منذ وقت غير قصير، تُشغل جهات كثيرة في العالم، بالحديث والبحث عن حقيقة تصريحات مدرب ريال مدريد البرتغالي جوزيه مورينيو التي اتهم فيها مسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم بالتلاعب بنتائج أفضل مدرب ولاعب في العالم. الأكثر نشاطاً، كما هي العادة، الماكينة المعادية لمورينيو، المجموعة ذات النفوذ الكبير في «مؤسسات الحكم» الكروي وصاحبة اليد الطولى في المنابر الإعلامية تنشر أخباراً وتقارير عمّا يسمونه «سذاجة وسخافة مورينيو»، محاولة إدراج التهمة بخانة تشويه صورة «الفيفا» البراقة.
إلا أن «الفيفا» لم يكن يوماً بعيداً عن مثل هذه الاتهامات، كما عانت غالبية الدول الأوروبية من فضائح مالية في اللعبة في السنوات الأخيرة، بينها إيطاليا والمجر والنروج وغيرها. وجاء مؤتمر «يوروبول» الإعلامي ليثبت ذلك، مؤكداً وجود مئات من المباريات الدولية الآسيوية والأوروبية والمحلية يكتنفها الفساد، فلم تعد الكرة الإيطالية، كما يظنها البعض، الوحيدة التي توالت فيها الفضائح، بل غالبية المباريات في أقوى المسابقات العالمية أصبحت مليئة بها، وكلها تقف خلفها شبكات المراهنات في شرق آسيا، التي هي أقرب إلى عصابات صاحبة نفوذ رهيب في كل أماكن صنع القرار الكروي في العالم. 680 مباراة حول العالم، و400 منها في القارة الأوروبية أكد المؤتمر فسادها، ولم يظهر «الفيفا» أي إجراء لتوقيف وتفادي هذه الأعمال التي تخلّ بالصورة العامة للكرة العالمية وللاتحاد الدولي الذي لطالما رفع شعارات «اللعب النظيف»، إلا أن «اللعب النظيف» لم تعد إدارته نظيفة بعد دخول الاقتصاد عنصراً أساسياً في كل المسابقات والبطولات.
من وقتها، أصبحت المصائب تصب على «الفيفا» صباً، رغم أنهم يحاولون احتواء دخانها دائماً بشكل غريب، حيث لا تذكرها وسائل الإعلام إلا نادراً.
عام 2012 شهد «الفيفا» تخبطاً كبيراً بعدما كشفت المحكمة العليا في سويسرا وثائق تثبت تورط الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم البرازيلي جواو هافيلانج بحصوله على رشوة من الشريك التسويقي السابق للفيفا «آي أس أل» من أجل عقد حقوق النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم 2010. إلا أن المفاجئ يبقى رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم فتح تحقيق في هذا الموضوع، بعدما طاولت اتهاماته شخص بلاتر الذي أشير إلى أنه كان على علم بحصول «صديقه المقرب» هافيلانج على الأموال، ما اضطره إلى دفع مبلغ 2.5 مليون فرانك سويسري كتعويض، شرط أن يُسقَط أي إجراء قضائي ضد الاتحاد للحفاظ على سمعته.
القصة ذاتها تجددت منذ بضعة أشهر عندما نال ملفا روسيا 2018 وقطر 2022 لاستضافة كأس العالم قسطهما من الأمثلة على الفساد، بعد تسريب تقارير تشير إلى تلقي الفيفا ورؤسائه رشى لقبولهم بالملفين.
لكن إلى أين يمكن أن تصل هذه «الألاعيب» التي يمارسها «الفيفا»، كيف تطبخ الصفقات وكيف يُقنَع جمهور الكرة بأنها قرارات طبيعية ومنطقية ونتاج الحظ أو الصدفة؟ وطبعاً هنا الحديث عن كثير من النتائج الفنية التي خرج بها «الفيفا» وأثارت استغراب الكثيرين، لا بل انتقادات عند شريحة واسعة من المجتمع الكروي.
مفاجآت من العيار الثقيل حدثت أخيراً عندما كشف لاعب إنتر ميلانو سابقاً ونابولي حالياً المقدوني غوران بانديف تزوير نتائج اختيار أفضل مدرب ولاعب في العالم، بعدما أكد أنه صوت لمورينيو، لكن صوته ذهب إلى مدرب المنتخب الإسباني فيسنتي دل بوسكي. كذلك تحدث برنامج «بونتو بيلوتا» الإسباني الشهير عن أن الاتحاد الدولي لكرة القدم تلاعب بأصوات عدد من المدربين واللاعبين في استفتاء أفضل لاعب في العالم لمصلحة الأرجنتيني ليونيل ميسي. وكان من أبرز الأسماء التي فضحت نتيجة التصويت السويدي زلاتان ابراهيموفيتش والإيطالي جانلويجي بوفون، إضافة إلى التشيكي توماس روزيسكي الذين قالوا إنهم صوتوا لمهاجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو ثم فوجئوا بوجود صوتهم في اللائحة لمصلحة ميسي!
انطلاقاً من هذه الأمور، لا يبدو كلام مورينيو بعيداً عن الواقع؛ فقضايا الفساد كثيرة في «الفيفا»، وقد يكون ما نشاهده من مباريات أو حفلات توزيع الجوائز مسرحيات يعلم نهايتها قبل أن تبدأ شخص واحد هو «المخرج» جوزف بلاتر.



قطر تستنكر مجدداً

استنكرت اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم المقررة في قطر الاتهامات الموجهة إلى البلد المستضيف بتقديم الرشى وشراء الأصوات خلال عملية التصويت التي جرت في كانون الأول 2010 على حق استضافة البطولة. وقال ناصر فهد الخاطر مدير الاتصالات والتسويق بالملف القطري، في مقابلة نشرتها صحيفة «تاغشبيغل» الألمانية، «ماذا يجب أن نفعل؟ في كل بطولة كأس عالم يكون هناك نوع من الجدل». ويرى الخاطر أنه لا مشكلة أيضاً في إقامة البطولة خلال فترة الشتاء.