هنا «سيغنال إيدونا بارك». وما أدراك ما الإيدونا بارك. تحفة ملاعب أوروبا. الملعب الذي يدخل الخوف والرهبة الى قلوب قاصديه. هنا كرة القدم بصخبها وولعها، بجنونها وفنونها. هنا جماهير دورتموند لا تهدأ. تتنفس كرة القدم وتحسن استقبال الضيوف على طريقتها.
ريال مدريد هو الضيف الآن. عاد الملكي مجدداً الى هذا الملعب. لم يغب طويلاً. فمنذ أشهر معدودة لعب على هذا العشب وفهم الحكاية. حكاية ملعب وجمهور وفريق اسمه بوروسيا دورتموند. فريق بدا قوياً الى أبعد الحدود هذا الموسم ولمع اكثر ما لمع أمام الملكي نفسه في دور المجموعات (2-1 في ملعبه و2-2 خارجه).
المدريديون جاؤوا هذه المرة رافعين لواء الثأر. قالوها جهراً: تعلمنا من الدرس السابق وسنسير قدماً نحو ويمبلي لاستعادة أمجادنا الغابرة. اما الألمان فكانوا واضحين: سنفعلها ثانية بالملكي وسنمضي الى حلمنا الذي عشناه في 1997 (توج بلقبه الوحيد في دوري أبطال أوروبا)، وما بين الطرفين مدربان يتربص أحدهما بالآخر: البرتغالي جوزيه مورينيو ويورغن كلوب.
إذاً، ملامح المعركة باتت واضحة. هي معركة ثأر وتأكيد الانتصار. هي معركة كفاءات ورد اعتبار. لم يبق سوى وضع النقاط على الحروف.
البداية كانت مثالية لأصحاب الأرض. الدقيقة الثامنة: كرة من منتصف الملعب يتركها ماركو رويس بذكاء من بين قدميه لماريو غوتزه والأخير يلعبها عرضية ليتابعها القناص البولوني روبرت ليفاندوفسكي في الشباك. هدف مبكر. هل نحن أمام تكرار لما حدث في الليلة السابقة في «أليانز أرينا»؟ تساءل كثيرون.
دورتموند يزيد من ضغطه عبر التناقل السريع للكرة والتسلم والتسليم المميز. الدقائق تمضي على هذا الحال.
قلنا معركة بين المدربَين اذاً. مورينيو يعطي تعليماته: سنُقتل اذا ما بقينا في الخلف. انطلق يا رونالدو انت والرفاق الى الامام. المشهد يتبدل بالفعل والملكي يلامس منطقة جزاء الخصم، وها هي الدقيقة 43 تحمل النبأ السار: هدف لرونالدو من متابعة لتمريرة الارجنتيني غونزالو هيغواين بعد كرة مباغتة لعبت من خط التماس. هدف أربك الألمان وأزعجهم. الشوط الاول ينتهي على خيبة في الايدونا بارك.
قلنا مباراة مدربين. كلوب يعطي تعليماته للاعبيه بين الشوطين: الى الهجوم مجدداً. اللاعبون لم يخيبوا ظن مدربهم. الدقيقة 50: دربكة في منطقة ريال يتابعها رويس فتصل الكرة الى ليفاندوفسكي وبسهولة في الشباك. يبدو انها ليلة البولوني.
الدقيقة 55: تصل الكرة الى مارسيل شميلزر الذي يسددها فتصطدم بأحد المدافعين وتصل الى ليفاندوفسكي وبطبيعة الحال الكرة... في الشباك. انها ليلة البولوني فعلاً.
الدقيقة 66: ركلة جزاء بعد تدخّل من شابي ألونسو على رويس. هدف رابع. المسجل؟ من غيره... ليفاندوفسكي.
قلنا مباراة المدربين: مورينيو يحاول التدخل ويزج بكامل اوراقه (كاكا ودي ماريا وبنزيما)، لكن هيهات، الكلمة العليا كانت أمس، مجدداً، لكلوب. الحكم يطلق صافرته والـ«سبيشيل وان» يقر بتفوق خصمه ويصافحه.
الخلاصة: درس ثانٍ وأشد قساوة من دورتموند لريال مدريد هذا الموسم. درس ألماني ثانٍ، وبالأربعة، للإسبان في ظرف يومين. الألمان يرعبون الإسبان. لا بل كل العالم.



أقسى خسارة لمورينيو

ليلة مخيبة لجوزيه مورينيو بامتياز أمس أمام دورتموند؛ إذ إن الخسارة 4-1 هي أقسى هزيمة يتعرض لها الـ«سبيشيل وان» في دوري أبطال أوروبا في مسيرته. كذلك فإن هذه ثاني أقسى خسارة لريال مدريد بقيادة مورينيو منذ ان تسلم تدريبه بعد الأولى الشهيرة أمام برشلونة 0-5 عام 2010.