ليس مستغرباً انشغال الرأي العام الفرنسي بمهاجم ريال مدريد كريم بنزيما بقدر انشغاله بمباراة منتخبه المقبلة أمام إسبانيا في الجولة المقبلة من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2014. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع مباراة «كسر عظم» بين الطرفين، الأول للإخلاد إلى الراحة مبكراً والتأهل مباشرة إلى المونديال، والثاني لردّ الاعتبار أمام جمهوره بعد التعادل المخيّب أمام فنلندا 1-1 وتصدّر المجموعة من جديد، تتركز الأنظار على بنزيما.
بنزيما الذي بدأ الكثير يشكك بقدراته الكروية كما يشككون بولائه لقميصه الأزرق، يتلقى الصدمة تلو الأخرى؛ إذ بعدما أثار بنزيما عاصفة من الانتقادات تجاهه نتيجة تصريحه برفض أداء النشيد الوطني مع زملائه، ثار كثيرون ضده، وقد طالب قسم من الجماهير الفرنسية بإبعاده نهائياً عن المنتخب، إضافة إلى بعض الأحزاب المتطرفة التي وصفته بأنه ليس أكثر من مجرد لاعب كرة قدم مرتزق.
كذلك، بعد انتهاء مباراة فرنسا مع جورجيا (3-1) التي لم يسجل فيها بنزيما أي هدف، كما لم يسجل في 1929 دقيقة سبقت هذه المباراة مع منتخبه، سمع الأخير صافرات استهجان قوية لدى خروجه من الملعب، رغم أنه كان في المباراة أفضل من بعض زملائه. وبعدها بلحظات شنّ مدرب المنتخب السابق ريمون دومينيك هجوماً عنيفاً عليه من خلال حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «بنزيما عديم الجدوى».
إلا أن المفاجأة كانت بظهور استطلاع أجرته صحيفة «ليكيب» الفرنسية الشهيرة تبرز عدم رغبة غالبية الجمهور بوجود نجم ريال مدريد أساسياً أمام المنتخب الإسباني. الاستطلاع أجرته الصحفية الفرنسية الأكثر شهرة في موقعها الإلكتروني وشارك فيه الآلاف من قرّائها وقد بلغت نسبة الرافضين لبدئه المباراة أساسياً نحو ٥٨٪ من المصوتين. ومع هدف زميله أوليفييه جيرو ضد جورجيا، سيكون الوضع معقداً جداً له. جيرو الذي أحرز هدف التعادل أمام إسبانيا في الدقيقة الـ94، لن يفوّت فرصة حصوله على المركز الأساسي أمام مهاجم ريال مدريد الإسباني.
وإضافة إلى المشاكل التي تصبّ عليه من كل حدب وصوب، يعيش اللاعب أسوأ لحظاته على المستوى التهديفي. وغريب أداء أفضل لاعب فرنسي لعامي 2011 و2012؛ إذ إن التكاسل يتملكه، حيث يُلاحظ بقوة عدم رغبته في الجري، إضافة إلى برودة أعصابه، سواء فاز فريقه أو خسر، فهو يبقى بنفس الدرجة من الحماسة العادية من دون مبرر.
حالته اليوم، تشابه حالته مع ريال مدريد الموسم ما قبل الماضي. عندها أيقظه مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو بالتعاقد مع التوغولي ايمانويل أديبايور. وقتذاك عاد «بنز» للتألق إثر وضعه تحت خطر فقدان مركزه الأساسي، في ظل غياب الأرجنتيني غونزالو هيغواين للإصابة.
أما اليوم، فثقته المفرطة في بقائه داخل التشكيلة الأساسية أوصلته إلى هذه الحالة، وما يبعث الطمأنينة في نفسه هو تصريح مدرب فرنسا ديدييه ديشان أنه ايضاً واثق من بنزيما أمام إسبانيا. لكن بنزيما مطالب الآن أكثر من أي وقتٍ مضى بإثبات وجوده في مباراته المقبلة، وعليه أن يفعل ذلك بعقله وقدميه؛ فهو، بأسلوبه الفني الفريد، الذي يضيع منه بين فترة وأخرى، كمهاجم يملك المهارة ويملك الفكر الجميل والقدرة على التسجيل بطريقة غير متوقعة، يمكنه أن يصحو في الوقت المناسب.