يعود نجم بايرن ميونيخ فرانك ريبيري إلى الأضواء التي لم يغب عنها منذ فترة طويلة إلا بسبب الإصابة. أول من أمس، سجل هدفه الرقم 100 مع فريقه، معلناً دخول عالم الأرقام في النادي البافاري وفي ألمانيا. لطالما كان ريبيري لاعباً مظلوماً في بلاده فرنسا. أيام لعبه مع مرسيليا، ظهرت مواهبه أمام الملأ واقتنصه بايرن سريعاً بمبلغ معقول. مرت السنوات، ومواهب ريبيري تزادد موسماً بعد آخر. وجد ريبيري في ألمانيا ما يحتاج إليه أي لاعب للوصول الى النجومية، والمحافظة عليها. من طريقة التعامل معه في بايرن، الى اعتباره نجماً لا يمكن التخلي عنه ودعمه في ظل المحن التي مر بها، بسبب منتخبه أو غير ذلك.سابقاً، فضّل ريبيري بايرن على فرنسا. شكّل تصريحه وقتذاك ردات فعل سلبية في بلاده، حاول احتواءها بتوضيح تلى التصريح، لكن أحداً لم يرحمه هناك. ظل عرضة للانتقاد في بلاده منذ مونديال 2006. حتى أيام تألقه مع بايرن الموسم قبل الماضي، حين حمل كأس دوري أبطال أوروبا، اتهمته بعض وسائل الإعلام الفرنسية بأنه لا يقدم مع منتخبه ما يقدمه مع فريقه، من دون أن تحتفي بقيصرها. «قيصر فرنسا» صار «قيصر ألمانيا».

علّق على الحادثة بالقول: «هدفي رقم 100 جيد بالنسبة إليّ شخصياً، ولكن كان للفريق أكثر أهمية».
يدرك ريبيري أهمية الفريق، ويدرك أهمية منتخبه، لكن الأخير لم يعره الاهتمام نفسه. كان قراره مستغرباً عندما أعلن اعتزاله اللعب مع منتخب بلاده. لعل قراره كان بعدما غاب عن كأس العالم الأخيرة التي أقيمت في البرازيل بسبب إصابة في الظهر، حيث اتهمه البعض بعدم خضوعه عمداً للعلاج!
ربما كانت القشة التي قصمت ظهره. لمَ عليه أن يتحمل كل هذه السيئات والاتهامات، وهو قادر على أن يرتاح منها نهائياً؟ ريبيري فرنسا يختلف عن ريبيري ألمانيا. وهذه الاتهامات لم تعد تلقي بظلالها عليه كما حصل سابقاً. بات اللاعب «ألمانياً». لا يقف أي حادث بوجهه إلا ويعود ليكمل طريقه على أكمل وجه. صار ألمانياً دون جنسية فقط، حتى لكنته الفرنسية صار فيها بعض من الألمانية، ويتقن الأخيرة كأنها لغته الأم. سأله سابقاً أحد الصحافيين الفرنسيين سؤالاً باللغة الفرنسية، فما كان منه إلا أن ردّ باللغة الألمانية. تلت هذه الحادثة انتقادات أيضاً. لم يعد يهتم لكل هذه الحوادث العابرة بالنسبة إليه.
مظلوم من بلده، ومن وسائل الإعلام العالمية أيضاً. كانت صور وفيديوات البرتغالي كريستيانو رونالدو الى جانب الأرجنتيني ليونيل ميسي تملأ الشاشات. بدا ذلك واضحاً عند ترشّحه للكرة الذهبية التي خسرها لمصلحة رونالدو.
لم تحدّه هذه الخسارة من إكمال تسطير نجاحاته مع بايرن، حيث أكمل اللعب وبات أكثر لاعب فرنسي يلعب في الدوري الألماني. تفوق على أهم لاعبي بايرن الفرنسيين السابقين: بيكسنتي ليزارازو وويلي سانيول. حقق الرقم القياسي على المستوى الفرنسي بـ 186 مباراة بعدما انضم إلى البافاري موسم 2006-2007. كاد أن يكون الرقم أكبر من ذلك، لكن الإصابة هي التي منعته من ذلك.
شعبيته في ألمانيا لا نظير لها وبازدياد. حقيقةً طرحت بعض الوسائل سؤال إن كان يستحق أن يكون أفضل لاعب أجنبي بتاريخ بايرن. يستحق أن يكون كذلك لما قدمه هناك، ولوفائه له عند رفضه عرض ريال مدريد غير مرة. في «أليانز أرينا» نجح في صقل موهبته وإظهار معدنه النفيس، مقدماً كل شيء للنادي. كان يجب أن يكون ألمانياً لا فرنسياً، ومن المؤكد أن إنجازاته لن تتوقف عند الـ 100 هدف، والفرنسي الأكثر لعباً في ألمانيا.