من كان ينظر الى المشهد العام في انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة القدم قبل شهر كان شاهد أجواء هادئة أقرب الى المملة مع تفاهم شبه تام على سيناريو يوم 31 تموز موعد اجتماع الجمعية العمومية لاختيار 11 عضواً للجنة التنفيذية للاتحاد. وجاءت انتخابات الدرجتين الثالثة والرابعة لتغيّر في هذه الصورة الهادئة وتتلبّد «السماء الانتخابية» بالغيوم. هذه الغيوم تراكمت نتيجة عدة أمور حصلت في الأسبوعين الماضيين. القصة بدأت مع التحضير لانتخابات الدرجة الثالثة حيث كان من المفترض أن يكون هناك تفاهم بين الأطراف الى درجة أن الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف اقترح في جلسة اللجنة العليا التي شهدت وضع آلية الانتخاب لاجراء قرعة بين الأندية الـ24 واختيار 12 سيشاركون بالانتخابات التي لن تكون الا صورية نتيجة التوافق عليها.
لكن قبل أيام على اجراء انتخابات الثالثة في 5 تموز الماضي توضحت الصورة لدى أحد الأطراف المتمثّل بالشحف وزميله في الاتحاد سمعان الدويهي بأن الطرف الآخر وتحديداً الرئيس هاشم حيدر مع نائبه ريمون سمعان وموسى مكي ومازن قبيسي شكّلا لائحة الأندية التي ستفوز بانتخابات الثالثة من دون التشاور مع الطرف الآخر أو إدخال أندية مقربة منهما. هذا الأمر أثار الاستغراب وحاول الثنائي الشحف والدويهي، وتحديداً الأول مع مرجعيته، تدارك الأمر بالعمل سريعاً مع الأندية المحسوبة عليهما، لكن مع علمهما بصعوبة المهمة نتيجة التحرّك المتأخر من جهة وقوة الطرف الآخر من جهة ثانية. غير أن الخطوة جاءت كنوع من توجيه رسالة اعتراض على الأداء، حيث تعتبر هذه الجهة أن الخطأ الأول جاء مع ترشيح عضو لجنة الشمال أحمد فردوس الى الانتخابات في خطوة بدت موجهة ضد عضو الاتحاد الحالي أحمد قمر الدين، ما أوحى بأن مبدأ الشراكة والتفاهم لن يكون حاضراً في الانتخابات.
وجاءت انتخابات الدرجة الرابعة لتؤكّد هذا الأمر وخصوصاً في محافظة الشمال مع وصول ثلاثة أندية محسوبة على حيدر وبجهد مبذول من فردوس حيث فازت اللائحة بـ14 صوتاً مقابل 7 للائحة الخاسرة. أما في انتخابات جبل لبنان فكانت الصورة مغايرة مع فوز اللائحة المدعومة من الشحف وحلفائه.
هذه الأحداث المتلاحقة استوجبت زيارة من رئيس مجلس أمناء نادي الصفاء بهيج أبو حمزة والنائب أكرم شهيّب الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي لوضعه في أجواء ما يحصل وطريقة تعاطي حيدر مع الملف الانتخابي، بعد أن كان الجميع يظن بأن الأمور سائرة نحو التوافق التام. الزيارة أسفرت عن اتفاق على عقد اجتماع يضم الطرفين حيث وكّل بري الأمين العام لمجلس النواب أحمد بعلبكي بمتابعة الموضوع على قاعدة «ما تزعلولي الشباب».
هذا الاجتماع الذي من المفترض أن يحصل بعد عودة رئيس الاتحاد هاشم حيدر من السعودية حيث يشارك في انتخابات الاتحاد العربي، لن يكون صورياً أو على قاعدة «تبويس اللحى». فالطرف المتضرر أو المستاء لن يقبل إلا بضمانات وبحضور شخصيات رفيعة حيث يتم وضع النقاط على الحروف وكيفية العمل في المرحلة المقبلة بدءاً بالانتخابات وانتهاء باللجنة التنفيذية الجديدة. فالطرف المتضرر يستغرب الأسلوب المتبع خصوصاً أنه كان متعاوناً لأبعد حدود ولم يعارض في أي مسألة، وجرى التوقيع على التعديلات «على بياض» ودون مناقشة حتى أنه عُرض سابقاً الحصول على منصب نيابة الرئيس مع صلاحيات ضمنية لكن حينها لم يجد هذا الطرف حاجة لذلك ما دام هناك اتفاق عام.
