لا يمكن أن يتفق الجميع على موضوع معيّن. ففي أي قرار أو خيار لا بد من أن يكون هناك اختلاف في الآراء، وهذا ما ينطبق على واقع المدرب الجديد للمنتخب اللبناني جيوزيبي جيانيني. فالأخير حصل على فرصة العمر بالنسبة له بتدريب منتخب لبنان والدخول الى المنطقة العربية من بوابة واسعة عبر قيادة واحد من أبرز عشرة منتخبات في آسيا، وبالتالي فإن أي خيار آخر للمدرب جيانيني لن يكون بحجم استلامه منتخب وطني أصبح محط الأنظار في قارة آسيا التي فيها الدول الغنية التي تُبهَر بالأسماء وتدفع مئات الملايين لها قبل أن تعود وتستغني عنها. فالمدرب الإيطالي الآتي بسيرة تدريبية متواضعة ومشروع كبير نجح في إقناع رئيس الاتحاد اللبناني هاشم حيدر به، ها هو يستلم تدريب منتخب وطني للمرة الأولى في تاريخه. وهو منتخب وصل الى مرتبة متقدمة آسيوياً، وبالتالي فإن التركة التي ورثها جيانيني ليست قليلة.
رئيس الاتحاد اقتنع بفكرة جيانيني بعد أن اجتمع معه وسمع أفكاره وقرأ في شخصيته ما جعله يتمسك به، ويصبح هو الخيار الأول من بين مجموعة خيارات أخرى. لكن هذا لا يعني أن جيانيني هو أفضل ما يمكن أن يحصل عليه لبنان. فالمدرب الإيطالي كان من ضمن خيارات أقل منه، وهو أمر يسجّل على المسؤولين في الاتحاد اللبناني بأنهم لم يوسّعوا مروحة خياراتهم، خصوصاً أن المبلغ الذي سيُدفع للجهاز الفني سيناهز الـ 420 ألف دولار سنوياً، وهو مبلغ ليس بقليل. وقد يعتبر البعض أن إسم جيانيني كلاعب يعتبر من نقاط قوة المدرب الإيطالي، لكن هذا فقط للترويج الإعلامي، إذ أن العديد من اللاعبين الكبار فشلوا كمدربين، إن كان في لبنان أو خارجه.
لكن كل هذا الكلام لم يعد ينفع الآن مع حسم اتحاد اللعبة خياره بناء على رأي الرئيس وقرر التعاقد مع جيانيني، الذي سيكون مدعوماً بجهاز فني من المتوقع أن يكون مقنعاً أكثر من قائده وبالتالي ستجتمع جميع العناصر لما هو مصلحة لبنان.
جيايني الذي تبلغ مدة عقده عاماً واحداً، سيكون أمام ثلاثة أشهر حاسمة قبل لقاء الكويت الأول في 15 تشرين الأول في بيروت، يليه الثاني بعد شهر كامل.
وستكون هاتان المباراتان مقياساً رئيسياً لمدى نجاح مشروع المدرب الإيطالي، فإما أن يضع لبنان معه قدماً في نهائيات كأس آسيا 2015 أو يدخل في مرحلة من الركود والسبات مع غياب الاستحقاقات حتى تصفيات كأس العالم 2016. الفشل وارد على الجميع وحتى لو استقدم اتحاد اللعبة أهم مدربي العالم، فالمقياس سيكون من خلال التطور الذي سيطرأ على المنتخب اللبناني من جهة ومسألة التأهل الى كأس آسيا من جهة أخرى والتي قد يكون فشلها الثمن الغالي للخيار الإيطالي حيث لا يفيد حينها أي نقد أو تحميل مسؤولية لأي طرف.
جيانيني أصبح الآن مدرباً للمنتخب اللبناني، وبالتالي يصبح دعمه واجباً عبر تغليب مصلحة المنتخب بغض النظر عن مدى الإقتناع بالخيار الإيطالي. فجيانيني قد يرحل بعد شهر أو شهرين أو عام، وقد يبقى فترة طويلة مع منتخب لبنان، لكن في النهاية منتخب كل لبنان هو الباقي وأي تصويب عليه يكون كمن يطلق النار على نفسه نكاية بطرف آخر.
وفي سياق متصل، اقتصر يوم جيانيني الأول في لبنان على لقاء تعارف سريع مع أعضاء الاتحاد اللبناني حيث انضم اليهم خلال جلستهم الأسبوعية في مقر الاتحاد، الذي سيشهد اليوم توقيع جيانيني على العقد قبل أن يعقد مؤتمراً صحافياً غداً الأربعاء في حال لم يطرأ تعديل.