بالتأكيد، كل أنظار العالم من أقصاه إلى أقصاه ستكون مصوّبة اليوم إلى مدينة زيوريخ السويسرية، حيث الترقب لبزوغ فجر جديد للإتحاد الدولي لكرة القدم بانتخاب رئيس خلفاً للسويسري جوزف بلاتر، المستقيل من منصبه والموقوف لمدة 6 سنوات. هذه الأنظار ستفتقد شخصين لطالما كانا العنوان الأبرز في مثل هذه المناسبات، والحديث هنا طبعاً عن بلاتر والفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الإتحاد الأوروبي للعبة، الموقوف بدوره، الذي كان يتصدر السباق بفارق شاسع عن الجميع ليحل بدلاً من صديقه الحميم قبل أن تأتي "الضربة القاضية" التي أنهت حلمه وحوّلته إلى سراب.
اليوم لا صوت إلا لصندوق الإقتراع لاختيار الحاكم الجديد لكرة القدم بين السويسري جياني إينفانتينو والشيخ البحريني سلمان بن ابراهيم آل خليفة والأمير الأردني علي بن الحسين والفرنسي جيروم شامباني والأفريقي الجنوبي طوكيو سيكسويل.
الترشيحات قبل ساعات من الحدث تصب مناصفة بين الأمين العالم لـ "يويفا" وسلمان، وبعدهما يأتي الأمير علي مع توقع انسحاب شامباني وسيكسويل (أو أحدهما) المرشحين الأضعف حظوظاً في السباق الرئاسي.
لكن أياً تكن هوية الرئيس العتيد، فإن الأهم من ذلك هو العهد الجديد ومستقبل "الفيفا"، إذ كما هو معلوم فإن هذه الإنتخابات تجري بعد فضائح الفساد التي طاولت المنظمة الدولية وهزّت مفاصلها ما أدى إلى زعزعة صورتها على وقع التوقيفات الصادمة لأعضاء في "الفيفا" عشية الإنتخابات السابقة التي نصّبت بلاتر لولاية خامسة قبل استقالته بعدها بأيام.
ثقل كبير على كاهل الرئيس الجديد لإعادة الثقة بـ "الفيفا"

من هنا فإن على كاهل الرئيس الجديد ثقلا كبيرا لإعادة الثقة بهذه المؤسسة واستعادة هيبتها بعدما تعرضت لتشويه لا سابق له في تاريخها، لا بل في تاريخ المؤسسات الرياضية المختلفة، وهذا هو التحدي الأساسي. تحد بتنظيف "الفيفا" من أي شائبة وتلميع صورته.
على أنه تحت كلمة تحدٍّ تندرج العديد من النقاط التي ستكون الشغل الشاغل للرئيس الجديد.
إذ بخلاف القضاء على الفساد، فإن المهمة البارزة الأخرى إبعاد المنظمة الدولية عن أي شكل من أشكال التدخل السياسي، الذي فتك بها في أكثر من محطة بحيث تحوّل الإتحاد الدولي إلى حلبة للنزال بين دول مختلفة على امتداد العالم، وكانت أفضح تجلياته التوقيفات التي أقدمت عليها وكالة الإستخبارات الأميركية (أف بي آي).
فضلاً عن ذلك، لا يزال منح حقوق استضافة مونديال 2022 لقطر محل تحقيقات من القضاء السويسري، وهذا ما يبقي كرة النار في ملعب "الفيفا".
انطلاقاً من هذا المشهد يُتوقع ألا تكون الطريق مفروشة بالورود على الإطلاق أمام الرئيس الجديد على الأقل في الفترة الأولى لرئاسته، وهذا ما بدت تباشيره حتى في ما يتعلق بالمرشحين أنفسهم عشية الانتخابات، إذ على سبيل المثال فقد وضع البعض إينفانتينو في دائرة الشك في ما يتعلق بمبلغ 5 ملايين دولار التي وعد بتقديمها دعماً لكل اتحاد وطني كل 4 سنوات للمساهمة في تطوير الكرة، وهذا ما عُدّ "عملية إغراء واضحة لشراء الأصوات".
في المقابل، فقد اتهم النائب البريطاني داميان كولينز الشيخ سلمان بضلوعه في فضيحة مالية تتعلق بحصوله على دعم قيرغيزستان لدى ترشحه لرئاسة الإتحاد الآسيوي عام 2013 مقابل منحها مساعدات مالية لمشاريع رياضية.
ولا يتوقف الأمر بالنسبة لسلمان على هذه المسألة بل يتخطاها إلى السياسة، حيث قال الكاتب في صحيفة "داغنس نيهيتر" السويدية، ينس ليتورين، إن سليل الأسرة الحاكمة في البحرين يواجه اتهامات بـ "المشاركة في إلقاء القبض على 150 من الرياضيين الذين شاركوا في التظاهرات ضد النظام (البحريني)، وفي تعذيبهم في بعض الحالات"، ورغم أن الأخير نفى هذه الإتهامات فإن عدداً من منظمات حقوق الإنسان ليست مقتنعة بذلك، وفقاً للكاتب.
بعد الفرنسي روبرت غرين والبريطاني دانيال ولفول والفرنسي جول ريميه والبلجيكي رودولف سيلدرايرس والبريطاني آرثر دريوري ومواطنه ستانلي روس والبرازيلي جواو هافيلانج وبلاتر، رئيس جديد يستعد لتسلّم صولجان "الفيفا"، لكن الأهم من ذلك أن يكون العهد الجديد على قدر وروعة هذه اللعبة.