طوني كروس يلعب مجدداً دور البطولة، وللمصادفة على الأراضي الاسبانية التي حط فيها هذا الصيف، ولم يحتج لأكثر من 3 أشهر حتى يترك بصمة مميزة فيها مع ريال مدريد. هذه المرة، كان الدور على منتخب ألمانيا، بطل العالم، كي يحمله كروس الى انتصار جديد على اسبانيا، بطلة اوروبا، بهدف «على طريقته» من تسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء.هدف كان كفيلاً بأن يردّ شيئاً من اعتبار الألمان أمام الاسبان، وليتسبب في أول هزيمة لـ «لا فوريا روخا» في عقر داره بقيادة فيسنتي دل بوسكي، ولخسارة أولى لـ «الماتادور» في تاريخه على ملعب مدينة فيغو.
صبيحة أمس كان كروس يتصدر غلاف صحيفة «ماركا» المدريدية لكن بقميص ألمانيا هذه المرة، اذ لم يعد يفرق في مدريد حتى لو أن هذا اللاعب تسبب في خسارة منتخب بلدهم، فالعشق وصل بكروس هناك، وبسرعة قياسية، إلى حد أن يحظى بهذه «المكرمة».

في حقيقة الأمر، يصبح من غير المستغرب أن يحظى كروس بهذه المعاملة من المدريديين مقارنة بما قدمه في فترة قصيرة مع النادي الملكي، وهذه النقطة، أي سرعة تأقلم الألماني، وانسجامه مع فريق كالـ «ميرينغيز» وما يحويه من كوكبة من النجوم العالميين في ظل ضغوط كبيرة جماهيرية وإعلامية،
ثقة أنشيلوتي والتألق في المونديال عادا بالفائدة على كروس


وتحت أنظار العالم بأسره، حيث يحظى النادي الملكي بمتابعة دقيقة على كل شاردة وواردة، هي ما فاجأت الجميع، فضلاً عن أنه يكفي مجرد تخيّل فكرة أن يرتدي اللاعب قميص هذا النادي العريق بألقابه العشرة الأوروبية، وأكثر أن يخلف لاعباً بحجم تشابي ألونسو، وما خلّفه من إرث في العاصمة الاسبانية، حتى تصيب حاملها بالرهبة، لكن كروس ومنذ مباراته الاولى بقميص الملكي أثبت عن قوة شخصية وثقة بالنفس لا يملكهما إلا اللاعبين من فئة العمالقة، وذلك برغم أنه لم يتخط الرابعة والعشرين من عمره بعد، وهذا ما أصاب النقاد والمتابعين بالذهول، وحتى ان هذا الذهول تردد صداه في أرجاء «البيت الملكي»، وخير دليل على ذلك تعبير المدرب الايطالي كارلو أنشيلوتي عن هذه الحقيقة، وذهابه أبعد من ذلك بإطلاقه وصف «بروفسور» على اللاعب الألماني، برغم مرور 11 مرحلة فقط من»الليغا»، وهذه إشادة، بالنظر إلى توقيتها، وبالنظر الى أن مطلقها قد أشرف على أهم النجوم في العالم، في أهم الأندية الأوروبية، تبدو لافتة وتحمل معاني بليغة.
هذه الإشادة من انشيلوتي في محلها طبعاً، ففي المباراة أمام رايو فاييكانو سجل كروس هدفه الأول مع ريال مدريد بتسديدة مميزة أقل ما يقال فيها أن مطلقها هو فعلاً «بروفسور»، وقد صفق لها ملعب «سانتياغو برنابيو» طويلاً، كما صنع هدفه السادس في البطولة بتمريرة لهدف الويلزي غاريث بايل، ليضيف هذا الرقم إلى أرقامه المذهلة، كأكثر لاعب ممرر للكرات في «الليغا» بـ 684 تمريرة، بنسبة نجاح تفوق الخيال، وتصل إلى 93,4 % ليصل مجموعه (قبل مباراة إسبانيا) إلى 2959 تمريرة بنسبة نجاح 92 % في مجمل عام 2014.
ولا شك في ان الثقة التي منحها أنشيلوتي لكروس، وتفضيله إياه حتى على مواطنه الموهوب ماركو فيراتي، الذي أشرف عليه في باريس سان جيرمان، بعدما ارتبط اسم الاخير كثيراً بالانتقال الى ريال مدريد، وقد كشف الألماني أخيراً أن مدرب ميلان السابق، كان السبب في قدومه إلى ملعب «سانتياغو برنابيو»، من خلال مكالمة هاتفية أكد له فيها أنه سيوكل إليه مهمة قيادة وسط الملكي، فضلاً عن تألق كروس اللافت في مونديال البرازيل، وهذا ما خوّله الدخول في قائمة المرشحين للكرة الذهبية، مثّلت جميعها (الثقة والتفضيل والمونديال) عوامل مهمة في «النقلة النوعية» التي طرأت على مستوى الألماني، الذي يبدو سائراً بخطى حثيثة نحو مرتبة مهمة في ريال مدريد.
هل يمكن تخيّل حياة في مدريد من الآن فصاعداً من دون كروس؟ بالتأكيد فإن الإجابة التي يُجمع عليها المدريديون، بالنظر الى دور الألماني حالياً في وسط ميدان الملكي، عن هذا السؤال، هي: لا. إجابة يمكن سماعها أيضاً في برلين، حيث بات كروس، بالنسبة إلى الألمان، كما إلى المدريديين، بمثابة «الكنز الثمين».