أخيراً، فُتحت تلك الأبواب الخضراء المهترئة التي أكل الدهر عليها وشرب. هي التي بات النادي يشبهها بشكلٍ أو بآخر في الفترة الأخيرة، حيث عانى ما عاناه جراء المشكلات الإدارية التي عصفت به وتصادم الأضداد ووصولهم الى المحاكم والمخافر وغيرها.
أمس، كانت الصورة مغايرة في ذاك المقرّ القديم والتاريخي لنادي الحكمة، حيث شُرعت الأبواب لإجراء أغرب انتخابات قد يعرفها النادي الأخضر طوال تاريخه الطويل. هناك، على تلك الطاولة التي اجتمعت حولها الوجوه الحكماوية القديمة، وأكثرها لمرشحين للانتخابات، بدت الصورة مختلفة عن تلك التي انتشرت غالباً في وسائل الإعلام وصوّرت الوضع على أن نادي الحكمة هو حلبة مصارعة حيث يضرب الخصوم بعضهم بعضاً بلا رحمة.
لكن بطبيعة الحال، كانت الجلسة الأولى أمس لانتخاب لجنة إدارية جديدة أشبه بكل ما يعيشه البلد على الصعيد السياسي تحديداً، حيث يتراشق الخصوم بالكلام القاسي بحق بعضهم بعضاً في الإعلام، ثم يجتمعون على طاولة واحدة حيث يتبادلون المزاح، لا بل إن بعضهم نسي ما عاناه من خصمه أو ما تسبّب به تجاه هذا الخصم، فأصبح حليفاً له على لائحة واحدة!
وإذ لا تبدو هذه الخطوة سيئة على اعتبار أن النادي يحتاج الى السلام بين أبنائه المرشحين بالجملة للانتخابات التي طال انتظارها، والتي ستكون ربما خشبة الخلاص لما عاناه فريقا كرة القدم وكرة السلة، فإن الجلسة الأولى التي حضرها من طرف وزارة الشباب والرياضة، رئيس مصلحة الرياضة محمد عويدات وناجي حمود، لم تفرز أي شيء، إذ أُرجئت الانتخابات الى الخميس المقبل بعدما أُحصي في مقر النادي في الأشرفية رقم خجول بحضور 22 ناخباً من أصل 182، علماً بأن 272 عضواً من الجمعية العمومية للنادي سددوا اشتراكاتهم.
وستكون الجلسة المقبلة قانونية بنصاب النصف زائداً واحداً، وفي حال عدم اكتمال النصاب ستُعقد جلسة ثالثة وأخيرة في 3 آذار المقبل ويكون النصاب فيها قانونياً بمن حضر.
الهدوء الذي بدا في الباحة الخارجية وداخل النادي خرقته أصوات بعض المرشحين الذين حضروا من اللائحتين المتنافستين، أبرزهم ميشال خوري الذي قبل ختم المحضر الأول سجّل تحفظاً على عدد أعضاء الجمعية العمومية الذين سددوا اشتراكاتهم بالطريقة النظامية، سائلاً أيضاً عن مكان وجود الأموال التي دُفعت، إذ على ما يبدو أن الإدارة استخدمت ما في صندوقها للتعاقد مع الأميركي تيريل ستوغلين. ويبدو أن بعض الأمور المالية لم تعجب خوري الذي جاهر بالقول إنه لن يعطي براءة ذمة الى الإدارة الحالية، وسط هدوء تام تحلى به أمين السر المستقيل جوزف عبد المسيح وأمين الصندوق مارون غالب.
غالب الذي يقف على رأس إحدى اللائحتين وجد نفسه في مواجهة الزميل إيلي نصار المرشح أيضاً للانتخابات، إذ سجل تحفظاً على سفر أمين الصندوق خلال مدة تسديد الاشتراكات، قبل أن يعود ويسحب هذا التحفظ بعد تمنّ من نائب الرئيس المستقيل سامي برباري.
المهم أن البرودة التي ظهرت أمس لا تعكس أبداً واقع الحال، إذ يترقب الكل الجلسة الانتخابية الفعلية حيث تبدو الثقة كبيرة في همسات كلٍّ من الطرفين بأن المعركة محسومة لمصلحته.