قد يكون جمهور بايرن ميونيخ سعيداً جداً بالفارق الكبير الذي سطّره فريقه مبتعداً عن غريمه بوروسيا دورتموند الذي حرمه من اللقب في الموسمين الماضيين. هذا الفارق جعل «هوليوود الكرة الالمانية» فريقاً لا يقهر بنظر الجميع، وخصوصاً عبر انتصاراته اللافتة في «البوندسليغا» حيث كانت النوعية هي سمة الاداء، فالطريقة التي كان يحصد البايرن فيها النقاط الكاملة في غالبية مبارياته كانت استثنائية بحيث ان الفريق لم يقدّم هذا المستوى في المواسم القريبة الماضية، وتحديداً عندما حلّ وصيفاً لبطل اوروبا في 2010 و2012.
هذه الثقة الكبيرة امتدت الى اوروبا، وخصوصاً بعدما عاد بايرن ميونيخ بفوزٍ لافت وصارخ من «استاد الامارات» الخاص بنادي أرسنال الانكليزي (3-1)، فبدأ الكلام الواسع النطاق عن انه سيكون من الصعوبة قهر رجال المدرب يوب هاينكيس، وبدأ الكل ترشيح فرقٍ معيّنة على اساس انها الوحيدة القادرة على اخضاع البافاريين، امثال برشلونة وريال مدريد الاسبانيين ويوفنتوس الايطالي...

السقوط النفسي

لكن يبدو انه فات محبي البايرن أن الفارق الكبير في الدوري والثقة المكتسبة من الاداء الرفيع على الساحة الاوروبية، ارتدت سلباً على الفريق في مباراتيه الاخيرتين، فكاد يهدر النقاط الثلاث امام فورتونا دوسلدورف (3-2) في «البوندسليغا»، ثم تلقى صفعة قوية امام ارسنال (0-2) في اياب دور الـ 16 لدوري الابطال، كادت تطيحه من المسابقة القارية الأم.
وهذه الصفعة لا شك في ان البايرن كان في حاجة اليها، اذ يفترض ان يعي لاعبوه بأنه بغض النظر عن حجم عدد المباريات التي خاضوها وقدّموا فيها مستوى مرتفع، فان الانجاز لا يمكن ان يكتمل الا بتقديم نفس المجهود في كل مباراة وحتى نهاية الموسم.
وانطلاقاً من مباراة ارسنال، لا يمكن استبعاد مسألة امكان خسارة بايرن مرة ثانية هذا الموسم امام باير ليفركوزن الذي فاجأه على ارضه ذهاباً. والسبب في هذا القول ان الفريق سجل تراجعاً على المستوى النفسي بحيث انه بدا وكأنه اصيب بالملل من سلسلة الانتصارات التي حققها، وهو أمر لا بدّ انه يشغل الجهازين الفني والنفسي (يضم بايرن مجموعة من الاطباء النفسيين الذين يعملون مع اللاعبين مباشرة) من اجل ابقاء اللاعبين في حالة هيجان دائمٍ لتحقيق الفوز.

مشاكل فنية

لكن وفي موازاة هذه النقطة، لا بدّ من التطرّق الى بعض الملاحظات الفنية التي تهدد بالقضاء على امكانية تسطير بايرن لاحد افضل المواسم في تاريخه. وهذه الملاحظات تنحصر ببعض اللاعبين الذين فقدوا تركيزهم او الذين لم يرتقوا الى مستوى المباريات التي خاضوها. ومما لا شك فيه انه مع بلوغ مرحلة حساسة من الموسم، بدأت بعض الثغر تظهر في صفوف البافاري، ومنها في مركز قلب الدفاع حيث ليس في الفريق شريك مثالي للبرازيلي المتألق دانتي.
والاكيد ان هذا الشريك ليس البلجيكي دانيال فان بويتن، وذلك لسببين اساسيين اولهما تقدّمه بالسن، وثانيهما البطء الذي يسبّب للعملاق المشاكل امام المهاجمين السريعين، ولعل المثال الابرز على الكوارث التي اوقع بايرن فيها يذكرها الجميع في نهائي الابطال عام 2010 عندما عاش ليلة صعبة في مواجهة الارجنتيني دييغو ميليتو هداف إنتر ميلانو.

لاعبون لا يمكن تعويضهم

وبالانتقال الى خط الوسط، لا شك في ان هاينكس يفكّر مليّاً الآن في ما سيفعله في حال غاب باستيان شفاينشتايغر قسراً عن الفريق. غياب «شفايني» كان اثره سلبياً وواضحاً امام ارسنال، اذ لا احد يمكنه لعب دور قيادي بالشكل الذي يقوم به الدولي الالماني، الذي يوجّه عادة رفاقه وهو يسير بالكرة طالباً منهم ملء هذا المركز او ذاك.
وبالتأكيد لا يمكن ان يقوم بهذا الدور طوني كروس بسبب قلة خبرته وفقدانه لتركيزه سريعاً، وخصوصاً عند فشله في التصويب الذي يتميّز به عادة.
والى الغياب المؤثر لشفاينشتايغر، يمكن الجزم بأن غياب الفرنسي فرانك ريبيري له تأثير كبير ايضاً، وما دخول الهولندي أريين روبن مكانه الى التشكيلة سوى مضاعفة للمشكلة، فالاخير فقد مكانته بطلاً في عيون الجمهور البافاري وسط تراجع مستواه كثيراً وازدياد انانيته على ارض الملعب، وقد يكون الحل المثالي لتعويض ريبيري هو الاستعانة بشكلٍ اكبر بالسويسري شيردان شاكيري الذي يَعد مستقبل بايرن بفعل الامكانات الهائلة التي يملكها.
اذاً بايرن امام علامات استفهام كثيرة، لكن الوصول الى اجوبة ليس صعباً ابداً، وخصوصاً ان فريق هاينكس يملك كل شيء لكتابة التاريخ هذا الموسم.



النزول من السماء السابعة

اعترف توماس مولر بأن الخسارة الأخيرة أمام أرسنال كانت ضربة مؤلمة لبايرن ميونيخ، لكنه أمل أن يستفيد الفريق من الانتقادات التي وجّهت إليه عقب هذه الهزيمة. وقال مولر: «ما حصل أمر جيد؛ إذ لم نعد نعيش بعد الآن في السماء السابعة»، مضيفاً: «إنها مرحلة جديدة الآن حيث ينتقدنا الناس، وربما هو أمر يساعدنا للعودة إلى أفضل مستوى لنا».