بات في حكم المؤكد اننا امام ظاهرة جديدة في عالم كرة السلة لا بل في عالم الرياضة اسمها ستيفن كوري. اليوم لم يعد بالامكان الحديث عن موهبة تقدّم نفسها الى المستديرة البرتقالية، او عن نجمٍ صاعد ينتظر منه شيء ما، بل عن رياضي قد يتحوّل اسطورة ويصبح النجم التاريخي للعبة التي انجبت جهابذة كبار بحيث تطول قائمة تلك الاسماء العظيمة التي طبعتها بطابعها الخاص.
كوري اليوم يسقط كل التوقعات، اذ قبل بداية الموسم لم يكن كثيرون يؤمنون بمواصلته النسج على منوال الموسم الماضي، وفي احصاء أجرته احدى الشركات المختصة في الولايات المتحدة عن اسم اللاعب الذي سيكون الافضل في 2016، جاء كوري في المركز الخامس، اذ اختارت الاكثرية "ملك" كليفلاند كافالييرز ليبرون جيمس، تلاه انطوني ديفيس لاعب نيو اورليانز بيليكانز، ثم كيفن دورانت نجم اوكلاهوما سيتي ثاندر، ووراءهم جيمس هاردن من هيوستن روكتس. ولم يتوقف الامر عند هذا الحدّ، اذ ان الاغلبية رشّحت كليفلاند لاحراز اللقب امام سان انطونيو ثم غولدن ستايت، الذي صعق الجميع مع كوري ليكون اول العابرين الى "البلاي أوف".
قبل بداية الموسم لم يرشح احد كوري ليكون الافضل

ومنذ اعتزال مايكل جوردان بحث العالم عن ظاهرة يخلف اعظم لاعب في تاريخ كرة السلة، فحكى البعض عن كوبي براينت ثم عن جيمس وغيرهم الكثيرين. وبالفعل سطّر هؤلاء انجازات مخيفة وتحدّوا الجاذبية في الكثير من المرات تماماً كما فعل "أم جاي"، لكن ما يُقدم عليه كوري حالياً يتخطى كل شيء، وتحديداً اذا تحدثنا بلغة الارقام التي لم يكتبها اي احد غيره في مشوار يعدّ قصيراً مقارنةً بكل منافسيه على لقب الافضل في الدوري الاميركي الشمالي للمحترفين.
استعراض ارقام كوري يصيب فعلاً بالذهول ويترك انطباعاً بأن هذا الشاب الموهوب مختلف عن غيره ليس فقط في قدراته الجسمانية العادية (ليس مفتول العضلات كجيمس على سبيل المثال)، بل في جوانب عدة قد تطفىء كل من حوله في وقتٍ قريب.
سجل كوري ثلاثيات اكثر مما سجله بيرد طوال مسيرته!

افضل لاعب في الـ "أن بي آي" وبطل الموسم الماضي مع غولدن ستايت ووريرز، حطّم الرقم القياسي في عدد الثلاثيات في موسم واحد بمجموع 286 ثلاثية، مع العلم انه كان صاحب الرقم السابق اي إن الرجل شرع في تحدي نفسه.
الارقام تصدمنا مجدداً عندما نعلم ان كوري سجل ما معدله 43.7 نقطة في كل 48 دقيقة هذا الموسم، وهو الرقم الافضل في التاريخ منذ ذاك الذي اصابه مايكل جوردان في موسم 1986-1987 حيث سجل ما معدله 44.5 اي ان كوري ليس بعيداً عن هذا الرقم المهدد فعلياً حالياً. اما اذا تحدثنا عن السلاح الفتاك لكوري، فنذكر رقماً مخيفاً ايضاً، اذ سجل هذا الخارق 688 ثلاثية في موسمين، اي اكثر من كل ما سجله نجم بوسطن سلتيكس سابقاً لاري بيرد (649 ثلاثية) طوال مسيرته التي امتدت 13 عاماً.
حسناً، الامور لم تنته هنا، اتذكرون تلك التسديدات الثلاثية البعيدة التي تكون من منطقة قريبة لمنتصف الملعب؟ من هناك سجل كوري 17 من اصل 25 محاولة، اي 68% من محاولاته، وهي نسبة رهيبة وخصوصاً اذا ما علمنا ان بقية لاعبي الـ "أن بي آي" سجلوا كلهم 19% من محاولاتهم من المسافة نفسها!
لكن ليس كل شيء هو الثلاثيات بالنسبة الى كوري، فهو حتى الافضل بـ 65.4% من المحاولات الناجحة من المسافة المتوسطة، متقدّماً على جيمس، ونجم لوس انجلس كليبرز بلايك غريفين المعروف باختراقاته.
كوري هو مدافع ممتاز ايضاً لا ماكينة هجومية فقط، اذ انه بين الثلاثة الافضل على صعيد سرقة الكرات حالياً. لذا اذا جمعنا كل هذه الميزات نجد انه خليط من كل تلك الاساطير التي مرّت على اللعبة بنسبه العالية، التي تتخطى افضل اللاعبين الذين مرّوا في تاريخ اللعبة مثل جوردان وويلت تشامبرلاين، وذلك اذا ما احتسبنا الفترة الزمنية التي لعب فيها في دوري العالقة، الذي قد يقول هذه السنة انه شهد افضل موسمٍ للاعب منذ ولادة اللعبة في بلاد العم سام.