بدأت الرياضة اللبنانية لملمة خسائرها بعد الحقيقة ــ الصدمة التي أصبحت يقيناً بأن منتخب لبنان لكرة السلة لن يكون حاضراً في بطولة آسيا وبالتالي فقد فرصة التأهل الى نهائيات كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخه. فالمتابعون وعشاق هذه اللعبة التي اوصلت لبنان الى العالمية بدأوا يسألون أنفسهم ماذا الآن؟ وكيف سيكون شكل اللعبة في الفترة المقبلة وهي المجمدة دولياً على صعيد المنتخب والأندية؟
كتاب الفيبا كان واضحاً في فقرته الرابعة حين اعتبر أن المرحلة الآن هي لجلوس عائلة اللعبة مع نفسها ومراجعة الأخطاء التي وقعت فيها واعادة النظر في الأنظمة القائمة حالياً والتي أدت الى تجميد لبنان.
البداية قد تكون من عودة البعض الى عقلانيتهم وبدء الحديث الجدي عن تغيير شامل في الاتحاد. فالأخير من أبسط مهامه تنظيم بطولة وتأمين مستلزمات مشاركة المنتخبات الوطنية خارجياً. فإذا كان قد فشل في القيام بهاتين المهمتين البسيطتين فهل يمكن بعد الآن مجرّد التفكير ببقائه؟
هذا لا يعني أن مسؤولية ما حصل تقع على عاتق الاتحاد فقط، فهناك مسؤولية على الأندية المعارضة أيضاً، إلا أن المسؤولية الأكبر هي على اتحاد اللعبة، فهو السلطة العليا في كرة السلة وكان يتوجّب عليه أن يتخذ جميع الإجراءات كي لا تصل الأمور الى ما وصلت اليه.
مسؤولية الأندية ليست كما يظهرها البعض بأنها ذهبت الى القضاء، فهذا من حقها طالما أن القوانين الداخلية لا تمنع ذلك ولا وجود لجهة يمكن الاحتكام اليها نتيجة عدم تشكيل لجنة قانونية محايدة أو مجلس التحكيم الرياضي. كما أن هناك أمثلة أخرى على التوجه الى القضاء من قبل جهات رياضية كما يحصل بين مسؤول الرياضة في التيار الوطني الحر جهاد سلامة واتحاد الجمباز حيث إن الأول رفع دعوى على الاتحاد لدى محكمة العجلة ثم لدى المحكمة البداية لدى القاضية جلنار سماحة بعد رد الطلب في العجلة على خلفية عدم تعديل اتحاد الجمباز لقوانينه قبل اجرائه الانتخابات الأخيرة. وفي مناسبة أخرى أقام نادي الحكمة خلال فترة الرعاية العونية له دعوى على الاتحاد اللبناني لكرة القدم ولم يسحبها الا بعد أن تأكّد بأن النادي مصيره الشطب نتيجة وجود قانون واضح في النظام الداخلي والأساسي في الاتحاد يمنع التوجه الى القضاء بعكس اتحاد كرة السلة. وهناك العديد من المحطات التي توجّه فيها الطرف الرافض لهذه الخطوة الى القضاء كما حصل مع اتحادي الجودو والفروسية سابقاً. إذاً مسألة التوجه الى القضاء لا تسجّل على الأندية بل ما يسجّل عليها عدم سحب الدعوى والتوقيع على مذكرة الفيبا حين تبيّن أن لبنان في طريقه نحو التجميد. لكن هنا الأندية تتحمل مسؤولية في خطأ وقع فيه اتحاد السلة من البداية حين قام بنقل المشكلة الى الفيبا. ففي اللحظة التي أُرسل فيها إخبار الى جنيف وأصبح الاتحاد الدولي على علم بالمشكلة جرى تدويل المشكلة وأصبحت السلة اللبنانية تحت رحمة الدول الكبرى رياضياً والمؤسسات التي تنظر الى أي مسألة من منظار المصالح بعيداً عن أي حق. وعليه، فإن من يتحمل المسؤولية الكبرى هو اتحاد اللعبة الذي «سلّم» رأس لبنان وسمح بإيجاد ثغرة تتسلل منها الدول الكبرى لتحرم اللبنانيين حلمهم. فما قام به اتحاد السلة يعتبر جريمة وطنية حين يقوم بضرب شعور وطني على مستوى كل لبنان بغرض مصالح ضيقة وشخصية وتحت حجة الدفاع عن المؤسسات. فما نفع هذه المؤسسة إذا كانت فاشلة ومرتكبة وسجلها حافل بالتجاوزات وآخرها الموضوع المالي. إذ هل يعتقد من تبقى من أعضاء الاتحاد أن موضوع الـ 131 ألف دولار يمكن حلّه بسطر ونصف في مقررات اللجنة الادارية وعبر الإعلان بأن رئيس الاتحاد روبير أبو عبد الله سدد متوجباته المالية وبأن أمين الصندوق إيلي فرحات قد سجّلها.
وكيف يمكن لاتحاد أن يستمر ونصف أعضائه غائبون بين مستقيل ومعتكف. وآخر المستقيلين كان ابراهيم دسوقي الذي جاءت خطوته تحت شعار «أن تصل متأخراً أفضل من أن لا تصل أبداً». فقد يكون دسوقي قد لجأ الى هذه الخطوة لتخفيف الخسائر خصوصاً على الصعيد الشخصي قدر الإمكان، إذ لا مجال للحديث عن مكاسب أو أدوار بطولية كون التوقيت يلعب دوراً مهماً في أي خطوة. ولو جاءت استقالته قبل التجميد لكان لها معنى مختلف عن حصولها بعد التجميد، حيث إنه لا يمكن محو حقيقة أن لبنان غاب خلال عهد اتحادي كان دسوقي مشاركاً فيه. لكن هذا لا يقلل من أهمية الخطوة للبناء عليها وتأمين استقالات أخرى ليس بهدف إسقاط الاتحاد انطلاقاً من مصالح شخصية بل كون أي حل يجب أن ينطلق عبر الكلام عن اتحاد جديد وتراجع نادي عمشيت عن دعواه القضائية وبدء الحديث الجدي عن كيفية تحويل الأزمة الى نقطة انطلاق نحو الحل. وهذا يتضمن وضع صيغة جديدة لقوانين الاتحاد والتي كان لها دور في الأزمة نتيجة قدمها، وهو ما عبر عنه الفيبا بوضوح في رسالته الأخيرة وتحديداً في الفقرة الثالثة حين تحدث عن خلل بنوي في عمل الاتحاد سمح بأن ينجح ناد واحد بإيقاف بطولة. فقرة اعتبرها البعض أنه ضد الاتحاد الحالي وتنتقد طريقة عمله خصوصاً مع عبارة (Disfunction)، لكنها فعلياً تعني أي تركيبة اتحاد آخر طالما أن المشكلة في القوانين. وهو ما أشار اليه الفيبا أيضاً في الفقرة عينها حين تحدث عن أن الاتحاد «غير محصّن تجاه أي تدخلات سياسية وغير قادر على حل نزاعات رياضية بسبب طبيعة قوانينه وهيكليته».
إذاً المسألة لم تعد تتعلق بنزاع قائم بين طرفين بل في وجود مشكلة حقيقية في اللعبة لا يمكن حلّها إلا من خلال اتحاد جديد والجلوس الى طاولة واحدة (رغم صعوبة الأمر نتيجة الشحن القائم حالياً) والحديث بجدية عن مستقبل اللعبة. وهذا يتطلّب استقالة باقي الأعضاء أو قسم منهم وعدم تفسير هذه الخطوة بأنها موجهة ضد طرف أو دعم لطرف آخر.
وهنا قد يكون دور لرئيس اللجنة الأولمبية جان همام عبر استقالة صديقه وممثله في الاتحاد أي الأمين العام غسان فارس ووضع حد لما يقال عن أن همام لا يستطيع القيام بهذه الخطوة خوفاً على لجنته الأولمبية التي قد تدفع ثمن سقوط اتحاد السلة. فلا سلامة يملك هذه العقلية ولا همام ضعيف الى هذه الدرجة، وبالتالي قد يكون مطلوباً من الأخير خطوة تساعد على الاتيان باتحاد جديد بعيداً عن أسلوب التحدي الذي قام عليه الاتحاد الحالي وتبيّن مدى خطأ هذه الخطوة.
وهنا يبرز أيضاً دور لوزير الشباب والرياضة فيصل كرامي كي يعيد إحياء مبادرته التي انطلقت من منزله قبل فترة، ودعوة الأطراف الى الجلوس بعيداً عن أسلوب نعي اللعبة الذي لم يكن موفقاً من وزير معني.



