... وأخيراً. كثيرون لا شك أطلقوا هذه الكلمة بعد إعلان برشلونة الإسباني تعاقده مع النجم البرازيلي الصاعد نيمار من سانتوس لمدة 5 مواسم. هذا الأمر لا يتوقف على محبي النادي الكاتالوني الذين شعروا بالسعادة طبعاً لإنجاز هذه الصفقة، بل إن كل متابع لكرة القدم كان سعيداً لهذا النبأ، لكن لسبب آخر، ألا وهو إغلاق هذا الملف نهائياً.
إذ لا يمكن تصور مدى التقارير التي تداولتها الصحف والمواقع عن وجهة هذا اللاعب، حيث ربط مرة ببرشلونة وأخرى بمواطنه ريال مدريد وببايرن ميونيخ الألماني وبتشلسي ومانشستر سيتي الإنكليزيين، أو بالبقاء مع سانتوس حتى مونديال 2014 في البرازيل. عامان ملّ خلالهما المتابع هذه السمفونية، حتى وصل الأمر لدى البعض الى حدود الشعور بالغضب عند رؤية خبر يتعلق بهذا الموضوع.
حسناً، الصفقة أغلقت، ومدينة برشلونة احتفلت. الصحف الكاتالونية أفردت مقالات ومقالات تتناول فيها سيرة اللاعب بأدق التفاصيل، حتى في ما يتعلق بحياته الخاصة، فيما المدريدية تحسّرت على ضياع هذا اللاعب.
لكن هذا لا يمنع من أن على المتابعين تحمّل شهرين إضافيين من الكلام، الذي سيأخذ منحى لا شك مملاً، حول إمكانية نجاح نيمار مع برشلونة.
هذا الأمر بدا واضحاً منذ اللحظة الأولى، حيث انقسم العالم الكروي الى معسكرين لا ثالث لهما: أحدهما يبدو مقتنعاً بأن الصفقة ستكون ناجحة لبرشلونة، فيما ثانيهما يميل الى أن البرازيلي سيفشل في النادي الكاتالوني. هذا الأمر لم يتوقف على المتابعين العاديين، بل إن مواقع الصحف على «الإنترنت» بادرت الى طرح هذا التساؤل على قرائها (نذكر منها مثلاً صحيفة «فرانس فوتبول» الفرنسية)، كما أن نجوم اللعبة وقفوا على خطين متناقضين، حيث سارع مثلاً «أسطورة» برشلونة السابق، الهولندي «الطائر» يوهان كرويف، الى انتقاد الصفقة، معتبراً أن «السفينة بقبطانين ستغرق» (في إشارة الى نيمار والأرجنتيني ليونيل ميسي)، ليرد عليه نجم برشلونة وريال مدريد السابق، البرتغالي لويس فيغو، قائلاً: «برشلونة سيفوز مع نيمار، وهو لاعب ممتاز»، متسائلاً: «ولماذا لا يمكن أن يلعب لاعبان كنيمار وميسي معاً؟».
بطبيعة الحال، يبدو ضرباً من ضروب الخيال أن يتوقع أحدهم مصير نيمار مع برشلونة قبل أن يلمس هذا اللاعب الكرة بقميص فريقه الجديد، لكن ثمة العديد من التساؤلات بإمكان المتابع أن يطرحها، وبعضها يستدعي أن يوضع بجانبها أكثر من علامة استفهام وتحتها أكثر من خط.
ولعل النقطة الأولى التي تتبادر الى الذهن سريعاً عند ذكر انتقال نيمار الى برشلونة، هي مدى إمكانية تأقلمه مع ميسي. هذا السؤال لا شك سيكون هاجس الجميع، ولا يخفى أن الحُكم على هذه الصفقة يتوقف تحديداً على هذه النقطة. فانطلاقاً من كلام كرويف، يُطرح السؤال الآتي: هل بالإمكان فعلاً أن يحمل فريق كبير نجمين من العيار الثقيل، وخصوصاً أن نيمار رغم جهره بأنه يفتخر باللعب الى جانب ميسي وأندريس إينييستا وتشافي هرنانديز، ورغم ترحيب «ليو» بزميله الجديد قبل إتمام الصفقة، إلا أن الواقع على الأرض قد يتحول الى غير ذلك كلياً انطلاقاً قبل كل شيء من شخصية البرازيلي التي تجنح نحو الشهرة والأضواء وبمنسوب عالٍ؟ فضلاً عن ذلك، فإن الشق الفني يطفو الى السطح وهو مدى قدرة تيتو فيلانوفا على توظيف نيمار الى جانب ميسي، وخصوصاً أن البرازيلي يمتلك خصائص الأرجنتيني ذاتها، ولطالما شبه به. أما ما حكي عن أن نيمار سيساعد على إراحة ميسي من الرقابة اللصيقة، فهذا كلام في الهواء وخصوصاً في فريق كبرشلونة، إذ إن ميسي بغنى عن ذلك أصلاً، فضلاً عن وجود إينييستا تحديداً القادر على سحب أكثر من لاعب بتحركاته، هذا دون الغوص في النواحي التكتيكية وامتلاك بعض الفرق خططاً تشل بها أكثر من مفتاح لعب، وما فعله بايرن ميونيخ الألماني ببرشلونة نفسه يبدو خير مثال على ذلك.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية: هل الـ«بلاوغرانا» بما يمثله من قوة هجومية ضاربة بحاجة الى نيمار، وماذا يمكن أن يضيف هذا اللاعب لفريق سجل هذا الموسم 111 هدفاً، وهو الأفضل في كل البطولات الوطنية الأوروبية في هذا الشق، أليس بالأجدى من الإدارة التركيز على الجانب الدفاعي في الفريق؟
