لم تكن الحركة طبيعية في محيط مدرسة ونادي الحكمة مساء أمس، حيث تقاطر الحكمويون الى المعركة الديمقراطية لانتخاب لجنة ادارية جديدة وكلّهم أمل بولادة ادارة تنهي مرحلة العذاب التي عرفها النادي منذ سنوات، حيث كانت التجاذبات السياسية والدعاوى القضائية والصراعات الداخلية العنوان الابرز.
اضواء كاميرات المحطات التلفزيونية المختلفة اضاءت الباحة الخارجية لذاك المقرّ الشبيه بالبيوت المهجورة في الاحياء التي تحيط بها احزمة البؤس، فالكل كان مهتماً بما ستؤول اليه نتائج واحدة من اكثر الانتخابات اثارة للجدل والاهتمام في الشارع الرياضي عامةً والحكموي خاصةً.
القوى الامنية كانت حاضرة ووجوه حكموية قديمة وشابة تواجدت بكثافة، حيث بدا المشهد على شاكلة ما يعرفه ملعب نادي غزير في كل مباراة تخصّ فريق كرة السلة.
الواضح اكثر كان انتشار العناصر المنظّمة الداعمة للائحة ابناء الحكمة التي يرأسها امين الصندوق السابق مارون غالب، الذي تنقّل بين الحشود مصافحاً ومقبّلاً الكثيرين ممَن قَدِموا لانتخابه او لتقديم تهنئة مبكرة. هو حاول في اكثر من مناسبة تهدئة حماسة الشبان الذين ارتدوا قمصاناً بيضاء تحمل اسم اللائحة، وصفقوا بشدّة عند انهائه كل مقابلة تلفزيونية، منادين اياه بـ "البريزيدان".
غالب سرق الاضواء في محطات عدة بين الباحة الخارجية والقاعة الداخلية التي لم تتسع للحكمويين القادمين للادلاء بأصواتهم، حيث ردّد كثرٌ منهم انهم هناك لانتخابه كونه واحداً منهم، مثله مثل باتريك عون الذي ارادوه ان ينتقل من بينهم اي من المدرجات الى طاولة الادارة لترجمة تطلعاتهم وطموحاتهم والتحدث بلسانهم.
ونافس غالب على سرقة الاضواء الزميل ايلي نصار، الذي لم يتحدث بصوت خافت في كل مقابلة تلفزيونية، بل وبين محازبي خصومه حكى بشجاعة عن تدخلٍ من الرئيس الفخري للنادي الاب جان بول ابو غزالة لتفكيك اللائحة التي انضم اليها، وذلك لمصلحة لائحة غالب.
وبين غالب ونصار، اطل ايلي يحشوشي ليخطف قسماً من الاضواء ايضاً، فكان دخوله استعراضياً (ولو انه لم يتعمّد ذلك)، محاطاً بـ "باشو" وجماعته، وعلى وقع اغنية حكموية، ثم استحضارٍ من قبل هذه الجماعة للرئيس التاريخي انطوان شويري بهتافات لطالما سُمعت من المدرجات.
كذلك، برز حضور الرئيس الأسبق للحكمة جورج شهوان، والرئيس الاسبق للاتحاد اللبناني لكرة السلة جورج بركات، ومدرب الشانفيل غسان سركيس، وعضو مجلس الأمناء السابق أمل أبو زيد، الذين ادلوا بأصواتهم.
وفي ظل كل هذا الصخب في الباحة الخارجية، كان مندوب وزارة الشباب والرياضة محمد عويدات يجهد لعدم حصول فوضى في الغرفة الضيّقة التي احتضنت الصندوق الانتخابي، فكان اول المقترعين احد نجوم فريق كرة القدم سابقاً طوني رستم، ثم تلاه قسمٌ من اعضاء الجمعية العمومية، فالرئيس المستقيل نديم حكيم، الذي ادلى بصوته، ثم اختفى بكل سلاسة. حكيم بدا في هدوء تام، مبتسماً كما جرت العادة، وباحترامه المعروف واخلاقة الرياضية الرفيعة التي عرفها الحكمويون طوال فترة تواجده في ناديهم، مارس حقه الديمقراطي، بعدما كان قد ثبّت انسحابه من المعركة مع طارق كرم وجوزف عبد المسيح وسمير نجم وانطوان مونس، اضافةً الى منسحبين آخرين هما رامي الشدياق ومارك بخعازي.
العملية الانتخابية التي بدأت عند السابعة مساء، لم تنتهِ حتى بعد منتصف الليل، حيث خرجت النتيجة النهائية اثر عملية الفرز، معلنةً فوز لائحة ابناء الحكمة، لتضجّ سماء الاشرفية بأصوات المحتفلين والاسهم النارية.
وجاءت النتائج على الشكل الآتي: باتريك عون 152 صوتاً، مارون غالب 136 صوتاً، سامي برباري 133 صوتاً، ميشال خوري 121 صوتاً، ايلي رشدان 118 صوتاً، ريمون ابي طايع 110 اصوات، جوزف صوما 109 اصوات.
هؤلاء تفوّقوا على بقية المرشحين الآخرين، حيث حصل جان حشاش على 98 صوتاً، وايلي نصار على 96 صوتاً، وايلي مشنتف على 93 صوتاً، ولبيب شبلي على 17 صوتاً، ودانيال كرم على 12 صوتاً، وجوزف مونس على 4 اصوات.
واجتمعت اللجنة الادارية الجديدة بعد صدور النتائج، حيث تمّ توزيع المناصب على الشكل الآتي:
الرئيس: مارون غالب
نائب الرئيس: سامي برباري
امين السر: ميشال خوري
امين الصندوق: جوزف صوما
اعضاء: باتريك عون، ايلي رشدان، روميو ابو طايع.
المهم ان نادي الحكمة دخل مرحلة جديدة ابتداءً من هذه الامسية الاستثنائية، التي عكست بلا شك من خلال الحضور الكثيف مدى اهمية نادي الحكمة عند محبيه، الذين ردّد قسمٌ منهم ان انتخابات ناديهم هي اهم من انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد. لكن الاكيد ان "جمهورية الحكمة" تحتاج اليوم الى عملٍ كبير لخلق الاستقرار فيها وابعادها عن الحروب التي ارهقتها، فمرحلة الاستقرار ضرورية جداً لاعادة فريقي كرة السلة وكرة القدم الى السكة الصحيحة، فالأول يريد تفادي عيش موسمٍ فاشلٍ آخر، والثاني يتطلع الى تفادي العودة الى مصاف اندية الدرجة الثانية. اما شعب هذه الجمهورية فلا يريد سوى ان ينعم ناديه بالسلام بعيداً من المعارك الخاسرة وقاعات المحاكم.