كان مؤسف حقاً مشهد سقوط النجم الإنكليزي السابق بول غاسكوين مغمياً عليه بسبب عودته إلى إدمان الكحول خلال حفل خيري أقيم قبل أيام. سقوط غاسكوين كان تعبيراً واضحاً عمّا تصل إليه الحال مع كثير من نجوم كرة القدم الذين يستسلمون لهذه الآفة.في حقيقة الأمر، مخطئ من قال إن صورة كرة القدم دائماً جميلة، جاذبة، براقة. في كرة القدم ثمة فخاخ كثيرة، قاتلة في بعض الأحيان.

وبقدر ما أن الكرة تأخذ بعض اللاعبين الى عالم خيالي حيث الأضواء والشهرة والسيارات الفارعة والمعجبين الذين يصطفون لالتقاط الصور التذكارية ونيل التواقيع، فإن عدم القدرة على استيعاب هذا الكمّ من المغريات كفيل بأن يُسقط أشهر اللاعبين من القمة الى القاع، وأكثر، بأن يمحيهم ليس فقط عن خارطة كرة القدم بل من الوجود بأسره.
غاسكوين حالة من هذه الحالات. نجم إنكلترا السابق الذي اشتهر بشخصيته القوية وحركاته الاستفزازية التي كانت تنمّ عن تعالٍ، كما كان يدأب تحديداً عند تسجيله الأهداف حين كان يرفع رأسه عالياً، بات طريح الفراش، يستعطي من يمنّ عليه حتى ينقذ حياته. هذا ما فعلته الكحول بهذا النجم الكبير. الكحول قضت على غاسكوين. هو الذي اعترف قبل فترة بأنه كان يدأب على شربها حتى عندما كان لا يزال في الميدان.
غاسكوين (45 عاماً) ليس الوحيد طبعاً من وقع في الفخ. من استسلم لمفاتن الشهرة. كثير من النجوم سبقوه الى ذلك.
«الكحول رفيقة دربي». هذه الجملة قالها النجم البرازيلي السابق سقراطيس. لاعب الوسط الذي أتحف العالم بفنياته الرائعة كان مدمن كحول. إلا أن هذا النجم الذي درس الطب ولقّب بالـ«طبيب» في مسيرته الكروية لم يستطع أن يجد الدواء لدائه. هكذا، فارق سقراطيس الحياة عن 57 عاماً بسبب تلف في كبده ناجم عن إفراطه في تناول الكحول.
في البرازيل، ثمة قصة للنجوم هناك مع الكحول، إذ قبل سقراطيس، فإن نجماً آخر أدمنها وقضى بسببها. نجم يعدّ من أساطير الكرة في بلاد «السامبا»، ألا وهو غارينشيا. هذا النجم الكبير فارق الحياة بطريقة سقراطيس نفسها، حيث أصيب بتلف في كبده، ليقفل حياته على نحو مأساوي عن خمسين عاماً.
أيضاً وأيضاً في البرازيل، فإن نجم «السيليساو» السابق أدريانو سقط في فخ الكحول والملاهي الليلية، حتى وصل به الأمر الى التفكير في الانتحار بسبب فقدانه ثقته بنفسه، على حدّ ما كشف مهاجم إنتر ميلانو الايطالي السابق. أدريانو اليوم من دون نادٍ، وهو عبثاً يحاول العودة الى الساحة الكروية.
ويبقى أن أشهر النجوم الذين ذهبوا ضحية لإدمان الكحول هو الإيرلندي جورج بست. من لا يذكر هذا النجم الذي لمع في ملعب «أولد ترافورد» مع مانشستر يونايتد الانكليزي في الستينيات والسبعينيات؟ بست الذي كان يتلقّى حوالى 10 آلاف رسالة من معجبيه أسبوعياً، بقي وحيداً في أواخر حياته، بعد أن وقع ضحية إدمان الكحول، حيث أنهى مسيرته الكروية مفلساً بسبب هذه الآفة، وانتهى به الأمر في غرفة العناية المركزة في مستشفى كرومويل غرب لندن حيث فارق الحياة عن 59 عاماً.
غاسكوين وسقراطيس وغارينشيا وبست أمثلة لنجوم قضت الكحول على موهبتهم ومن ثم على مستقبلهم وحياتهم. هؤلاء النجوم ليسوا سوى عينة لفئة كبيرة من اللاعبين الذين يعانون من هذه الآفة خلف الكواليس، إذ تشير دراسة لمركز «شيبس فينانز»، نشرتها سابقاً صحيفة «بيلد» الألمانية، إلى أن 50% من لاعبي كرة القدم ينهون مسيرتهم مفلسين مادياً، وذلك بسبب إدمانهم الكحول أو المخدرات.




دعوات لنجدة غاسكوين

دعا نجم منتخب إنكلترا، ستيفن جيرارد، اتحاد كرة القدم في بلاده لمدّ يد العون لبول غاسكوين في محنته، مشيراً إلى أن لاعبي منتخب «الأسود الثلاثة» سيقدّمون الدعم للنجم السابق. بدوره، فإن مدرب إنكلترا، روي هودجسون، أكد أن «الكلمات الرقيقة وحدها لن تساعد غاسكوين، بل إنه بحاجة إلى دعم حقيقي».