التساؤل الكبير الثاني: هل الفنيات التي يقدمها نيمار في الدوري البرازيلي قادر على نسخها في ملاعب أوروبا، وخصوصاً أن الضغط العالي والالتحامات البدنية لا يمكن المقارنة بينهما في كرة «القارة العجوز» وكرة «أميركا الجنوبية»، إذ من يلعب أمام دفاعات تضم أسماء كسيرجيو راموس والألماني ماتس هاميلس والإنكليزي ريو فرديناند والبلجيكي فنسنت كومباني وغيرهم الكثير ليس كمن يلعب أمام دفاعات الفرق التشيلية والكولومبية والبوليفية وغيرها، وهذا ما يؤكده أداء نيمار في كل لقاءات منتخب البرازيل الودية أمام المنتخبات الأوروبية وأمام برشلونة نفسه في كأس العالم للأندية؟
التساؤل الثالث: هل باعتبار أن نيمار النجم الأول في البرازيل حالياً، فإن من المسلم به أن يسير في برشلونة على درب التألق الذي سلكه مواطنوه روماريو ورونالدو وريفالدو ورنالدينيو؟ إذ إن التساؤلات تطرح نفسها حول هذه النقطة انطلاقاً من أن أسلوب برشلونة في تلك الحقبات كان يميل نحو الفردية في الأداء بعكس أسلوب برشلونة القائم على المنظومة الواحدة بقيادة ميسي.
التساؤل الخامس: ماذا عن شخصية نيمار المائلة على نحو كبير الى الحياة الصاخبة والترف والبذخ خارج الملعب؟ إذ إن هذه النقطة شديدة الخطورة في ناد كبرشلونة اتسم أكثر ما اتسم بانضباط لاعبيه خارج الميدان، قبل أن يكون الأمر كذلك في داخله، إذ إن أي خلل من أي عنصر فيه يمكن أن يؤثر على بقية العناصر، تماماً كحبة تفاح فاسدة تنقل عدواها الى رفاقها.
كل هذه التساؤلات تطرح نفسها بقوة، وعلى نحو منطقي، عندما يتعلق الأمر بنجم صاعد كنيمار وفريق كبير بحجم برشلونة، غير أن المؤكد أن نجاحاً واحداً سيضمنه برشلونة سلفاً من الصفقة وهو الانتعاش المالي الذي سيحمله البرازيلي الى النادي الكاتالوني من بيع القمصان أولاً، مروراً بالإعلانات وغيرها من الأمور التسويقية.



اللقاء الأخير | ودّع سانتوس بالدموع

ودّع نيمار فريقه سانتوس بالدموع قبل انطلاق مباراته الأخيرة في صفوفه أمام فلامنغو في افتتاح الدوري البرازيلي على ملعب برازيليا.
وفشل نيمار في ترك بصمة في المباراة التي انتهت بالتعادل بدون أهداف، وسط صافرات الاستهجان من جماهير فلامنغو مع كل كرة كانت تصل إليه. وبكى نيمار أثناء اصطفاف لاعبي الفريقين قبل بداية آخر مباراة له مع سانتوس، الذي بدأ فيه مشواره وأصبح هدافه منذ اعتزال الأسطورة بيليه.
وقال نيمار للصحافيين: «كان من دواعي فخري الشديد أن ألعب لسانتوس وأنا سعيد للغاية أني فعلت هذا».
وأضاف «كل طفل يملك حلماً، سواء أن يصبح لاعباً أو طبيب أسنان أو صحافياً. حلمي كان أن أصبح رياضياً محترفاً، وقد نجحت في تحقيق هذا. اليوم برشلونة يحقق لي حلمي بالانتقال الى فريق رائع للغاية». وأكد نيمار أنه متحمس للّعب بجوار الأرجنتيني ليونيل ميسي وشافي هرنانديز وأندريس إينييستا ومواطنه داني الفيش.
وختم نيمار «جماهير سانتوس هي الوحيدة التي ساندتني دائماً. يمكنني فقط تقديم الشكر لهم وأقول لهم: أراكم في وقت آخر لأني سأعود في وقت ما».
وسيعود نيمار الى الملعب نفسه مع منتخب البرازيل يوم 15 حزيران المقبل في المباراة الافتتاحية في كأس القارات أمام اليابان بطلة آسيا.