ويوضح أبو حمزة أكثر حين يسأل ماذا تعني كلمة «شراكة»؟ هل هي مجرد استلام ورقة الأسماء التي ستفوز في انتخابات الاتحاد ووضعها في الصندوق أم التفاهم والاتفاق على برنامج عمل وشكل اللجنة التنفيذية الجديدة؟ ويذهب أبو حمزة أبعد من ذلك ليعرب عن استيائهم من طريقة صوغ النظام الذي هو برأيه رئاسي بالكامل «وليس هذا ما اتفقنا عليه. فحين وافقنا على التعديلات كان بشرط المحافظة على الصلاحيات. فإذا كانت الأمانة العامة وظيفة برأيهم فحينها لا نريدها. نحن لا نبحث عن وظائف. أما إذا كانت موقعاً ومسؤولية فحينها نحن لها».
ويؤكّد أبو حمزة بأن هناك خيارات عديدة للتعاطي مع المشكلة، لكنه يؤكّد أيضاً أنه لن يترشّح للانتخابات وتحديداً لمنصب الرئاسة «فنحن التزمنا بعدم الترشّح للرئاسة ونحن نحافظ على عهودنا».
إذاً ما هي الخيارات الأخرى؟
لا يخفي أبو حمزة وجود توجه للانسحاب من اللعبة بشكل كامل «ليس عبر أنديتنا فقط بل عبر من نمثل أي جهات أخرى. فنحن لا نجلس في مكان لا دور لنا فيه».
ويتقاطع رأي أبو حمزة مع رأي أطراف درزية أخرى تشدد على أن أساس الموضوع هو الشراكة والمحافظة على الرأي الآخر داخل الاتحاد. واللافت عدم ترشّح أي شخصية درزية الى الانتخابات رغم أن الأمر حسم لصالح ترشّح رئيس نادي الصفاء عصام الصايغ وعضو ادارة الإخاء الأهلي عاليه وائل شهيّب. لكن الصايغ وشهيب لم يترشحا حتى يوم أمس، وحين تسأل الصايغ عن السبب يجيب بأن «ليس هناك نية للترشّح اذا كانت الأمور ستدار بهذه الطريقة».
ويؤكّد طرف آخر أن الهدف ليس أن يكون هناك عضوان درزيان في الاتحاد، وإذا كانت المسألة مسألة تمثيل فهذا لا يعنينا «كما أن هناك طلال الجردي فهو ممثل قدير ولديه العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية الناجحة ومن الطائفة الدرزية» يجيب المصدر الدرزي متهكماً. فبالنسبة له القصة أبعد من ذلك بكثير ولذك فإن ردة الفعل قد تكون كبيرة وتصل الى حدود الخروج من اللعبة «فهل يستطيع أي طرف تحمّل هذا؟».
ويأتي مبدأ الشراكة والرأي الآخر كردٍ على جواب الطرف الآخر الذي يسأل «ما هو المطلوب؟». فهذا الطرف المتهم بالتفرّد والاستئثار بالرأي وتهميش شريكه، يؤكّد أنه منفتح على ما يريده الطرف الآخر لكن يجب معرفة ماذا يريد هذا الطرف أولاً. وتجيب مصادر متابعة لما يحصل على الملاحظات السابقة حين تسأل بدورها «هل هناك من تدخّل في حصة الدروز أو شارك في التسمية؟ أما بالنسبة للأعضاء الآخرين كأحمد قمر الدين وسمعان الدويهي، فالطرف الآخر لم يقل بأنهم محسوبون عليهم وأنهم يريدونهم في الاتحاد. كما أن ترشّح أحمد فردوس جاء بدعم من طرف آخر لا نتحمل مسؤوليته نحن». وعلى صعيد انتخابات الثالثة فالوقائع تشير الى أن الطرف الآخر هو من بدأ العمل الانتخابي مع الأندية «ولم يتواصلوا معنا معتقدين أنهم سيفوزون في الانتخابات».
