لم يكن ينقص المونديال القطري إلا هذه «الخاتمة» حتى يكتمل المشهد ككل. خاتمة (قد لا تكون كذلك) مثيرة للجدل بقدر ما كان ملف استضافة هذه الإمارة الخليجية مثيراً للجدل منذ منحها حقوق التنظيم عام 2010. صدقوا أن رئيس غرفة التحقيقات في لجنة الأخلاق التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، مايكل غارسيا، الذي كُلّف بالتحقيق في ملابسات الملف القطري وما رافقه من فضائح فساد ورشى (بات الجميع يحفظها عن ظهر قلب) وإعداد ملف حول ذلك، ينوي الطعن أمام لجنة الاستئناف بالـ«حكم» الذي أبرمه «الفيفا» على لسان رئيس الغرفة القضائية في لجنة الأخلاقيات التابعة للاتحاد الدولي، هانز يواكيم إيكرت، في تعليقه من 42 صفحة على تقرير غارسيا المكون من 430 صفحة، ونتيجته أنه «لن تحصل إعادة نظر أو تصويت على منح روسيا وقطر شرف تنظيم مونديالي 2018 و2022».
صدقوا أن غارسيا ذكر الجملة التالية في بيانه تعليقاً على تقرير إيكرت: «قرار رئيس الغرفة القضائية يحتوي على تقديمات عدة غير كاملة وخاطئة للوقائع ولاستنتاجات تفصيلية واردة في التقرير»، واللافت أن المحقق لم يحتمل الانتظار أكثر من حوالى 3 ساعات فقط من مؤتمر إيكرت ليصدر بيانه، وهذه السرعة في إصدار البيان لها دلالاتها طبعاً، وليس أقلها أن الرجل صُدم بالقرار.
ومن ثم، وحتى من دون أن يُصدر غارسيا بيانه، فإن من قرأ تعليق إيكرت على التقرير طرح شكوكاً وعلامات استفهام كثيرة، إذ إن رئيس الغرفة القضائية لم يعرض أي وقائع أو أسماء أو يعطي إجابات عن تساؤلات كثيرة ليس أقلها تقرير «فرانس فوتبول» الشهير «قطر غايت»، بل اكتفى بإشارات عابرة وغير مفندة على شاكلة «المخالفات جاءت على نطاق محدود» أو عند حديثه عن مخالفات الأفراد، ومن ثم نطق بالـ«حُكم» النهائي... وانتهى البيان، أي بمعنى آخر: هذه «الحقيقة»، وعليكم القبول بها من دون أي سؤال أو استفسارات.
ولعل وصف رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، غريغ دايك، للقرار بالـ«مزحة» يختصر المشهد والإخراج الذي أراده «الفيفا» لهذه القضية التي شغلت الرأي العام العالمي، وقد أكد الأخير أن «هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات»، في حين ان أحد أعضاء البرلمان الأوسترالي، الذي كانت بلاده تنافس قطر على استضافة مونديال 2022، رأى أن التحقيقات جاءت لمجرد «التبرئة» ومثّلت «محض مهزلة».
المهم الآن، هل أقفل هذا الملف الجدلي نهائياً فعلاً؟ رئيس «الفيفا» السويسري جوزف بلاتر يقول، أو بالأحرى يتمنى ذلك، لكن صحيفة «فرانس فوتبول» خرجت بتقرير أمس تحت عنوان «لماذا لم ينته الفيفا من الشكوك؟»، مشيرة إلى ما حصل أول من أمس من قرار إيكرت إلى رفضه من غارسيا وصولاً إلى نية الأخير الاسئناف. بيد أنها لفتت إلى أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي «أف بي آي»، الذي يحقق في ملف اتهام الترينيدادي جاك وارنر، النائب السابق لرئيس «الفيفا»، بتلقي رشوة بقيمة مليوني دولار أميركي من شركة قطرية يملكها رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، محمد بن همام، للتصويت للملف القطري لاستضافة المونديال بعد أن تم تحويل المبلغ الى مصرف في نيويورك، سيسعى («أف بي آي») للحصول على تقرير غارسيا، علماً بأن المكتب حصل من مسؤول سابق في «الفيفا» على تسجيلات لاجتماعات جرت مع زملائه، وهذا ما ترى فيه الصحيفة الفرنسية أن الملف لم يقفل بعد.
على كل الأحوال، كل هذا ولا يزال موضوع معاناة العمال الآسيويين الفقراء في منشآت المونديال القطري يثير جدلاً واسعاً، وآخره قبل أيام تقرير منظمة العفو الدولية «أمنستي» بعنوان: «ما من مزيد من الإنجازات: قطر لا تضمن حقوق العمال»، بعد أن أحصت الجمعيات الإنسانية وفاة المئات منهم على أرض الإمارة. كل هذا ولا تزال معضلة توقيت مونديال 2022 محل خلاف عالمي حاد حوله. كل هذا وثمة من يسأل بعد عن... «الحقيقة»؟!




كانتونا: قطر اشترت المونديال

رأى نجم الكرة الفرنسي السابق، إيريك كانتونا، أن منح قطر حقوق استضافة مونديال «خطأ». ونقلت صحيفة «فرانس فوتبول» عن كانتونا قوله في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية: «إنه (قطر) بلد غني جداً وقد اشترى كأس العالم». وأضاف كانتونا أن منح المونديال لبلد ما يكون لتطوير الكرة فيها كالولايات المتحدة عام 1994، متسائلاً: «لكن في قطر، ماذا يمكن فعله هناك؟ كم يبلغ عدد سكان قطر؟».