يوم حط الفرنسي كريم بنزيما في مدريد ذات يوم صيفي في عام 2009، كانت الآمال المعلقة في العاصمة الاسبانية على ذلك الشاب القادم من ليون كبيرة. فالمدريديون كانوا يعرفون جيداً بنزيما من خلال المباريات العديدة التي جمعت فريقهم بليون. كان أنصار النادي الملكي ينظرون الى الشاب الجزائري الاصل على انه «رونالدو الجديد»، ليس فقط لتشابهه من الناحية الجسمانية، ومن خلال قصة شعره مع النجم البرازيلي رونالدو وقد أُطلق عليه أيضاً لقب «الظاهرة» كما الاخير، بل بسبب مهاراته التهديفية وفنياته العالية. غير أنه منذ 2009 حتى اللحظة لم يظهر المهاجم الفرنسي البتة انه رونالدو الجديد او حتى أنه بنزيما نفسه الذي كان في ليون. مطبات كثيرة وتذبذب في الاداء كانا سمة سنواته الأربع في العاصمة الإسبانية. المباراة الأخيرة، أول من امس، امام مانشستر يونايتد الانكليزي في ذهاب دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا تبدو خير شاهد على هذا الكلام، اذ إن من تابع هذه الموقعة وأراد ان يمنح علامة «صفر» لأحد لاعبي الملكي فيها، فإنه لن يألو جهداً ليختار هذا اللاعب، وبالتأكيد هو بنزيما. فالمهاجم الفرنسي كان الحلقة الأضعف في تشكيلة فريقه من خلال البطء الجلي في حركته وافتقاده مزايا الهداف القناص، حيث إنه كان خارج «الفورمة» تماماً، ولم يحسن التناغم مع الثلاثي البرتغالي كريستيانو رونالدو والالماني مسعود اوزيل والأرجنتيني انخيل دي ماريا. في الواقع، يبدو غريباً على مهاجم يلعب الى جانب هذه الأسماء الثلاثة ان لا يظهر على نحو متألق، لكن هذا ما يحدث مع بنزيما. ففي حقيقة الأمر، بات واضحاً أن الفرنسي لم يعد يليق بريال مدريد، وأن مشهد استبداله او وجوده على دكة الاحتياط أصبح اعتيادياً، وهو، استناداً الى بحث الملكي عن مهاجم جديد، يبدو في طريقه للخروج من قلعة «سانتياغو برنابيو».
غير أن الواجهة الفرنسية في مدريد التي قدمت سابقاً نجوم متألقين كزين الدين زيدان وكلود ماكيليلي، ليست سيئة بالمطلق، اذ مقابل انقطاع الامل الذي بات واضحاً هناك ببنزيما، يسير مواطنه رافاييل فاران على النقيض تماماً. الشاب البالغ 19 عاماً استطاع أن يثبت أنه مكسب كبير للملكي، اذ إن التطور الملحوظ في مستواه منذ ان منح الفرصة بعد إصابة البرتغالي بيبي، ومعاقبة سيرجيو راموس لا شكوك اطلاقاً فيه. فأقل ما يقال في ما يقدمه هذا الشاب بسنيه القليلة انه مدهش، ويفوق المتوقع، اذ لم يكن احد يتوقع أن يتمكن فاران من ان يكسب ثقة المدريديين بتلك السرعة التي حصلت. ما هو مثير للدهشة في فاران، بخلاف قوته الجسمانية وصلابته وتدخلاته الصائبة ومواكبته الهجومية تحديداً في الكرات الهوائية، هو تلك الثقة بالنفس التي يتمتع بها هذا الفرنسي، التي تمثل ركيزة أساسية لشاغل مركز قلب الدفاع، وهذا ما استطاع فاران تأكيده في المباراة امام مانشستر يونايتد بعد «ملحمته البطولية» في مباراة ذهاب نصف نهائي كأس اسبانيا أمام الغريم برشلونة، التي يمكن اعتبارها بمثابة «ولادته» في الملاعب.
إذاً، في مدريد حالياً فرنسيان. أحدهما يضرب المدريديون كفاً بكف ندماً على مبلغ الـ35 مليون يورو الذي دفع ثمناً للتعاقد معه، وثانيهما يصفق المدريديون بذات الكفين لمبلغ الـ10 ملايين يورو الذي كلفهم لضمه، ولسان الحال هناك واحد: بنزيما أصبحت خارج قلوبنا، أما فاران، فأنت في أعماقها.



زيدان فخور بفاران

أبدى النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان شعوره بالفخر لأنه اقترح على ريال مدريد ضم رافاييل فاران، قائلاً: «إنه (فاران) يجعلني أتذكر بعض اللاعبين مثل لوران بلان. إنه ليس سريعاً لكنه ذكي ويعرف أين يتمركز»، مضيفاً «عندما رأيته يلعب أيقنت أنه لا يشبه الآخرين، رغم أن مركز قلب الدفاع ليس من اختصاصي».