في الوقت الذي يبدو فيه سيلفيو برلوسكوني، رئيس ميلان الإيطالي، منهمكاً بإيجاد الحلول لإيقاف الأرجنتيني ليونيل ميسي، نجم برشلونة الإسباني، عندما يتواجه الناديان الليلة في ذهاب دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا على ملعب «سان سيرو»، فإن ابنته باربرا تبدو في عالم آخر يتخطى مجرد «اللحظة الآنية» في المباراة أمام النادي الكاتالوني. شتان ما بين باربرا وسيلفيو حالياً: الرجل السبعيني يمثل ماضي هذا النادي العريق، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، أما الصبية العشرينية فإنها المستقبل المشرق الذي تتأمل فيه جماهير «الروسونيري» خيراً. سيلفيو لا يزال تقليدياً، أما باربرا فتمثل الحداثة في الفكر الكروي. سيلفيو لا يتوانى عن الدخول في مهاترات في الوسط الكروي من خلال تصاريحه اللاذعة بين الفينة والأخرى، أو إعطاء التعليمات لمدربي فريقه كما حدث بالنسبة إلى مواجهة الليلة، أما باربرا فتمثل نموذجاً لسيدة الأعمال التي تعمل بصمت.
قبل مدة، أطلت هذه الصبية على وسائل الإعلام بجانب المدير التنفيذي للنادي واليد اليمنى لبرلوسكوني، أدريانو غالياني، بعد خروجهما من اجتماع لمجلس إدارة ميلان، حيث تم تعيين الصبية مسؤولة عن دائرة التسويق والمشاريع الخاصة في النادي. كانت صورة باربرا الى جانب غالياني معبّرة ولا تشي سوى بأن ثمة تغييراً جذرياً بدأ يطال هذا النادي. في الواقع، كان لا بد لهذه الصورة من أن تتصدر أغلفة الصحف الصادرة في إيطاليا لتعطي بارقة أمل لجماهير «الروسونيري» التي كانت تبكي فريقها الفاقد لأهم نجومه، إن المعتزلين أو الراحلين عنه، والأهم لهيبته، إذ وصل الأمر بميلان الى أن يصبح لقمة سائغة لأي فريق في إيطاليا في النصف الأول من الموسم الحالي، حيث تخبط في منتصف الترتيب العام.
ما العمل؟ أين الدواء؟ كان السؤال كبيراً في مدينة ميلانو. في حقيقة الأمر، حلّ هذا الهاجس الكبير لا يمكن الركون فيه الى تحسن نتائج الفريق منذ مطلع العام الجديد بعد الدفعة المعنوية الهائلة التي زرعها قدوم «المشاغب» ماريو بالوتيللي في أروقة النادي. الحدث الأخير لا يمكن اعتباره سوى مخدر موضعي لمكمن الوجع، فالدواء، لا شك، هناك، في أدراج مكتب باربرا. الدواء يتمثل في ذلك المشروع التغييري الكامل الذي تعمل الصبية النشيطة على إرساء قواعده في ميلان. التعاقد مع بالوتيللي والفرنسي الموهوب مباي نيانغ ليس سوى الخطوة الأولى على طريق الألف ميل نحو تحديث النادي اللومباردي الذي يمر بمرحلة انتقالية بعد اعتزال ورحيل نجومه المخضرمين. ما يمكن قوله هنا أن باربرا تشكل العمود الفقري في هذا المشروع التحديثي. مشروع لا ينحصر فقط في استقطاب اسم من هنا وآخر من هناك الى صفوف ميلان، بل بالعمل على تطوير قطاع الناشئين في النادي على غرار برشلونة المعجبة به باربرا «حتى نخلق ميسي خاص بنا» كما قالت الصبية قبل أيام. مشروع يبدو فيه الشق الاقتصادي ذا أولوية، إذ لا تخفي باربرا أنها تتطلع الى تحويل النادي الى مؤسسة تعتمد على مواردها الخاصة لا على سلفات البنوك، وهي تبدي إعجاباً بنموذج بايرن ميونيخ الألماني في هذا الميدان.
ما يرشح من مدينة ميلانو عن «الثورة» التي تقودها باربرا يتخطى هذه النقاط الى تبديلات في مواقع حساسة في النادي، إذ تشير بعض التقارير الإيطالية الى أن وجوهاً جديدة تسعى باربرا لاستقطابها الى ميلان، بدءاً من رأس الهرم، أي منصب غالياني (في حال تحقيق الأخير طموحه بتسلم رئاسة الاتحاد الإيطالي لكرة القدم)، إذ تميل الصبية الى تعيين ميشيل يوفا في مكانه. يوفا هذا ليس إلا إدارياً شاباً من مواليد عام 1964، وقد عمل لسنوات مستشاراً لوزراء الرياضة في إيطاليا، كما تسلم مناصب إدارية في الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم.
أما الشخص الثاني الذي تسعى باربرا الى رؤيته في ميلان فليس إلا نجم الفريق السابق، باولو مالديني، في منصب المدير التقني.
الليلة إذاً يتواجه ميلان وبرشلونة. لا شك بأن سيلفيو برلوسكوني وابنته باربرا سيكونان حاضرين في المدرجات. في حال فوز ميلان، فإن سيلفيو سيتباهى طبعاً بسيجاره وهو يحتفل بالانتصار في أحد المقاهي الفخمة في ميلانو بعد انتهاء المباراة، فيما باربرا ستكون متفائلة بمكاسب هذا الفوز الفنية والمعنوية. أما في حال الخسارة، فإن سيلفيو سيحزن، سيحزن كثيراً، وربما قد يشتم الحظ والحكام، أما باربرا فستلملم أوراقها وتقفل عائدة الى مكتبها، ولسان حالها: «لن أستسلم. لا يزال مشروع ميلان في بدايته».



ألليغري ليس في مأمن

الحملة التغييرية في ميلان التي تقف خلفها باربرا برلوسكوني قد تطال رأس المدرب ماسيميليانو ألليغري، إذ أكدت صحيفة «توتو سبورت» الإيطالية أمس أن الأخير لم يتلقّ بعد تطمينات ببقائه في منصبه، حيث يبدو روبرتو دونادوني، مدرب بارما الحالي ومنتخب إيطاليا السابق، مرشحاً لخلافته.