لا يختلف اثنان على نوعية زلاتان ابراهيموفيتش كلاعب كرة قدم، فهو من دون شك أحد أفضل المهاجمين في العالم، وإحدى أهم المواهب التي عرفتها أوروبا في العصر الحديث للعبة، والدليل أنه كلّف الأندية التي لعب لها حتى الآن 230 مليون دولار كبدل انتقالات.
لكن الفكر الكروي «النظيف» لإبراهيموفيتش على أرض الملعب هو غيره قبل دخوله الى المستطيل الأخضر، إذ إن التحجّر هو سمة أفكار هذا اللاعب الذي لا يساوم أبداً على ما يعتبره قناعته، وهو أمر استمده من دون شك من القساوة التي عاشها في صغره، والتي جعلته في يومنا هذا لا يجد أي ارتباط بنادٍ معيّن رغم سعي كل الأندية التي لعب لها لإبقائه في ألوانها. ببساطة، ابراهيموفيتش ليس الإيطالي فرانشيسكو توتي أو الإنكليزي ستيفن جيرارد مثلاً، وهما اللذان ارتبطا أزلياً بنادييهما الأم روما وليفربول على التوالي.
أما بالنسبة الى ابراهيموفيتش، فهو لا يعرف غير مصلحته الشخصية، اذ ان أنانيته هي التي تديره ضمن توجهاته في مسيرته التي لم تخلُ من الألقاب الكثيرة، حيث لم يلعب لأي نادٍ من دون أن يحرز معه البطولة المحلية. ومن يتابع ابراهيموفيتش يعلم تماماً أنه لا يفترض إثارة غيظ اللاعب، اذ الأفضل عدم ممانعة خروجه من النادي لأنه عندما لا يكون راضياً فإنه بكل بساطة قادر على إثارة المشاكل التي لا تحصى مع زملائه ومدربيه والإداريين...
الحقيقة أن ابراهيموفيتش يمثّل تماماً صورة ذاك اللاعب الاستثنائي في أدائه وشخصيته أيضاً، وقد شهد العالم لاعبين يشبهونه على مرّ السنوات، أمثال الإيرلندي الشمالي جورج بست، والأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، والفرنسي إيريك كانتونا، وصولاً الى الإيطالي ماريو بالوتيللي الذي يتوقّع أن يكون خليفة ابراهيموفيتش في هذا المجال. لكن حتى الآن، يمكن السويدي أن يجعل هذا النجم الأسمر ولداً أمامه في التصرفات غير المقبولة والمثيرة للجدل التي يفتعلها.
الآن ابراهيموفيتش يريد الخروج من باريس سان جيرمان، والسبب هو أنه لا يريد نجماً آخر في الفريق، اذ إن وصول الأوروغوياني إدينسون كافاني الى فريق العاصمة الفرنسية جعل «السلطان ابراهيم» يشعر بالتهديد على منصبه كأمير متوّج في باريس بعدما قاد الفريق الى لقب الدوري الفرنسي وسجل 30 هدفاً في أول موسم له معه.
بهذه الخطوة، سيكون ابراهيموفيتش قد سرق أحلام الجماهير الباريسية التي تحلم بثنائية هجومية قوامها السويدي والأوروغوياني، وهو أمر ليس بالغريب، اذ ان ابراهيموفيتش هو سارق بامتياز، اذ لطالما سرق أحلام الفرق المنافسة بأهدافه الصارخة.
لكن مهلاً، وبالعودة الى الحديث عن طفولة ابراهيموفيتش التي فرضت شخصيته المذكورة، فإن هذا النجم هو سارق بامتياز، اذ لطالما وقع في مشكلات جمّة حيث اعتاد سرقة الدراجات الهوائية، ومنها لساعي البريد، ومنها لزملائه ومدربه في الفريق الذي سجل فيه بداياته.
وهناك وفي سن الثالثة عشرة ارتكب حماقات كثيرة، منها تعرضه بضربة بالرأس لأحد رفاقه فتمّ إرساله الى المستشفى، وهذا ما دفع بأهالي بقية اللاعبين الى التوقيع على عريضة لطرده من النادي.
هي قساوة في الصغر تحوّلت الى طباعٍ حادة عند نضوج ابراهيموفيتش الذي لا يحترم أحداً، إلى درجة أنه وصف فيها مدربه السابق في برشلونة الإسباني جوسيب غوارديولا بالجبان. وهو شاب يريد نسيان طفولته القاسية حيث انفصل والداه وأدمن والده على الكحول وبقي جائعاً بشكلٍ دائم، إذ يقول في سيرته الذاتية إنه يصرّ على إبقاء الثلاجة في منزله مليئة بالطعام لتعويض الماضي التعيس الذي عاشه في طفولته، حيث ضربته أمه بشدة أيضاً وأدمن شقيقه على المخدرات...
اليوم لا يعير ابراهيموفيتش أي اهتمام لمشاعر أحد، لا لمديري الاندية، ولا الجماهير ولا حتى لمعجبيه، ووصولاً الى السلطات، فهو حتى يدعو أصدقاءه إلى التسابق في سياراته الفاخرة وجلّها من نوع فيراري، ويفخر أنه يهرب من الشرطة ويضلّلها بقيادته بسرعة 325 كلم/ الساعة. وغضبه وأنانيته يترافقان مع عجرفة لا حدود لها باعتراف زملاء له، وهو لا يخجل أيضاً بهذا الأمر، اذ عند سؤاله عن الهدية التي قدّمها لصديقته عارضة الأزياء والممثلة هيلينا سيغر التي تكبره بـ 11 سنة، في عيد ميلادها، كان جوابه: «لا شيء، فهي لديها أصلاً زلاتان».
هو من نوع اللاعبين الذين تحب مشاهدتهم، هو من نوع النجوم الذين تحتاج إليهم كرة القدم. لكنه ليس من النوع الذي يهوى مديرو الأندية والقيّمون عليها التحدث معه، لذا لا ضير من القول إن باريس سان جيرمان قد يجد مصلحة مشتركة في إعطائه الضوء الأخضر للرحيل عن النادي هذا الصيف.



وضع النقاط على الحروف!

تشير التصريحات الأخيرة لزلاتان ابراهيموفيتش الى أنه فعلاً ينوي الرحيل عن باريس سان جيرمان، إذ لمّح الى أنه ينوي التحدث مع رئيس النادي، القطري ناصر الخليفي: «لم ألتقه بعد، وأريد أن أضع النقاط على الحروف في بعض المسائل». وأضاف: «الحديث سيكون عن كل شيء، الإقامة، عن كل المواضيع. نحن على اتصال مستمر».