السلام زغرتا مؤسسة رياضية، لا بل مؤسسة للزغرتاويين بالدرجة الاولى. هي فكرة قد يعتقد البعض أنّ من الصعب تحقيقها، اذ سبق لأندية كثيرة ان طمحت الى اصابة هذا الكمال من اجل تأمين افضل مستقبل ممكن، اضافة الى الاستمرارية المالية على مستوى ثابت لفترة طويلة، وذلك من دون ان يتأثر النادي بأي تغيير اداري وكل ما يرتبط به.
هي فكرة لا شك في انها تُخرج اي نادٍ من تحت رحمة الداعمين لأسبابٍ قد تكون سياسية في مكانٍ ما، وتبعده عن مزاجية المموّلين الذين يتطلعون الى ما يرونه مناسباً لهم قبل ان يضخّوا مبالغهم في خزائن الاندية اللبنانية التي لا تملك تمويلاً ذاتياً، بل انها تتنشق الاوكسيجين من خلال مبادرات فردية.
وقد يكون نادي الحكمة اكثر من يعرف معنى هذا الكلام، اذ بعد انتهاء مرحلة الرئيس التاريخي انطوان الشويري الذي كان اول من اطلق فكرة مأسسة النادي الاخضر، كان كل رئيس تقريباً يأتي ليتكلم عن مشروع المؤسسة، لكن هذا الكلام بقي مجرد كلام ولم يتحقق من هذا الامر اي شيء ليخرج نادي الحكمة مرات عدة من حضن ابنائه وليقف مرات اكثر في مواقف صعبة بسبب افتقاد الاستمرارية في التمويل، وما حصل خلال الموسم الحالي هو اكبر دليل على هذه المقولة.
هذا الامر يرى فيه السلام زغرتا درساً وسط ادراك ادارته ان استمرار النجاح الذي وصل اليه النادي في الفترة الاخيرة لا يمكن ان يكون إلا من خلال مشروع تطويري يصل بالزغرتاويين الى اقصى طموحٍ ممكن في بطولة الدوري اللبناني لكرة القدم خلال السنوات القليلة المقبلة.
من هنا، كان طرح فكرة المؤسسة في الاجتماع الاخير للهيئة الادارية للسلام زغرتا، وهي فكرة ترتكز على أسس منطقية لا تعجيزية، يمكن تحقيقها، وبالتالي اصابة النجاح عبر ولادة مؤسسة كروية تعتمد على مجموعة بعيداً من الشخصانية في عملية التمويل.
الهدف من هذه الفكرة هو اكبر من مجرد حفاظ السلام على مكانه في دوري الاضواء، اذ يتمحور الامر حول دخول ميدان المنافسة الجديّة، وذلك وسط ادراكٍ تام بأن هذا الطموح يحتاج الى رصد ميزانية محترمة. وهذه الميزانية يمكن توفيرها من خلال العمل المؤسساتي الذي يرتكز على 100 شخص على اقل تقدير سيدفع كلٌّ منهم 1000 دولار اميركي سنوياً، وهؤلاء سيشكلون الجمعية العمومية التي يحق لاعضائها انتخاب الهيئة الادارية. وبهذه الطريقة سيوفّر النادي الشمالي 100 ألف دولار قبل ان يشرع في الاستعداد لكلّ موسمٍ جديد.
وفي الوقت الذي لا يمكن فيه اعتبار هذه الميزانية كافية، سيكون توفير 150 الف دولار اخرى منوطاً بمجلس الأمناء الذي طرحت فكرة تأسيسه، وهو امر سيسهم ايضاً بعدم ربط السلام بأي طرفٍ سياسي في محيطه، ويجعل النادي لكلّ الزغرتاويين بحكم مشاركتهم في دعمه ونجاحاته.
واذا كان الاكيد ان الامور ليست بهذه السهولة، هناك شبه إجماع على ان السلام قادر على فعلها بعدما لمست الإدارة تعاطفاً كبيراً من ابناء زغرتا مع الفريق خلال حملته للعودة الى الدرجة الاولى في الموسم الماضي، وكذلك مع الشخصية المؤثرة في الزغرتاويين، اي رئيس النادي الأب اسطفان فرنجية الذي يمكن القول ان هناك اجماعاً عليه من كل الاطراف الزغرتاوية حيث اصبح مطلوباً لمشاريع انمائية عدة في المنطقة بعد العمل الكبير الذي قام به في المؤسسات التي تسلمها، ومنها نادي السلام حيث كان له الدور الاكبر في تشييد ملعب المرداشية، اذ يعرف المتابعون عن جولاته داخل لبنان وخارجه، وتحديداً في فنزويلا، بهدف جمع التبرعات التي ساندت انشاء الملعب، ليتحوّل مركزاً كروياً لأبناء المنطقة وللزغرتاويين المقيمين والمهاجرين على حدٍّ سواء.
لذا، يمكن فرنجية ان يقنع شريحة زغرتاوية كبيرة بأن ناديه الذي بدأ يفاوض لاعبين اصحاب اسماء مهمة لضمهم الى صفوفه في الموسم المقبل، وسيكونون جزءاً اساسياً منه من خلال دعمهم المباشر في هذه الخطوة الكبيرة التي تعدّ الاولى ضمن الألف ميل، اذ بعد تحقيق مشروع الملعب الذي كان صعب المنال منذ سنوات خلت، والتطوّر الذي اصاب قطاع الناشئين والشباب بحضورهم اللافت في بطولات الفئات العمرية، يحكي الزغرتاويون الداعمون لفكرة انشاء مؤسسة اسمها نادي السلام عن أن الهدف الاول والاخير هو بكل بساطة الحصول على لقب بطولة لبنان للمرة الاولى في التاريخ.