ماذا سيقول غسان سركيس حول ما حصل؟

سيترقّب الجمهور اللبناني ما سيقوله المدير الفني للمنتخب اللبناني غسّان سركيس (الصورة) والذي أكّد أن الجهاز الفنيّ للمنتخب واللاعبين هم كالشعب ضحيّة للتسويات وطمع البعض. وقد أكّد السركيس أن مؤتمر الاحد للمنتخب سيكون بمثابة الفضيحة للمسؤولين، مؤكّداً أنّه سيضع مخطّطات مستقبليّة مع اللاعبين لحماية اللعبة من أخطاء كهذه. وكان سركيس قد تتطرّق الى المشكلة القائمة وحمّل البعض المسؤولية دون أن تتم تسمية الأشخاص، لكن وبعد توقيف لبنان وضياع جميع الجهود التي بذلت من قبله ومن قبل اللاعبين لا شك ان سركيس سيسمّي الأمور بأسمائها وسيحمّل الاتّحاد اللّبنانيّ وداعميه المسؤولية خصوصاً الطريقة التي أهملوا فيها اللاعبين وكذّبوا عليهم.




اللاعبون يصلون غداً

تأجّل وصول بعثة منتخب لبنان العائدة من الفيليبين من اليوم الى غد عند الساعة 10.45 صباحاً بسبب صعوبة تأمين حجوزات السفر لجميع أفراد البعثة. ومن المفترض أن يعقد اللاعبون وعلى رأسهم قائد المنتخب فادي الخطيب مؤتمراً صحافياً يُتوقع أن يكون نارياً.