لا ينقص رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني سوى اعتمار القلنسوة والجلوس في إحد منصات ملاعب فلسطين المحتلة لتكتمل فصول تصرفاته السيئة وقراراته المستنكرة، في حقبة عاش خلالها «يويفا» شبه تفرّد في القرار من قبل رئيسه الذي يحظى بتغطية من «معلّمه» رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزف بلاتر.
بلاتيني، بعنادٍ كبير، لم ينصت إطلاقاً لأيٍّ من الأصوات المنادية بعدم منح شرف تنظيم البطولة، التي ستنطلق اليوم، لإسرائيل، وأبرزها من مواطنه النجم السابق إيريك كانتونا، إضافة إلى نجومٍ حاليين، أمثال لاعبي تشلسي الإنكليزي البلجيكي إيدين هازار والسنغالي ديمبا با ومواطنه بابيس سيسيه مهاجم نيوكاسل يونايتد الإنكليزي، ولاعبين آخرين في أوروبا أنصتوا إلى حملة النجم المالياني فريديريك كانوتيه المناصر الدائم للقضية الفلسطينية، ووقّعوا عريضة جمعت أكثر من خمسة آلاف شخص معارض لإقامة البطولة في إسرائيل.
العريضة التي وجّهت إلى بلاتيني شخصياً، والتي أوضحت مدى الارتكابات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين عموماً والرياضيين خصوصاً، ردّ عليها رئيس «يويفا» ببرودة القاتل الاسرائيلي: «لا يمكننا التفرقة، ولا يمكننا عزل أحد».
إذاً، لا يريد بلاتيني عزل اسرائيل عن الخريطة الاساسية في كرة القدم الاوروبية، وهي المعزولة كروياً في آسيا التي تتبع لها جغرافياً بعد احتلالها لفلسطين، حيث قاطعت دول آسيوية كثيرة المسابقات القارية، حتى انتقل الاسرائيليون الى احضان «يويفا».
لقد تجاهل بلاتيني كل الرسائل الموجّهة اليه عن العنصرية الاسرائيلية في الملاعب وتجاه الرياضيين الفلسطينيين، وكل ايضاحات رئيس الاتحاد الفلسطيني جبريل الرجوب، الذي قال: «ليس هناك اي حرية في التحرك للرياضيين الفلسطينيين، اذ ان خطر الاعتقال وحتى القتل يلوح دائماً امام عيونهم».
الاكيد ان بلاتيني يعرف قصة لاعب الكرة الأسير المحرر محمود السرسك الذي أضرب عن الطعام لثلاثة اشهر وكان قريباً من الموت قبل ان يطلق سراحه في صفقة اجريت في تموز 2012 بعد ثلاث سنوات من الاعتقال من دون محاكمة. كذلك، لا بدّ انه سمع باسمي لاعبَين من المنتخب الفلسطيني الأولمبي، هما الحارس عمر ابو رويس ومحمد نمر، اللذان اعتقلا ايضاً من دون توجيه اي تهمة اليهما.
لكن لا يمكن فهم كلام بلاتيني عن العزل الرياضي، وهو امر سبق ان حصل في السبعينيات من دون اي ادانة من المجتمع الدولي، وتحديداً مع جنوب افريقيا في عزّ الاحداث العنصرية التي عصفت بالبلاد.
ببساطة، رئيس «يويفا» يشارك اليوم في المؤامرة والجريمة لانه يعرف اكثر من غيره مدى اهمية هذه البطولة وترويجها لصورة اسرائيل، فهذه البطولة تعدّ ثاني اهم بطولة على صعيد المنتخبات بالنسبة الى الكرة الاوروبية. وهذه البطولة تأخذ صيتاً اكبر في نسختها الاسرائيلية لأنها تجمع اسماء منتخبات كبيرة ولاعبين نجوم في صفوفها قَدِموا لخطف اللقب، وبعضهم دفعه اتحاده الى المشاركة مع منتخب الشباب عوضاً عن المنتخب الاول بالنظر الى اهمية اللقب الاوروبي الذي يؤسس عادة لمرحلة جديدة بالنسبة الى البلد الفائز به.
وهنا الحديث عن منتخب مثل انكلترا مثلاً الذي يضم النجم القادم الى مانشستر يونايتد لويس زاها، والمانيا التي يقودها لويس هولتبي، وايطاليا التي وصلت معها الموهبة الصاعدة ماركو فيراتي، وهولندا القادمة بأسماء سبق ان شقت طريقها الى المنتخب الاول، امثال كيفن ستروتمان ولوك دي يونغ. كذلك، فإن تشكيلة اسبانيا حاملة اللقب تعج بالاسماء المعروفة مثل الحارس دافيد دي خيا ومارتن مونتويا ومارك بارترا ودانيال كارفاخال وتياغو الكانتارا وإيسكو وكريستيان تييو...
أما الاسرائيليون الذين قابلوا حملة المقاطعة بأخرى داعمة لتنظيم البطولة التي تعدّ اهم بطولة رياضية نظّمتها اسرائيل في تاريخها، فإنهم يتلطون خلف وجود 6 لاعبين عرب في التشكيلة، لا بل ان وسائل الإعلام الاسرائيلية المروّجة للبطولة تشدّد على اظهار روح الصداقة ضمن منتخب يضم اليهود والعرب والدروز على حدّ قولها، وهي لهذا الغرض تعرض فيلماً ترويجياً يحكي فيه لاعبون عرب عن دفاعهم عن الوان اسرائيل مثل مروان كبها ومحمد كاليبات ومناس دبور.
هل يعقل ان يكون بلاتيني حمامة السلام في الشرق الاوسط؟
الأكيد لا، إذ إن التجارب السابقة أثبتت أن الرجل لا يعمل إلا للترويج لنفسه رئيساً مستقبلياً للفيفا، ولا يهمه إطلاقاً مصلحة كرة القدم الأوروبية، حيث يحاول ارضاء جميع الاصوات في عائلة «يويفا» الذي اصبح كرسي الرئاسة فيها هوساً بالنسبة اليه.



اطردوا العنصرية الإسرائيلية

منذ حزيران 2011 ومجموعة «اطردوا العنصرية الإسرائيلية» تعمل بجهودٍ حثيثة ضد قرار «يويفا» ورئيسه ميشال بلاتيني لمنع إقامة كأس أوروبا للشباب في إسرائيل. إلا أنه رغم الالتفاف العالمي حول هذه المجموعة اللندنية، فإن المراجع الكروية تجاهلتها، ومنها الاتحاد الإنكليزي الذي أرسل منتخبه للمشاركة في البطولة.