أصبحت مسلسلات الفضائح وإثارة المشاكل أمراً عادياً في كرة القدم الإنكليزية، حيث باتت الجماهير لا تستغرب أبداً ما يُقدم عليه اللاعبون المحليون أو الأجانب. لكنْ هناك في إنكلترا برز لاعبون أكثر من غيرهم، أو بالأحرى لاعبون من جنسية معيّنة كانوا الأبرز على هذا الصعيد، حيث نخص بالذكر هنا اللاعبين الفرنسيين الذين اجتاحوا الملاعب الانكليزية بكثرة منذ بداية ربيع الكرة الفرنسية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، مع فوز فرنسا بلقبي كأس العالم (1998) وكأس اوروبا (2000) توالياً.
اكثر المشكلات التي أثارها هؤلاء الفرنسيون، كانت بتنقلهم بين الفرق الانكليزية، ولا سيما الأكثر تنافساً. ومع أن المستوى الذي قدّمه بعضهم، ولا يزال يقدّمه آخرون، حيث حفروا اسماءهم في تاريخ انكلترا، إلا أن أفعالهم شوّهت لمعان ما فعلوه على المستطيل الأخضر، وآخرهم كان لاعب أرسنال الفرنسي أوليفييه جيرو الذي تعرض للطرد بعد نطحه مدافع كوينز بارك رينجرز نيدوم أونوها برأسه تحت نظر الحكم. طُرد جيرو ولم يرحمه أحد، حتى مواطنه المدرب أرسين فينغر الذي أبدى استياءه من فعل لاعبه الذي سبّب ضربة كبيرة لآمال الفريق بالعودة الى القمة. مشكلة أخرى عُرف بها جيرو، وسببت ضجة داخل ناديه، وذلك بعدما كشفت الصحافة الإنكليزية عن خيانته لزوجته خلال معسكر لأرسنال عشية المباراة ضد ليفربول في كأس إنكلترا.
هنري أحد
الفرنسيين القلائل الذين تركوا بصمة جميلة في إنكلترا

وجيرو ليس الاول على هذا الصعيد، بل سبقه كثير من مواطنيه الى افتعال المشاكل. نيكولا أنيلكا سبّب مشاكل بين الجماهير بعدما لعب لأندية تشلسي، أرسنال، مانشستر سيتي، ليفربول، بولتون، وأخيراً وست بروميتش ألبيون. هناك، مع فريقه الأخير، أثار جدلاً واسعاً في إنكلترا بسبب طريقة احتفاله بأحد هدفيه في مباراة ضد وست هام، اذ بعد تسجيله لهدفه الأول، احتفل بوضع يده اليسرى على كتفه اليمنى، وهي اشارة تُعرف في بعض بلاد أوروبا بأنها «معادية للسامية»، وتمثل تحيةً «نازية»، تثير استفزاز الجماعات اليهودية وغضبها. حركةٌ بررها مدربه كيث داونينغ بأن اللاعب لم يكن يدرك معناها، مشيراً إلى أنه أراد التضامن مع صديقه الفنان الساخر الفرنسي ديودونيه مبالا، الذي مُنع من تمثيل بعض الأفلام في إنكلترا بسبب هذه الحركة تحديداً.
طبعاً لا يمكن المرور على اللاعبين الفرنسيين في انكلترا، من دون ذكر أبرزهم موهبة عرفتها ملاعب «البريميير ليغ»، وأبرزهم في إثارة الجدل والمشاكل: إيريك كانتونا. عام 1991 رفض كانتونا تجربته في شيفيلد ونسداي لينضم الى ليدز يونايتد، ويقوده نحو اللقب في أول موسم له مع الفريق، قبل ان يصل خلاف بينه وبين المدرب ليتم بيعه بصورة مفاجئة ليونايتد. وصوله الى ملعب «أولد ترافورد» كان من أهم الأحداث التي حصلت لـ «الشياطين الحمر»، حيث تألق وبلغ اعلى درجات النجومية، إذ فاز بالدوري في أول موسم له أيضاً، لكن سريعاً ما غُرِّم 1000 جنيه استرليني بعدما بصق على جماهير ليدز. وفي موسم 1994-1995 طُرد بسبب خطأ ارتكبه في مباراة ضد كريستال بالاس، ليتجه هادئاً خارج الملعب، ثم بعد لحظات قليلة قام أحد مشجعي بالاس باستفزازه واهانته. لم يرد كانتونا شفهياً عليه، بل ركض نحوه وقفز ليركله على صدره، ما ادى الى ايقافه لمدة 9 أشهر عن لعب كرة القدم، كذلك حُكم عليه بالسجن أسبوعين، لكن العقوبة استُبدلت بها 120 ساعة في خدمة المجتمع.
سمير نصري، أحد النجوم الفرنسيين في انكلترا حالياً، لعب مع أرسنال منذ عام 2008، ثم انتقل الى سيتي عام 2011. قبل مباراة الفريقين الأخيرة وصف جماهير «المدفعجية» بالأغبياء، ردّاً على تعرضه لصافرات الاستهجان وقولهم إنه انتقل الى «السيتيزنس» من أجل المال.
هؤلاء الفرنسيون قدموا للكرة الإنكليزية الكثير من الفرح والبهجة، مثلما قدموا المشاكل والجدل الذي لم ينتهِ يوماً. ويليام غالاس، بكاري سانيا، باترييك فييرا، وغايل كليشيه أيضاً كانوا من اللاعبين «الهوليغانز» الذي اثاروا الجدل والمشاكل بانتقالاتهم. وحده نجم ارسنال السابق تييري هنري من بين فرنسيين قلائل ترك بصمة جميلة في الكرة الإنكليزية التي عشقته.