ظاهرة»، مضيفاً «إنه (براهيمي) جزائري، لو كان برازيلياً او أرجنتينياً، لكان قد حصل على عقد احترافي أفضل، لكن برغم ذلك فإنه سيصل. بالنسبة إلي، أنا أراه في ريال مدريد».
لكن هذا لا يمنع من القول إن براهيمي اختار الوجهة الصحيحة مع فريق كبورتو، وفي دوري كالبرتغالي، لكي يبرز مهاراته بعيداً عن الضغوط في البطولات الكبرى، وهذا ما سيمهّد له الطريق حتماً نحو فريق من عمالقة أوروبا.
على أي الأحوال، فإن من المؤكد ان الفرنسيين هم أكثر من يتحسرون الآن بعد مشاهدتهم براهيمي في المونديال، ومن ثم حصوله على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني عن الموسم الماضي مع غرناطة، وترشحه لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا لعام 2014، حيث من المحتمل جداً ان يخلف العاجي يايا توريه، الفائز بها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وكذلك ترشحه لجائزة أفضل لاعب أفريقي من الـ «بي بي سي» للمرة الاولى للاعب جزائري، إذ إنه اختار اللعب لمنتخب الجزائر على ارتداء قميص فرنسا التي ولد في عاصمتها باريس، ولعب لها في مختلف الفئات العمرية.
ما هو واضح أن فرنسا خسرت «زيداناً» (زين الدين زيدان) جديداً من صنع الجزائر، اما تلك الأخيرة، فيبدو أنها ستعوّض بياسين براهيمي الدموع التي ذرفتها طويلاً على فقْد «زيدانها».