ويستغرب أحد المتابعين للملف من بدايته الاستياء الدرزي في وقت أن حصتهم ارتفعت في الاتحاد من عضوين الى ثلاثة أعضاء (عضوان في اللجنة التنفيذية والأمين العام) الى جانب دخول عضو درزي الى اتحاد كرة اليد وكذلك عودة التمثيل الدرزي الى اللجنة الأولمبية عبر العضو وليد طليع بعد طول غياب.
ولا تتوقف العقدة في الانتخابات على الجانب الدرزي، فهناك أيضاً التمثيل المسيحي الشمالي الذي يبدو أنه سيكون مثار جدل أيضاً مع ترشّح الياس الياس أمس، وهو ما يعتبر موجّهاً ضد العضو سمعان الدويهي. فالأخير حصل على دعم من المردة حيث تم إبلاغ المعنيين عبر اتصال بين طوني فرنجية نجل رئيس الحزب سليمان فرنجية بالمسؤولين في عين التينة وأيضاً عبر رئيس نادي السلام زغرتا اسطفان فرنجية بأن مرشح المردة هو الدويهي ولن تترشّح اي شخصية من زغرتا غيره، «وفي حال أرادوا الاتيان بشخصية مسيحية شمالية من خارج زغرتا فهم أحرار» يقول مصدر زغرتاوي لـ«الأخبار». ويأسف الزغرتاويون لخطوة ترشيح الياس رغم الرسالة التي وصلت الى عين التينة بدعم الدويهي، إذ يعتبرون أنه جاء كرد سلبي وهو ما أثار استياءهم.
أما الدويهي فهو يستغرب هذا الفيتو الموضوع عليه في حين أنه خلال 8 سنوات من العمل لم يحصل أي خلاف استراتيجي مع هاشم حيدر بل على العكس، حصل خلاف مع رهيف علامة لمدة سنة ونصف سنة اعتراضاً على طريقة العمل «كما أنني لم أستقل حين كان أحد الأطراف يحتاج الى استقالة سادسة لاسقاط الاتحاد، كما أن النصاب غالباً ما أكمله الدويهي حين كان علامة يسعى الى تعطيل الجلسة». أضف الى ذلك الثمن الذي دفعه شقيقه غابي بعدم الدخول الى اللجنة الأولمبية بسبب علاقة سيمون الجيدة بحيدر. ولفت الدويهي إلى أنه أبلغ ادارة السلام عدم رغبته في الدخول بأي معركة طالباً منهم ترشيح عضو ادارة النادي سيزار اسكندر للانتخابات.
لكن أحد الشخصيات الكروية أكد أن مشكلة الدويهي ليست مع حيدر بل مع نائب الرئيس ريمون سمعان الغاضب من تصرفات الدويهي الأخيرة رغم أنه أقنع حيدر بادخال الدويهي الى اللائحة القوية، وهو أخذه شخصياً الى مكتب حيدر وجرى التوافق على بقاء الدويهي في الاتحاد قبل أن يقوم الأخير بدعم اللائحة المضادة في انتخابات الثالثة.
شمالياً أيضاً، شهد مقر الاتحاد أمس ترشّح أحمد قمر الدين للانتخابات، وجاء ترشّح قمر الدين في وقت كان منافسه أحمد فردوس يتلقى جرعة معنوية كبيرة كانت ضرورية لرفع حظوظه وهي دعم الوزير فيصل كرامي. فالأخير اتصل أيضاً بالمسؤولين في عين التينة وأبلغهم بأن هناك شبه إجماع على دعم فردوس من قبل أندية الشمال، ورغم أن كرامي على الحياد إلا أنه يحترم قرار الأندية الشمالية. ويعتبر كلام كرامي بالغ الأهمية بالنسبة لحظوظ فردوس بالوصول الى اللجنة التنفيذية، إذ لا يمكن لمعنيين بالموضوع دعمه في مواجهة أحمد قمر الدين ما لم يكن هناك غطاء من كرامي لفردوس.



هامبيك ممثل الأرمن

حسمت الجهات الأرمنية أمرها وقررت دعم عضو الاتحاد الحالي همبارسوم ميساكيان لكي يبقى ممثل جمعية هومنتمن وحزب الطاشناق في الاتحاد. وعليه ترشّح أمس هامبيك للانتخابات حيث قدّم أوراقه في مقر الاتحاد.