لا يبدو مستغرباً تصريح لاعب ليفربول السابق وفنربخشة الحالي، الهولندي ديرك كاوت، عن أن زميله السابق الاورغوياني لويس سواريز، سيبقى داخل أسوار النادي بعد حادثة عضه لمدافع تشلسي الصربي برانيسلاف ايفانوفيتش نتيجة قيمته المهمة للفريق. ورغم الاجماع العام في الصحف والمواقع العالمية والإنكليزية على أن عقوبة ايقافه لمدة عشر مباريات ستكون نهاية حقبته مع «الليفر»، بسبب تكرر أفعاله هذه، حيث تعرض سابقاً لمدافع مانشستر يونايتد الفرنسي باتريس ايفرا بألفاظ عنصرية وأوقف لـ 8 مباريات، لا تعير الجماهير أهمية لذلك، ترى فيه فقط نجمها الذي سيعيد لليفربول أمجاده.
صفقة ممتازة قام بها مدرب ليفربول السابق الاسكوتلندي كيني دالغليش عندما تعاقد مع سواريز مقابل 22.8 مليون جنيه إسترليني آتياً من أياكس امستردام الهولندي. ومنذ وصوله الى ملعب «الأنفيلد رود» قدم اللاعب الأوروغوياني مع «الريدز» في أول مباراة له كأساسي أداء هجومياً أكثر من رائع ونشاطاً غير اعتيادي مشكلاً إضافة كبيرة للهجوم معوضاً رحيل مهاجم تشلسي الإسباني فرناندو توريس ليتعدى معدل تسجيله للأهداف. «سأنسيكم ال نينو» هذا ما قاله سواريز بعد أول مباراة له. مباريات قليلة وأصبح مدلل جماهير «الريدز» بدل الأخير، التي تعرف بعشقها للاعبها الجديد ونجم الفريق دون منازع. دائماً ما كانت هذه الجماهير تطلق الأوصاف على نجومها، فمن القائد ستيفن جيرارد الذي وصفته بـ«النجم الأول والأوحد» لليفربول عام 2005 حين قاد الفريق للتتويج بدوري أبطال أوروبا على حساب ميلان في النهائي، الى مايكل أوين الذي وصف بـ«الكل في الكل» ثم توريس الذي وصف بـ«القاتل»، حتى جاء سواريز وأطلقوا عليه «السفاح». «السفاح» يبدو من نوعية الأشخاص الذين عادة ما يفشلون في السيطرة على أنفسهم في حالات الغضب، إلا أنه وبعد عودته من العقوبة، ينتفض من جديد ويرتفع منسوب تسجيله للأهداف بشكل ملحوظ.
دائماً ما يحب أن يكون سواريز تحت المجهر، يتقن ذلك، حتى وان كان بشكل سلبي وغير واعي، إلا انه ومع هذه السلبية التي يعاني منها يبقى سواريز قناصاً ماهراً يستطيع ترجمة السيطرة التي يفرضها الفريق بقيادة المدرب براندن رودجرز. يبدع في المركزين، الوسط المهاجم ورأس الحربة، غير أن رودجرز مقتنع بأن عدم لعبه في مركز رأس الحربة يمنحه حرية الحركة ويسمح له بتقديم كامل إمكاناته وتهديد المرمى بشكل أكبر، كما يجعله اقل عرضة للمراقبة اللصيقة ويمنح مساحة كبيرة لدانيال ستوريدج وستيوارت داونينغ والبرازيلي كوتينيو أو لأي مهاجم يمكن أن يتواجد ضمن ثلاثي المقدمة. يقدم رودجرز ألعاباً تكتيكية مميزة بطلها سواريز، فأفضل لاعب في كوبا أميركا 2011 دائماً ما يحاول ان يكون اللاعب المفتاح الى جانب جيرارد. كرة هجومية سريعة، وتحول من أسلوب الكرات الطولية إلى الكرات الأرضية وتبادل مراكز، ليصبح من أمتع الفرق هجومياً وأسرعها في الوصول إلى نصف ملعب الخصم، ومن الأفضل في الضغط على الخصم واستخلاص الكرة بسرعة كبيرة جداً. لمسات رودجرز واضحة جداً على الصعيد الهجومي. فإن كان هناك من يجب التخلي عنه، فمن المؤكد انه ليس سواريز.
على العكس تماماً، يعاني ليفربول كثيراً من دفاعه، ولولا هذا الدفاع لرأينا الـ«ريدز» يزاحم على مركز متقدم.
بات واضحاً أن الفريق بحاجة ضرورية في سوق الانتقالات المقبلة الى تعزيزات دفاعية تتوج العمل الكبير الذي يقوم به سواريز وزملاؤه، ويبدو ان مالك النادي الاميركي جون هنري مجبر على ضخ السيولة اللازمة لذلك. رودجرز في السوق الأخيرة عالج العيوب الهجومية، لكن الصيف المقبل يجب أن يشهد العلاج الدفاعي، بتعاقدات قليلة سيصبح الفريق قريباً من الكمال، مسألة وقت لا أكثر وسيعود ليفربول مع مدربه ليصبح رقماً مرعباً على الساحة الانكليزية.
من المستبعد أن تكون مشكلة سواريز هي الاخيرة له، لكن من المؤكد انه «لن يسير وحده أبداً»، الجماهير لن ترضى بذلك، تدري بأهميته للفريق كما يدري رودجرز قيمته ان كان يريد الوصول الى المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا. ما قاله كاوت يختصر الحكاية كلها: «من الواضح أن غياب سواريز سيؤثر على حظوظ النادي لكنه سيكون مفتاح التأهل لدوري أبطال أوروبا عن قريب، بالتأكيد خسارته في المباريات القليلة الأولى من الموسم المقبل قد تكون مكلفة، لكن الفريق باستطاعته العودة بعد عودة سواريز».